الدليل على ربوبية الله هو ماذا؟ وما علاقة توحيد الربوبية بتوحيد الألوهية؟ حيث إن الله إلهًا واحدًا لا شريك له، لم يلد ولم يولد، وهذا ما يعلمه جميع المسلمين ونزل في كتاب الله، ولكن أعطانا الله عز وجل العديد من الأدلة على ربوبيته، منها الفطرية، والعقلية وأيضًا الكتابية، وحتى لا يقع أحد في حيرة بين تلك الدلائل سنذكرها تفصيليًا.

الدليل على ربوبية الله هو

هناك العديد من الدلائل على ربوبية الله عز وجل، ولكن قبل التطرق إلى ذكر تلك الدلائل يجب العلم أن الربوبية عبارة عن نوع من أنواع التوحيد، وهو الذي يتضمن إثبات ذات الله تعالى، لذا بالاطلاع على ما ورد في القرآن الكريم قوله “ٱلحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلعَٰلَمِينَ”، حيث إن توحيد الربوبية من شأنه إثبات ذات الله سبحانه وتعالى.

كما يجب الاعتقاد بأنه هو الخالق الواحد المدبر لكل أمر، والمتصرف وحده ولا يشاركه أحد، وتكمُن الإجابة على سؤال الدليل على ربوبية الله هو، في الآتي:

  • دلالة الفطرة: تعتبر الفطرة هي واحدة من معاني القوة التي وضعها الله سبحانه وتعالى في الإنسان مُنذ لحظة وجوده في الدنيا، والإنسان بطبيعته يولد على فطرة توحيد الله عز وجل، واللجوء إليه في جميع الأمور، وذلك وفقًا لقول أبو هريرة -رضيَ الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (ما مِن مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ علَى الفِطْرَةِ، فأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أوْ يُنَصِّرَانِهِ، أوْ يُمَجِّسَانِهِ).
  • دلالة الأنفس: إن حديث النفس يعتبر من أصدق الأحاديث التي يمكن أن يستمع إليها الإنسان للتأكد من صحة كل ما يدور حوله، والتي تتمثل في إمعان الإنسان النظر في ربه، والتدبر في خلقه، والعلم بأن هناك ربًا حكيمًا وراء تلك الصورة، ويمكن الاستدلال بذلك من قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَك* فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ).
  • دلالة الكون: تعتبر تلك الدلالة واحدة من الأشياء الواضحة جدًا لجميع الناس، وعلى الرغم من تشكيك الكفار في قدرة الله على خلق هذا الكون، إلا ألا أحد منهم إلى الآن أثبت أنه يستطيع أن يخلق سماء ويرفعها بلا عمد، أو إنسان ويبث فيه الروح، وذكر الله تعالى في كتابه العزيز عن تلك الأدلة حين قال: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
  • دلالة القرآن الكريم: إن الدليل على ربوبية الله هو جاء في القرآن الكريم في العديد من الآيات القرآنية، ومنها قول الله تعالى: (أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)، وكذلك قول (اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)، وقول الله تعالى: (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ)، وقوله تعالى: (ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)، وهناك العديد من الأدلة الأخرى.

فضائل توحيد الربوبية

توحيد الله عز وجل من الأشياء التي لها ثمرات وفضائل لا تعد ولا تحصى، حيث إنه مجرد ما يقر الإنسان أن الله واحد لا شريك له، يدخل في نطاق المؤمنين الموحدين بالله لا شريك له، وفي صدد تعرفنا على إجابة سؤال الدليل على ربوبية الله هو ماذا، سوف نذكر فضائل توحيد الربوبية، من خلال النقاط التالية:

  • إقرار الإنسان بأن الله عز وجل واحدًا لا شريك له، من شأنه نزع الخوف من قلبه، وتحليه بالشجاعة أمام جميع الأمور التي تواجه في حياته، وذلك وفقًا لقناعته التامة بأن كل ما يصيبه كتبه الله عليه، وكل ما يحدث معه من خير كتبه الله له، ورب الخير لا يأتي إلا بالخير.
  • لن يطمع الإنسان في الحصول على كرم إنسان آخر مثله، وذلك الأمر يجعله يبتعد تمامًا عن أن يذل نفسه للبشر، نظرًا لقناعته التامة بأن لا يُقضى شيئًا إلى بأمر الله عز وجل.
  • راحة البال والأنس واحدة من أهم فضائل توحيد الربوبية له عز وجل، حيث إنه عندما يصاب الإنسان بشدائد يعلم أن الله عز وجل هو من قدر ذلك، وهو كفيل به، وكفى بالله وكيلا، كل ذلك يساهم في إدخال الطمأنينة والراحة إلى قلب المسلم.
  • الإقدام على الحياة بنفس فرحة، وذلك من خلال الإيمان التام أن رب الخير يهب لنا كل الخير، ولذلك سوف يقل الندم على الأشياء التي لم تحدث، حيث إنها قد تكون شرًا ابعده الله بقدرته وعزته.

مظاهر الابتعاد عن توحيد الربوبية

إن الابتعاد عن توحيد ربوبية الله عز وجل، يعتبر أول طريق الكفر بالله، والانحراف عن التوحيد هو أن يعتقد الإنسان أن الله عز وجل له شريك في الملك، وعلى الرغم من أن الدليل على ربوبية الله هو التوحيد، إلا أن أغلب الناس ابتعدوا عن ذلك الأمر، وبدء منهم من يختلق الأكاذيب، وفي سياق الإجابة على سؤال، سوف نذكر أبرز مظاهر الانحراف عن توحيد الله عز وجل ما يلي:

  • إسناد خصائص الله إلى غيره: يتم هذا من خلال اعتقاد الإنسان أنه يوجد شخص آخر يمكنه أن يدفع الضرر، أو يجلب الرزق، أو يُشفي المرضى، حيث إن كل تلك الأشياء بيد الله عز وجل، ومن يفعل ذلك فقد شرك بالله، ومن أبرز الأمثلة على تلك الظاهرة من يقوموا باللجوء إلى السحرة والدجالين.
  • إنكار قدرة الله تعالى: عندما يبدأ الإنسان في التفكير في أن الله عز وجل لا يقدر على فعل شيء ما، يكون في تلك الحالة ابتعد عن توحيد ربوبية الله، وعلى سبيل المثال الأشخاص الذين ينكرون وجود حياة بعد الموت، أو يكذبون يوم القيامة، كل تلك الأشياء يمكنها أن تخرج الشخص من رحمة الله تعالى، وتجعله يشرك بالله.
  • ن تكذيب وجود الله: هناك العديد من الأشخاص ومنهم علماء وأدباء كبار، قاموا بتكذيب وجود الله عز وجل، وهم من نطلق عليهم الملحدين، حيث إنهم يقومون بإسناد وجود الكون والإنسان وفقًا لتغيرات طبيعية وجيولوجية، أو إسناد خلق الإنسان إلى بعض التطورات الجينية التي حدثت على بعض الحيوانات، وكل ذلك يندرج تحت الشرك بالله، لقوله تعالى: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ).

علاقة توحيد الربوبية، بتوحيد الألوهية

يعتبر توحيد الربوبية جزءً لا يتجزأ من توحيد الله عز وجل، لذلك يمكننا القول إن من أقر بربوبية الله تعالى، وخلقه للكون، والإقرار بأنه المتصرف الأول والأخير في شؤونه، هو ما يجعل الإنسان موحد بالربوبية، ولكن ذلك لا يعني أن يتم الإطلاق على ذلك الشخص أنه موحد بالألوهية.

حيث إن الكفار في قريش قديمًا كانوا يؤمنون بالربوبية، ولكن لم يحكم عليهم بالإيمان، وذكر الله تعالى في كتابه العزيز عن إقرار الكفار بالربوبية، قال تعالى: (قُلْ لِمَنِ الآرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ* قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ* قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ).

وفقًا للآية السابقة يمكننا القول إن النقر بالربوبية ليس بالضرورة أن يكون مؤمنًا، أو موحدًا بالله عز وجل، ولكن يلزم أن ينطق كلمة التوحيد، ويقر من داخل نفسه أن الله عز وجل هو الوحيد الذي يستحق الألوهية، والربوبية وفي يده ملكوت كل شيء.

إن الله عز وجل واحدًا لا شريك له، وقادرًا على أن يُحي الموتى، ويحيي العظام وهي رميم، وكل من يؤمن بتلك الأشياء يعتبر موحدًا بالربوبية.