أدوات قارئ النص الأدبي وتحليله من أهم ما يجب الإلمام به، تزامنًا مع تواجد ملكة استنباط النص المراد وفهم نفسية كاتبه، على أن يكون على دراية بخبايا اللغة، لأن النص الأدبي ما هو إلا نتاج فكر الأديب وما يعبر عنه وجدانه وما يفكر به.. أي على النحو الأرجح هو نتاج التركيب النفسي والشخصي للكاتب المتأثر ببيئته المحيطة وتجاربه الشخصية.

أدوات قارئ النص الأدبي

إن النص الأدبي هو نسيج من الكلمات المترتبة تباعًا تعطي معنى، من شأنه أن يؤسس مرجعية ما.. وهنا نفرق بين النص المكتوب والشفوي، فالمكتوب يحمل العبء لفك شفراته حتى يتيسر فهم معناه ومراده، أما الشفوي فقد تتحقق منهجيته لأن المتكلم يساهم فيه بالتوضيح أو التحديد، فهو الأيسر.. أما عن أدوات قارئ النص الأدبي التي تساعده على فهم النص بكل أبعاده ما يلي:

  • تحديد مدى فهم النص.
  • فهم الشخصيات في النص إن وجدوا.
  • إدراك عقدة النص وهي صلب الموضوع.
  • القراءة المتمعنة.
  • تفسير النص بتجميع أجزائه.
  • مراعاة أسلوب ولغة الكاتب.
  • إعداد تحليل النص.
  • دراسة التلميح الضمني في السياق.
  • تحليل الشخصية.
  • معرفة العناصر الأساسية في النص.

وسائل فهم النص الأدبي

علاوةً على أدوات قارئ النص الأدبي التي ذكرناها آنفًا نتطرق هنا إلى أنواع المعارف التي يجب أن يكون مُلمًا بها حتى يتسنى له الفهم الجيد للنص:

  • المعرفة بالمعاجم: حتى يستكشف معاني المفردات غير المفهومة الغامضة، والتي تعتبر جديدة على القارئ.
  • معرفة علم البلاغة: توافر القدر المناسب من الأسلوب البلاغي الفصيح، واستخدام التصوير الفني وكيفية نظم الجملة.
  • الثقافة الأدبية: ليستطيع التعمق في النص الأدبي، كذلك بالإضافة إلى ثقافة الأديب.
  • علم النحو: معرفة القواعد النحوية تخول فهم المرادفات اللغوية، مع فهم كيفية تطويع الأديب لتلك القواعد بما يخدم النص الأدبي.

تحليل النص الأدبي

إن المقصود بالتحليل هنا هو استيعاب النص الأدبي من كافة جوانبه على أن يُراعى في ذلك تاريخ كتابته وطبيعة البيئة المحيطة بالكاتب والأحداث التي مر بها والتي كان لها تأثيرًا بالغًا في كتابته إياه على هذا النحو، كذلك العصر الذي عاش فيه، والذي أثرت طبيعة المواقف فيه على كتابته، سواء كانت مواقف تاريخية أو سياسية، لذا ينتج عن إدراك كل تلك الأمور تحليلًا مناسبًا للنص الأدبي.

فيجب على مُحلل النص الأدبي أن يكون على دراية باسم كاتب النص ونشأته ومولده ومن تعلم على أيديهم، وما سيرته الذاتية وفحص كتاباته المختلفة.. كل هذا بنظرة محايدة موضوعية تنأى عن الذاتية.

يتطلب التحليل أيضًا تتبع مسيرة الكاتب المهنية، والمناصب التي تقلدها وأثرت في فكره، وحالته الاجتماعية وما حال أهله وذويه.. وهذا ليس إلا لكون تلك المؤثرات هي الأساس في كتابته للنص على النحو المقروء.

بعد التطرق إلى الكاتب.. يجب التحليل بناءً على النص ذاته، بداية من العنوان إلى الخاتمة، وربط الفقرات ببعضها البعض، ومحاولة إيجاد رابط بين العناصر.. في ظل تبين اللغة التي اعتمدها الكاتب وما قصده من تلميحات خفية.

كيف يُمكن تحليل النص الأدبي في خطوات منهجية

في إطار العلم بأدوات قارئ النص الأدبي وتحليله وبناؤه، علينا أن نعلم أن هناك مجموعة من الخطوات التي تجعل تحليل النص الأدبي ممنهجًا إن اتبعها قارئه، وهي:

  • تحديد الفن الذي يندرج تحته النص الأدبي.
  • ربط فن النص الأدبي بالعصر الذي قيل فيه.
  • تحديد الفكرة العامة للنص ومعرفة مدى ترابطها مع الموضوع.
  • مقارنة الموضوع بما سبقه، وكيف أن الكاتب أضاف لسابقه.

مبادئ تحليل النص الأدبي

كما تطرقنا إلى أدوات قارئ النص الأدبي التي تخول له التحليل الممنهج، يُمكن الإشارة إلى بعض المبادئ التي يُستند إليها في تحليل النص الأدبي، كما يلي:

  • تقديم أطروحة أو اقتراح يشير إلى ملاحظة النص المراد تحليله.
  • تقديم سياق للنص دون ملخصات.
  • استخدام التنسيق الصحيح للنص.
  • مناقشة ما يحدث في النص.
  • الوضع في الاعتبار كل ما هو مكتوب والأفكار التي عبر عنها الكاتب.
  • الانتباه إلى كيفية اختيار الكلمات وبنية الجملة.
  • شرح ما توصلت إليه من خلال ربط التحليل بأهمية النص.
  • تكرار الاقتباس والتحليل للحصول على إضافة.

خطوات قراءة النص الأدبي

غنى عن البيان أن قراءة مجلة أو رواية تختلف بطبيعة الحال عن قراءة النص الأدبي، حيث إن الغرض من القراءة يختلف، لذا فإن الطريقة الصحيحة لقراءة النص الأدبي تأتي على النحو التالي:

  • القراءة المتأنية بعناية شديدة دون تسرع، مع الانتباه إلى أدق التفاصيل.
  • قراءة المقدمة لما لها من أهمية في توضيح رؤى القارئ، مما قد يثري الفهم حول النص.
  • التفاعل مع النص، من خلال التساؤل عن الأفكار المسرودة وأفعالها ودوافع كتابتها.
  • تحديد المشكلة الأساسية في النص، ومحاولة فهم هدف الكاتب منها.
  • تدوين الملاحظات حول النص.
  • ملاحظة تقسيم النص والتطرق إلى كل قسم على حدة حتى يخول لك فهمه.

خصائص النص الأدبي

للنص الأدبي مجموعة من الخصائص التي تميزه عن الفنون الثقافية الأخرى، ومن تلك الخصائص ما يلي:

  • الإلقاء له دور هام في تجسيد المعاني، لذا تعتبر مهارة الإلقاء من أساسيات التواصل مع النص الأدبي.
  • بث القيم الأخلاقية لدى الأجيال الناشئة، مما يعزز من علاقة الأدب بالأخلاق والمبادئ الفاضلة.
  • خاصية الفهم الاستماعي.
  • يثير في نفس القارئ بعض الدهشة مما يحفز على استنباط المعاني وإعادة بنائها، لاستنتاج الدلالات.
  • إظهار القواعد النحوية بشكل بديع، لدراسة المحتوى بسلاسة ووضوح.

عناصر بناء النص الأدبي

جنبًا إلى جنب مع توضيح أدوات قارئ النص الأدبي علينا أن نذكر عناصره على نحو موجز:

  • الصدق الشعوري للأديب، وقدرته على إيصال مشاعره على قدر من الإبداع والدقة.
  • الإيقاع الموسيقي في القراءة الذي يجعل النص الأدبي أكثر جذبًا.
  • قوة الأسلوب، والدمج بين ذلك وبين الواقعية في التعبير.
  • الصور البيانية التي تُجسد المعاني التجريدية.
  • تحويل الأشياء غير المحسوسة إلى محسوسة بشكل فني.
  • يعمل الخيال على توصيل الأفكار بشكل ابتكاري، علاوةً على المعاني التي يعتمد عليها النص.
  • العنصر السردي هو سمة أساسية في النص الأدبي.
  • الطلاقة في السرد، والقيمة العالية للمعاني والجمال اللفظي.

الهدف من دراسة النص الأدبي

في اللغة العربية تُحقق دراسة النص الأدبي العديد من الأهداف منها ما يلي:

  • التعمق في الثقافة العربية، والحصول على المعارف والمعلومات حولها.
  • الاطلاع على السمات الفنية التي اعتمدها الأديب لتوصيل فكرته من خلال النص الأدبي.
  • يجعل القارئ متفاعلًا مع معاني النص والقيم التي يتضمنها مما يؤدي إلى استنباطات إبداعات الأديب.

مقومات النص الأدبي

حتى يكون النص الأدبي محققًا أهدافه، وقبل أن يتم التطرق إلى أدوات قارئ النص الأدبي التي تخول له تحليله وبناؤه، يجب الإلمام بتلك المقومات التي يُبنى عليها، حتى تُحدد جودته، ومنها:

  • الصياغة الجاذبة للقارئ.
  • الأسلوب الواضح الذي يخلو من الغموض المبالغ فيه.
  • مراعاة عدم تأثر مضمون النص بوضوحه.
  • استخدام لغة بسيطة.
  • البعد عن التعقيد اللغوي والنحوي.
  • اجتناب المرادفات الغريبة التي يصعب على القارئ العادي فهمها.

النص الأدبي المعاصر

إن تنوع المدارس الأدبية يدل على شمولية الكتابة في العصر الحالي، حتى تمكن القارئ من الاطلاع على أكثر لون من الأدب، كما تعمق في كثير من القصص والأشعار، لذا جاءت المدونة الأدبية العالمية عبارة عن احتمالات شتى متاحة للقارئ حتى يجد ذاته فيما يقرأه، من هنا يتمسك القارئ بما يقرأه في محاولة منه للوصول إلى المعاني الشاملة الخاصة بالوجود الثقافي.

على أن تبعية القارئ للنص الأدبي تكون تفاعلية وتتسم بالديمومة المستمرة، حتى لا يتبخر الانسياب الملحوظ في النص، هنا يكمن تأثير النص الأدبي معنويًا على القارئ، الذي يبرز مدى دور الإنسان في إثراء الثقافات، وفي عصرنا الحالي اكتسحت التقنيات الرقمية في الساحات الثقافية ليكون النص الأدبي مجالًا للنقد والنقاش والتقييم على مستوى الشبكات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم.

فقد عملت الثورة الرقمية على فتح المجال أمام الثقافة لتنطلق بنوع جديد من الفنون.. ليتأرجح النص الأدبي بين الكلاسيكيات الفنية والثقافات المتجددة، في محاولة منه للحفاظ على رونقه المشهود، حتى يتبين هل سيظل محتفظًا برونقه أم ستتفوق الفنون الرقمية عليه.

يسعى القرّاء إلى معرفة الكيفية الصحيحة لقراءة النص الأدبي وتحليله من خلال التوغل في أسلوب الكاتب في سرده وما اعتمده من الأسلوب اللغوي والبلاغي.