أنواع الزخرفة الكتابية مُتعددة، حيث إن فن الزخرفة من أقدم الفنون التي عرفها الإنسان؛ إذ كان يستخدمها في تزيين ملابسه والأواني الخاصة به بالإضافة إلى تزيين القصور والمساجد والكنائس، كما أنها تعبر عن ثقافة الشعوب فالطريقة التي تستخدم للزخرفة والنقوش المستخدمة غالبًا ما تعبر عن حضارةٍ ما، والزخرفة فن اشتهر عن البلاد العربية ولعل أشهر تلك البلاد مصر، العراق، كما عرفت بها بلاد المغرب.

من أنواع الزخرفة الكتابية

الزخرفة الكتابية المقصود بها زخرفة الكلام والعبارات المكتوبة باللغة العربية، وزخرفة المباني بها وقد عرفت العمارة الإسلامية ذلك النوع من الزخارف وتميزت به كثيرًا، ويطلق على هذا الفن فن التزويق أو الرقش، أما عن الزخرفة الكتابية فيطلق عليها الزخرفة الخطية؛ لاعتماد الفنان التشكيلي فيها على الخط وأنواعه وأشكاله.

تتنوع أشكال الزخرفة الكتابية تبعًا لبعض العناصر والتي منها نوع الأداة المستخدمة في عملية الزخرفة ونوع الخط المستخدم فيها، بالإضافة إلى السطح الذي يتم عليه عملية الزخرفة، ويمكن حصر أنواع الزخرفة في نوعين وهما كالآتي:

1- الزخرفة النباتية

هي أحد أنماط الزخرفة المستخدمة منذ العصور الإسلامية الأولى، حيث يعتمد الفنان على الطبيعة كمصدر أساسي من مصادر الإلهام له ويحاول أن يحاكيها، كما أن الفنانين الذين يقومون بفن الزخرفة النباتية يقومون باستخدام جذوع النباتات وأوراقها في الكتابة عليها.

تعد من أشهر أنواع الزخارف النباتية زخارف الأرابيسك التي انتشرت في القرن التاسع الميلادي، ومن أشهر فناني الزخرفة الأرابيسك هو ابن العراق الفنان السمرائي ابن طولون، وقد تميز في زخرفة الأرابيسك خاصةً في حقبة الدولة الطولونية في مصر، وكان ذلك الفن من الزخرفة يستخدم بكثرة في المباني والمساجد.

كما استخدم الفنانون الزخارف النباتية في النقش على التحف الخشبية وكل الزخارف النباتية تتميز بالدقة والإبداع والجمال، وتطور ذلك النمط من الزخارف النباتية في مصر خاصةً في عصر الدولة الفاطمية؛ حيث أصبحت تلك الزخارف إبرازًا لقدرة الخالق وجمال خلقه، ويمكن رؤية أجمل الزخارف النباتية في قبة الصخرة أو جامع القيروان.

2- الزخارف الهندسية

تعتبر من أدق أنواع الزخارف الإسلامية؛ إذ يستخدم الفنانون فيها الأشكال الهندسية المختلفة كالمربع والمستطيل والأشكال الحلزونية، والأشكال الهندسية كالفرجار، ومن أشهر زخارفهم الهندسية النجمة الثمانية ذات الثمان رؤوس، ويعتبر هذا النوع أكثر أنواع الزخارف دقة وجمال.

تطورت الزخرفة الهندسية مع تطور الأدوات المستخدمة ودخولنا في عصر الحاسوب، حيث إن المبرمجين قد قاموا بإنشاء عدة برامج تساعد الفنانين على إقامة أعمالهم، بالإضافة إلى التحكم في أشكال الزخارف الهندسية بدقة شديدة، وإمكانية الإضافة أو التعديل عليها مع استخدام الأدوات والألوان المختلفة بشكل مميكن ودقيق.

تنقسم الزخارف الهندسية إلى عدة أنواع تقسم حسب المادة المستخدمة في الكتابة عليها والأدوات المستخدمة في الزخرفة، حيث يمكننا تقسيم الزخارف الهندسية بتلك المعايير إلى نوعين وهما:

  • زخرفة الخزف: يستعين فيه الفنانون ببعض المواد الكيميائية محاولين إبراز فنهم حيث تتنوع زخرفة الخزف وتنقسم إلى عدة أنواع مثل الزخرفة البارزة والمنقوشة والزخرفة المذهبة فكل تلك الزخارف من أنواع الزخارف الخزفية والتي تعود في الأصل إلى فن الزخرفة عند الإغريق.
  • زخرفة الجلود: هو أحد أنواع الزخارف الهندسية التي تتم على جلود الحيوانات المعدة لعملية الزخرفة، وغالبًا ما تكون مزخرف عليها آيات من القرآن الكريم بدقة وبراعة وجمال، وذلك يعد من أنواع الزخرفة الكتابية.

أنواع الخطوط العربية

تعددت أنواع الخطوط العربية التي تستخدم في فن الزخرفة وتتنوع أشكالها وأصولها والأدوات المستخدمة لكتابة كل خط منها، فاللغة العربية لغة الخط والجمال، ويمكن حصر أنواع الخطوط العربية في نوعين وهم كالتالي:

أولًا: الخط الكوفي

في سياق معرفة المزيد من أنواع الزخرفة الكتابية نوضح أن الخط الكوفي يعتبر من أقدم الخطوط المستخدمة في اللغة العربية، حيث ظهر مع بداية ظهور الإسلام في مدينة الكوفة في أواخر القرن السابع الميلادي وقد استخدم بكثرة في العمارة الإسلامية بالإضافة إلى أهم شيء استخدم فيه ذلك الخط وهو نسخ المصاحف فيما قبل القرن الرابع الميلادي.

قد ظهر امتدادًا للخط الكوفي عدد من الخطوط العربية، حيث إن الخط الكوفي يشمل حوالي ثلاثين خط وقد انشق عنهم أوله وهو خط المشق الذي نسخت به عددٌ من المصاحف في القرن الأول الهجري وفي ذلك الخط حرفة ومهارة، وانشق عنه خط المحقق والذي استخدم في نسخ المصاحف، وتميز بزخرفته بالنقاط وتساوت فيه الأسطر والمسافات بينها.

يكتب ذلك الخط بقصبة ذات قطة واحدة، ولعل أفضل من كتب به كما اتفق المحققون سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حتى أن أكثر الباحثين يعتقدون أن سيدنا علي بن أبي طالب هو من أوجد ذلك الخط.

يتسم الخط الكوفي باستقامة زوايا حروفه؛ نظرًا لاستخدامه في زخرفة المباني والمساجد، حتى أن بعض فناني الخط طوروا أدوات كتابته حتى بدء يكتب بفروع الشجر حتى أطلق عليه “الخط الكوفي المزدهر” وأخذ ذلك الخط يتطور وتتطور أدواته حتى عصرنا هذا.

ثانيًا: خط النسخ

هو أحد الخطوط التي يستخدمها الفنانون في عملية الزخرفة، وواحد من الخطوط العربية الستة ويتميز بالعديد من المميزات كالرصانة والبساطة، وسُمي بخط النسخ؛ نظرًا لأن الخطاطين كانوا يستخدموه في نسخ المصاحف والمخطوطات لسهولة استخدامه وسرعتها التي تمكن الكاتب من النسخ بطريقة سريعة.

قد أوجد ذلك الخط ابن مقلة الشيرازي في أوائل القرن الرابع الهجري وقد شارك في تطويره كثير من الخطاطين العرب والأتراك، والذين مازالوا يطورون فيه حتى عصرنا الحالي، ولا شك أنه من أفضل وأجمل الخطوط العربية وأكثرها تنوعًا واستخدامًا سواء في العصور الأولى في الإسلام أو في العصور الحالية.

يستخدم خط النسخ في كتابة الصحف والمجلات وغيرها من الفنون الكتابية، وقد تطور هذا الخط مع تطور غيره من الخطوط في عالم العولمة واستخدام الحواسيب، فتم وضع خط النسخ وكذلك بقية الخطوط في أنظمة الكتابة المستخدمة على الحواسيب والهاتف المحمول وقبلهم في الآلات الكاتبة.

تتعدد أنواع وأنماط خطوط النسخ المستخدمة في الزخرفة والكتابة ولعل أشهرها خط اللوتس وخط البيان المستخدمان في نظامي الماكنتوش والويندوز لأن تلك الخطوط تتميز عن غيرها بوضوح التركيب وسهولة كتابته وسرعته ولذلك أصبح هذا الخط هو المفضل عند أصحاب المجلات والصحف، ذلك الخط هو الأكثر استخدامًا في أنواع الزخرفة الكتابية.

أهم قاعدة في فن الزخرفة

من أهم قواعد فن الزخرفة قاعدة الموازنة، حيث يتوازن أشكال الحروف المزخرفة مع المساحة المزخرف عليها والمادة المستخدمة في ذلك بالإضافة إلى تناسق الألوان والتناسق الإشعاعي والوهمي اللذان يعتبران من أهم أنواع التوازن وأصعبهما تحققًا، بالإضافة إلى التناسق الوهمي الذي هو من أصعب أنواع التناسب التي يسعى الفنان لتحقيقها.

الزخرفة فن من الفنون التي برع فيها الإغريق والقدماء المصريون، ومن الفنون التراثية التي تعبر عن ثقافة كل شعب، وازدهر ذلك الفن في عصر صدر الإسلام ووصل إلى ذروته في عصر الدولة الطولونية.