لماذا لم يحترق الكتاب الذي ألقاه جابر في النار؟ وما قصة ذلك الكتاب؟ يعد جابر بن حيان أحد مؤسسي علم الصيدلة الحديثة، فكان يعمل في مجالات العطارة والفلسفة والطب بالإضافة إلى اهتمامه بالاختراعات الكيميائية والموسيقى وتأليف الكتب وكتابة المخطوطات، لذا يجب الاهتمام بمسيرته وتوضيح قصة الكتاب الذي قام بإلقائه في النار ولم يحترق.

لماذا لم يحترق الكتاب الذي ألقاه جابر في النار

من أبرز أعمال جابر بن حيان اختراع الورق الذي لا يتأثر بالنار.. حيث طلب منه العالم الفقيه جعفر الصادق اختراع نوع من الورق لا يحترق لاهتمامه بكتابة المخطوطات كاملة، فكان لديه رغبة في الحفاظ على كل ما يقوم بكتابته لتكون مدونة في التاريخ، حيث حاول جابر بن حيان عدة مرات حتى نجح وتمكن من الوصول إلى الاختراع، وهنا تكمن إجابة سؤال لماذا لم يحترق الكتاب الذي ألقاه جابر في النار؟

حيث قام جابر بن حيان بتقديم له ذلك الورق وقام بتدوين عليه المخطوطات حتى اكتمل كتابًا وأثناء تواجد الإمام جعفر الصادق بين طلابه وضيوفه أتى جابر بن حيان وألقى بالكتاب في النار.. اندهش الجميع مما قام به لكن أكثر ما زاد من دهشتهم هو أن الكتاب خرج سليم لم يتأثر بالنار ولم يحدث له شيء.

من هو جابر بن حيان؟

حين البحث عن إجابة سؤال لماذا لم يحترق الكتاب الذي ألقاه جابر في النار؟ يمكن الإشارة إلى نبذة عن حياته.. فجابر بن حيان هو عراقي الأصل وُلد في اليمن عام 721 م فكان والده من مناصري الدولة العباسية وظل يدعمهم إلى أن تم قتله على يد الأمويين وذلك سبب هروب أسرته إلى اليمن.

درس جابر بن حيان القرآن والفقه والعلوم الأخرى وكان يمارس مهنة والده الذي يعمل صيدلانيًا بين الحين والآخر.. عاد إلى الكوفة عند انتصار العباسيين على الأمويين وانضم إلى حلقة الإمام جعفر الصادق الذي علمه الفقه والشريعة والعلوم اللغوية والكيمياء، بالإضافة إلى دراسته على يد الحميري.

مارس جابر بن حيان الطب تحت وصاية الوزير جعفر البرمكي عندما وجهه الخليفة هارون الرشيد إلى ذلك ليكون على دراية كاملة بمزاولة المهنة.. كان يعيش جابر في دمشق ويقضي معظم أوقاته منعزلًا عن الجميع يقوم بدراسة الكيمياء باجتهاد بالإضافة إلى العلوم الأخرى، فقد كان شديد الاجتهاد والإيمان لكنه كان من المتصوفين.

وصفه الكثير بأنه كان طويل القامة كثيف اللحية لذا أطلق عليه البعض الأستاذ الكبير وشيخ الكيميائيين وأبو الكيمياء وملك الهند، وأهم من تلك الألقاب أنه مؤسس علم الكيمياء فظل يدرس في ذلك المجال حتى تم سجنه في الكوفة لأمور سياسية وظل في السجن حتى توفى عام 813 م.

اكتشافات جابر بن حيان

في سياق إجابة سؤال لماذا لم يحترق الكتاب الذي ألقاه جابر في النار؟ يمكن بيان أن لجابر بن حيان الكثير من الإسهامات في مجال الكيمياء والكثير من المجالات الأخرى ومنها الآتي:

1- في مجال العلوم المادة

كان لجابر بن حيان الكثير من الكتابات الأدبية في مجال الكيمياء.. فكانت تحتوي على بعض تجارب علماء الفرس في الوصول إلى استخلاص معادن معينة ومحاولة التعديل عليها وإجراء التجارب المختلفة عليها لمحاولة الوصول إلى اكتشافات مختلفة، بالإضافة إلى توضيح أصل المواد الكيميائية التي يرجع إلى علماء الفرس.

بالإضافة إلى إدخال المنهج التجريبي الخاص باختراع المواد القلوية فكان له الفضل في انتشار الكثير من المواد على مستوى العالم ومحاولة العلماء في إجراء التجارب المختلفة عليها لتوظيفها في المكان المناسب.

2- في مجال الكيمياء

كرس العالم الجليل جابر بن حياته للكيمياء وهنا تكمن إجابة سؤال لماذا لم يحترق الكتاب الذي ألقاه جابر في النار؟ فهو قادر على التحكم في المواد المختلفة للوصول إلى النتائج المرجوة لذا هو قام بالوصول إلى الورق الذي لا يحترق بالنار، فقام بتكرير المعادن وإدخال العناصر الذرية في الكثير من التجارب.

فجاء في كتابه المسمى بالمعرفة بالصفة الإلهية والحكمة الفلسفية (يظن بعض الناس خطأً أنه عندما يتحد الزئبق والكبريت تتكون مادة جديدة في كُلِّيتها. والحقيقة أن هاتين المادتين لم تفقدا ماهيتهما، وكل ما حدث لهما أنهما تجزَّأتا إلى دقائق صغيرة، وامتزجت هذه الدقائق بعضها ببعض، فأصبحت العين المجردة عاجزة عن التمييز بينهما…

…ظهرت المادة الناتجة من الاتحاد متجانسة التركيب، ولو كان في مقدرتنا الحصول على وسيلة نفرق بين دقائق النوعين، لأدركنا أن كلاً منهما محتفظ بهيئته الطبيعية الدائمة، ولم تتأثر مطلقًا).

فتلك هي النظرية الذرية التي وضعها العالم جون دالتون فيما بعد، حيث قام جابر بن حيان المواد إلى ثلاثة أقسام منفصلة تعتمد على خصائص تلك المواد، وهي تتمثل في الآتي:

  • مواد الأغوال: وهي المواد التي تتبخر عند تعرضها لدرجة حرارة مرتفعة.
  • المركبات: هي التي يمكن تحويلها إلى مسحوق.
  • المعادن: وذلك القسم يضم الذهب والفضة والحديد والنحاس.

3- اكتشافاته في المجالات المختلفة

رأى الكثير من العلماء أن لجابر بن حيان الكثير من المخطوطات في المجالات المختلفة لكن تم الإساءة إليها في التقدير من علماء الغرب، فقد كان له مساهمات في علم الطب والكونيات والسحر والأحياء والهندسة والموسيقى والنحو والفلك وما وراء الطبيعة، فكان له البادرة في عدة أمور منها الآتي:

  • الاحتراق: وصل العالم جابر بن حيان إلى أصل المواد التي يمكنها الاحتراق والمواد الأخرى غير القابلة لذلك، كما يعتبر أول من توصل إلى الكبريت واستخدمه في الإشعال.
  • الميزان: أول من قام باستخدام الميزان في قياس المحاليل الخاصة بالتجارب الكيميائية هو العالم جابر بن حيان، حيث قام باختراع وحدات خاصة تناسب المحاليل وهي جزء من الجرام وتسمى الحبة.
  • الورق والحبر: وصل العالم جابر بن حيان إلى الحبر كنوع من المواد الذي يمكنه الثبات على الورق عند كتابة المخطوطات، بالإضافة إلى الوصول إلى نوع معين يظهر في الظلام لإمكانية قراءة الرسائل في الظلام.
  • الطلاء: اكتشف جابر نوع من الطلاء يمكنه الحفاظ على المواد من الصدأ وعند غمر الملابس به يكون مضاد للماء.

4- إنجازات أخرى

من الجدير بالذكر أن للعالم جابر بن حيان الفضل في الوصول إلى الكثير من الاختراعات، لذا يمكن إيجاز ما قام به في النقاط الآتي:

  • هو أول من قام بالتوصل إلى طريقة تساعد في فصل الذهب عن الفضة باستخدام المواد الحمضية.
  • أكتشف الكثير من الأحماض مثل حمض الهيدروكلوريك وحمض النيتريك وحمض الكبريتيك.
  • قام بتعديلات متعددة على طرق التبخير والتصفية والانصهار والتبلور.
  • قام بالوصول إلى أول طريقة يمكن التقطير من خلالها.
  • اكتشف الصودا الكاوية.
  • نجح في استحضار ماء الذهب.
  • أضاف الكبريت والزئبق إلى عناصر اليونان الأربعة.
  • تمكن من إعداد المواد الكيميائية مثل سفليد الزئبق وأكسد الأرسين.
  • صنع نوع من الأوراق لا يتأثر بالنار.
  • وضع في مخطوطات بالتفصيل طريقة تحضير الزرنيخ والانتيمون.

لا يمكن معرفة القيمة الحقيقة لما ورد عن العالم الجليل جابر بن حيان إلا عند تجميع مخطوطاته كاملة وبذل مجهود في دراستها، ليكون العالم قد حصل على قيمته الحقيقية.