ما حكم سجود السهو في الصلاة؟ وما مواضعه؟ إنَّ سجود السهو هو سجدتين يقوم بهما المصلي حتى يجبر الخلل الذي أحدثه في صلاته سهوًا، يقوم به المصلي منفردًا أو في صلاة الجماعة مع الإمام، وقد نقل إجماع الأئمة بعض الأحكام في ذلك نتطرق إليها فيما يلي.

حكم سجود السهو في الصلاة

حتى تتسنى تأدية الصلاة على أكمل وجه يجب العلم بكافة الأحكام التي تتعلق بالصلاة، فهي من أجلّ العبادات المفروضة التي على المسلمين جميعًا عدم التكاسل فيها أو إغفالها، قليلٌ من يمكنه الخشوع التام في الصلاة، وللخشوع درجات بطبيعة الحال، إلا أن السهو أمر وارد الحدوث.

خاصةً لمن يفتقدون درجة من درجات الخشوع، ولكن للسهو أنواع، من هنا كان لكل نوع حكمه، وتأثيره على صحة الصلاة، إن سجود السهو واجب، ففي حالة حدث السهو في الصلاة يعتبر سجود السهو مكملًا للصلاة، هذا ما أمرتنا به الشريعة الإسلامية السمحة.

فمثلًا إن نسي المُصلي الركوع أو السجود أو التشهد الأول لابد أن يسجد سجدة السهو، أما في حال نسي المصلي ركعة أو ركعتين، وقد سلم من الصلاة، عليه أن يُكمل صلاته ويأتي بسجود السهو.. من هنا علمنا أن حكم سجود السهو في الصلاة أمر واجب.

مواضع سجود السهو

في طريقة سجود السهو تعددت أقوال الفقهاء، حيث أصبح هناك أكثر من رأي يسعنا تقديمه فيما يلي:

  • أن يكون سجود السهو قبل التسليم من الصلاة.
  • سجود السهو يتم بعد الانتهاء من الصلاة والتسليم.

جمع آخر من العلماء ذهب إلى أن الأمر متوقف على حالة المصلي، فمثلًا:

  • إن كان نسي ركن من أركان الصلاة يكون سجود السهو بعد التسليم منها.
  • إن زاد شيء عن الصلاة، يكون سجود السهو قبل التسليم منها.

إلا أن في اختلاف الفقهاء رحمة، فيجوز للمسلم أن يعمل بأي وجه من الوجوه في مواضع سجود السهو على سبيل التخفيف له.

ما يستدعي سجود السهو في الصلاة؟

بعد بيان حكم سجود السهو في الصلاة نتطرق إلى الحالات التي تتطلب السجود، كما يلي:

  • في حال زاد المصلي شيء في الصلاة.
  • إذا كان هناك نقصان شيء من الصلاة.
  • في حالة التشكك في الصلاة.

أما في حالة السرحان أو شرود الذهن أثناء تأدية الصلاة، فلا يعول هاهنا على سجود السهو، حيث تعتبر الصلاة صحيحة، والسرحان لا يعد بذاته سببًا لسجود السهو، مع العلم أنه يجب الابتعاد قدر الإمكان عن السرحان في الصلاة، والاستعانة بالله، والصلاة في خشوع وتدبر وخضوع لله تعالى، والاستعاذة من الشيطان الرجيم الذي هو مسبب هذا الشرود، على أن يكون ذلك قبل البدء في الصلاة.

كذلك أثناء الصلاة من الأمور التي تعمل على منع السرحان والشرود أن يتدبر المصلي آيات القرآن الكريم، ويدرك كم عظمة الخالق، فهو يصلي أمامه، لذا يستنكر الشرود وعدم الخشوع، فما أجلّ من الوقوف بين يدي الله وما أعظم من الصلاة يستدعي تدبرًا وخشية!

هل نسيان سجود السهو يبطل الصلاة؟

في حال لم يكن لسجود السهو سببًا، وأدّاه المصلي عن جهل فإن صلاته غير مبطلة، لأن السهو يعد زيادة من جنس الصلاة، فلا يترتب على نسيانه بطلان، أما عند ترك سجود السهو عن عمد فإن العلماء قد اختلفت مذاهبهم، فمن الحيطة ألا يتعمد ترك سجود السهو نظرًا لاختلاف العلماء ما بين بطلانه للصلاة من عدمه.

حكم من نسي سجود السهو

في حالة نسيان المصلي له تكون الصلاة صحيحة، إلا أنه وجب عليه سجود سجدتين في حالة تذكر سجدة السهو، سواء كان ذلك في المسجد أم المنزل، هناك من العلماء من عزم على أنه في حالة طال الفصل بين نسيانه السجود وتذكره إياه فذلك يُسقط عن المصلي سجدة السهو، لكن الأرجح في آراء العلماء أنه، حتى لو طال الفصل فإنه يستلزم سجود السجدتين بنية السهو.

سجود السهو في السنة النبوية

توجد الكثير من الأدلة في السنة النبوية المطهرة للتأكيد على أن حكم سجود السهو في الصلاة واجبًا، منها الأحاديث التالية:

  • صلَّى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ إبراهيمُ فلا أَدري زادَ أم نقصَ فلمَّا سلَّمَ قيلَ لَهُ يا رسولَ اللَّهِ أحدَثَ في الصَّلاةِ شيءٌ قالَ وما ذاكَ قالوا صلَّيتَ كذا وَكَذا فثنى رجلَهُ واستَقبلَ القِبلةَ فَسجدَ بِهِم سَجدتينِ ثمَّ سلَّمَ فلمَّا انفتلَ أقبلَ علَينا بوَجهِهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ إنَّهُ لو حَدثَ في الصَّلاةِ شيءٌ أنبأتُكُم بِهِ ولَكِن إنَّما أَنا بشَرٌ أَنسى كَما تنسونَ فإذا نَسيتُ فذَكِّروني وقالَ إذا شَكَّ أحدُكُم في صلاتِهِ فليتحرَّ الصَّوابَ فليُتمَّ عليهِ ثمَّ ليسلِّم ثمَّ ليسجُدْ سَجدتَينِ (صحيح البخاري).
  • إذا شَكَّ أحَدُكُمْ في صَلاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أمْ أرْبَعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ ولْيَبْنِ علَى ما اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ، فإنْ كانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ له صَلاتَهُ، وإنْ كانَ صَلَّى إتْمامًا لأَرْبَعٍ كانَتا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطانِ” (صحيح مسلم).
  • “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: إنَّ أحَدَكُمْ إذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَ الشَّيْطَانُ، فَلَبَسَ عليه حتَّى لا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وجَدَ ذلكَ أحَدُكُمْ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وهو جَالِسٌ” (صحيح البخاري).

تتعدد الأحكام التي يجب على المسلمين الإلمام بها، منها السهو، الذي في أدائه إبعادًا عن المكابرة أو الوساوس الوارد حدوثهما مع السهو في الصلاة.