ما هي حروف الإدغام بغير غنة؟ وهل هي من أحكام التجويد؟ إن علم التجويد من العلوم الهامة في اللغة العربية لبيانِه كيفية القراءة الصحيحة لِما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم من الحق، حيث إنه يتضمن عدة أحكام من ضمنها الإدغام بغير غنة وغيره مثل الإدغام بغنة والإقلاب والإخفاء والإظهار، ومن خلال السطور الآتية سنتعرف على معلومات أكثر حول الإدغام بغير غنة.

حروف الإدغام بغير غنة

يعتبر الإدغام من الأحكام التي تندرج تحت ما يعرف باسم أحكام النون الساكنة والتنوين، والتي في معناها أنها الأحكام التي يتحدد وفقها نطق حرف النون الساكن أو التنوين عندما يقرأ الإنسان القرآن الكريم، والتي تنقسم إلى أربعة أحكام وهي الإظهار والإقلاب والإخفاء وأخيرًا الإدغام.

الإدغام لغة: يعني الإدخال، أما عن تعريفه في الاصطلاح: “التقاء الحرف الساكن بآخر متحرك بحيث يصبح الحرفان عبارة عن حرف واحد مشدد، كما يجب في نطقهما النطق بارتفاع اللسان عنهما ارتفاعه واحدة” في حين أنه قيل هو النطق بالحرفين كالثاني مشدد.

حروف الإدغام في مجملها هي (ي، ر، م، ل، و، ن) والتي يعتبر في تجمع في كلمة (يرملون)، حروف الإدغام تنقسم إلى قسمين ألا وهما: حروف الإدغام بغنة وهي: (ي، ن، م، و) والتي تجمع في كلمة (ينمو) وحروف الإدغام بغير غنة هي: (ر، ل).

أمثلة على حروف الإدغام بغير غنة من القرآن

من أوائل الأمثلة في القرآن الكريم هو الإدغام المتواجد في كلمتي “هدى للمتقين” وذلك في قول الله تبارك وتعالى: “ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين” بحيث إن حرف اللام هو من حروف الإدغام بغير غنة.

كما هناك إدغام آخر وهو الإدغام الحاصل بين كلمتي “ربهم” وكلمة “من” وهذا في قول الرحمن الرحيم: “أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”، فحرف الراء من الحروف الإدغام بغير الغنة.

أما عن الإدغام بغنة فهو في كلمة “مما” في قول الله تبارك في علاه: “الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ”.

حيث إن حرف الميم من حروف الإدغام وهو إدغام بغنة، ومن أمثلته أيضًا: حرف اللام في قوله تعالى: “من لدنه” في الآية ” قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا”.

وحدوثه في كلمة من لدنه يرجع إلى أن حرف النون وقع حرفًا ساكنًا وجاء اللام متحرك فتوجب النطق لهما على أنه حرف واحد مشدد، كذلك في قوله تعالى “من ربهم” فقد جاء الإدغام مع النون الساكنة في حرف الراء.

لقد جاء مع التنوين في قوله تبارك وتعالى: “فسلامٌ لك” فقد تم تحقيق الإدغام لحرف اللام، وفي قوله تعالى “غفورٌ رحيم” جاء الإدغام بغير غنة في حرف الراء.

لقد ظهر أيضًا الإدغام بغير غنة في قوله تعالى: “أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ” والذي ظهر في كلمة من مال فلقد جاء حرف النون حرفًا ساكنًا وحرف الميم متحرك لذلك توجب حدوث الإدغام بغير غنة.

من المعروف عن النون الساكنة التي حدث لها إدغام، أنه لا يجب أن يكون هناك شيء فوقها، وهذا عندما يتقدمها إحدى الحروف الست التي ذكرناها، ويوجب ذلك وجود الشدة على الحرف الذي يليها.

تعرف نون التنوين المدغمة، بوجوب تواجد ضمتين على وضع متوازي ومتقارب، أو حتى فتحتين أو الكسرتين على وضع متوازي ومتباعد عن بعضهما فوق الحرف الأخير، في الكلمة السابقة لإحدى هذه الحروف الستة.

لقد سمى علماء التجويد الإدغام بغنة أنه إدغامًا ناقصًا ويرجعه هذا لذهاب الحرف (النون أو التنوين) وتبقى الصفة كما هي وهي الغنة، كما أنهم اسموا الإدغام بغير غنة بالإدغام الكامل وقد أرجعوا هذا لذهاب الحرف والصفة معًا.

أما في حال جاءت تلك الحروف الستة بعد حرف النون في كلمة واحدة، فإن ذلك يستوجب حدوث حكم الإظهار والذي يعرف في تلك الحالة بالإظهار المطلق، ويرجع هذا لعدم تقيد مواضع مخارج الحروف، كما أنه قد تحقق هذا من خلال أربع كلمات في القرآن الكريم كله، ألا وهي: (دُنيا، بُنيان، قِنوان، صِنوان).

الاستفادة من علم التجويد

منطقيًا من المهم والضروري أن يعرف الإنسان ما هي الفائدة التي تعود عليه من دراسة علم هام كعلم التجويد بالأخص في ظل دراسته للحروف كحروف الإدغام بغير غنة وغيرها من الحروف ومختلف المواضع في القرآن الكريم.

فإن علم التجويد هو الذي يعين الإنسان على القراءة الصحيحة للقرآن وبشكل متقن، وهذا في محاولة ألا يقع الإنسان في أخطاء القراءة والتي تندرج تحت نوعين من اللحن في قراءة القرآن بشكل خاص وهما:

  • اللحن الظاهر: وهو الخطأ الذي يقع فيه الإنسان بتغيير الحروف أو الكلمات مما يؤدي إلى إفساد المعنى لكلمات القرآن الكريم، وهو الأمر الذي يعد من أخطر الأخطاء التي قد يقع بها الإنسان، لأن تلك الآيات هي منزلات من عند الله جل في علاه لا يجوز التغيير في معانيها.
  • اللحن الخفي: وهو النوع الآخر من الخطأ الذي قد يسهو الإنسان عنه، وهو أن يستطيع الإنسان أن ينطق الكلمات والمعنى الصحيح ولكن يقع في إهمال أحكام التجويد، مما ينتج عنه التأثير القوي في القراءة وإتقانها، وهذا اللحن من الأخطاء المكروهة عند العلماء.

ماهية أحكام التجويد

علم التجويد هو أحد العلوم الشرعية التي تعين على تعليم المسلم مختلف الأحكام التي تهمه في قراءة القرآن الكريم بشكل صحيح وسليم دون الوقوع في الزلل أو الخطأ، كما أن أحكام التجويد تختلف ومن أهمها:

1- حكم الإظهار

الإظهار في اللغة فهو: البيان، وتعريفه اصطلاحًا: فهو إخراج كل حرف من مخرجه بغير وجود غنة ظاهرة.

أما عن حروف الإظهار فهي كالآتي: ( ء، هـ، ع، ح، غ، خ) وقد أجمعها علماء التجويد في أوائل الكلمات الآتية: “أخي هاك علمًا حازه غير خاسر” ، ومن أبرز أمثلة حروف الإظهار في القرآن الكريم:

  • الهمزة: تأتي مع النون الساكنة في (من ءامن) (وينئون عنه) كما قد جاء أيضًا في (من ءال فرعون).
  • حرف الهاء: مع النون الساكنة في (ينهون)، ومع التنوين (قومٍ هاد).
  • الحاء: تأتي مع النون الساكنة: (تنحتون) ومع التنوين: (عليمًا حكيمًا).
  • الخاء: مع النون الساكنة: (الأنعام) أما مع التنوين ففي الآية (أجرٌ عظيم).
  • حرف غ: مع النون الساكنة (من غل) ومع التنوين (عفوٌ غفور).

2- حكم الإقلاب

في اللغة فهو تحويل الشيء عن وجهه، أما في الاصطلاح: فهو عبارة عن جعل الحرف في مكان آخر، وقد وجد في حرف واحد من الحروف الأبجدية العربية وهو حرف الباء.

كما من المعروف في المصحف الكريم أن النون الساكنة المقلبة توجد بوجود حرف الميم بالرقعة على حرف النون، وقلب حرف الباء في كلمة أو كلمتين مثال ذلك: من بعد.

3- حكم الإخفاء

الإخفاء في اللغة العربية فهو الستر، وفي الاصطلاح فقد عرفه علماء التجويد أنه عبارة عن: “النطق بالحرفين بصفة تقع ما بين الإظهار والإدغام في غير تشدد مع إبقاء الغنة متواجدة في الحرف الأول” في حين أتى بعدها أحد الحروف 15 الباقية والتي تتواجد في أول حرف من كلمة من الكلمات التالية:

“صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما – دم طيبا زد في تقى ضع ظالما” وهي (ص، ذ، ث، ك، ج، ش،ق، س، د، ط، ز، ف، ت، ض، ظ).

4- حكم القلقلة

هي إحدى مصطلحات علم التجويد والتي تأتي في معناها أنها اضطراب الصوت عن نطق الحرف الساكن حتى يتم سماعه بنبرة قوية، وحروف القلقة: قام العلماء في تجميعها في كلمة ” قطب جد” والتي هي: (ق، ط، ب، ج، د).

يتم تحقيق القلقلة في حالة ورود حروف ساكنة في منتصف الكلمة أو حتى في آخرها حيث يقول ابن الجزري في الجزرية:

وبينن مقلقلًا إن سكنا وأن يكن في الوقف كان أبينا

إنه من الأهمية بمكان أن يتطرق الإنسان لمعرفة المزيد من المعلومات حول العلم الذي يهتم بقراءة كتاب الله تبارك وتعالى.