الرسالة من خصوصيات المُرسل إليه فقط أم يمكن للراسل أن يجعلها عامة لفئات مختلفة من الناس؟ فالاعتماد على الرسائل في توصيل المعلومات بدأ منذ بداية الخلق ونزول الوحي على الأنبياء، فتلك أشهر الرسائل التي وصلت إلى كافة بقاع الأرض، ومن ذلك أصبحت الوسيلة التي بها يتعامل الملوك والقادة والكثير من الأشخاص، حيث مرت بأشكال مختلفة إلى أن أصبحت في شكلها الحالي على شاشات الهواتف الذكية.

الرسالة من خصوصيات

تعددت خصائص وأنواع الرسائل، فمنها المرسلة من بلاد إلى بلاد أخرى لأحوال سياسية، ومنها المرسل من شخص لآخر لأحوال شخصية خاصة بينهما، ومنها ما هو مرسل من أماكن عمل لأخرى لأغراض مختلفة، لكن تظل أجلّها ما هو مُنزّل من عند الله لأحوال دينية، فما أهم ما تضمن نوع الرسالة من خصوصيات؟

دائمًا ما نجد في القَصَص أن المُحملين برسالة إلهية دائمًا ما يكونوا رجالًا، ويطلق عليهم الأنبياء والرسل، ويظل يتساءل العديد لماذا الرسالة من خصوصيات الرجال، ولم تختص بها النساء، وقد جاء في هذا الصدد أن ذلك لحكمة من الله.

كما جاء في الذكر الحكيم قول الله مخاطبًا الرسول صلى الله عليه وسلم” وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ”، فما الحكمة من ذلك؟ هذا ما يتم التعرف عليه خلال الآتي:

رحمةً بالمرأة حيث تتطلب الرسالة طاقةً و جهدًا تفتقر إليها المرأة بطبيعتها، فمن متطلبات الرسالة توصيلها إلى مختلف الأماكن والإشهار بها بالإضافة إلى إلقاء الخطب لتوعية الناس بها، كما تتطلب قوة في مواجهة كاذبيها.

اختصاص الرسائل الإلهية بالرجال دون النساء لطبيعة جسد المرأة الذي لا يسمح بتحميلها عبء توصيل الرسالة حيث يعتريها الحيض والحمل والولادة والنفاس والرضاعة، وغيرها من أمور تشغل بالها وترهق بدنها.

الرجال أكمل وأقوم في تحمل مشاق وصعاب الدعوة إلى الله، حيث تواجه الرسالة معارضين ومؤيدين لها، ولا بد للتصدي من عداء المعارضين والأذى الصادر منهم.

النساء أمرهن الله بعدم الاختلاط مع الرجال أو الإشهار والبروز أمام الجميع، وهذا يتنافى مع متطلبات الرسالة.

تتطلب الرسالة تبليغها في السر والعلن، والتقدم في مواجهة الأعداء والقتال في حروب وغزوات إن تطلب الأمر ذلك.

الفرق بين النبي والرسول

بعد التأكد أن الرسالة من خصوصيات الرجال، يمكن الإشارة إلى أن أكثر ما نجدهم من يُحمّلون برسالة ربانية هم الرسل وليس الأنبياء، وهم من يُكلفون بتبليغها لشتى الناس في كل مكان، فما الفرق بينهم وبين الأنبياء، ويتم التعرف على ذلك من خلال الآتي:

أولًا: النبي

النبي هو من يوحي إليه من خلال الكتاب أو الرؤيا الصادقة والإلهام لكن ليس عليه تبليغ الرسالات، وينال شرف ومنزلة كبيرة في الدين حيث يدعو إلى الله بأفعاله دون أن يأمر الناس بعبادة الله، إلا في حالة أمره الله بالتبيلغ فيكون حينها رسول، ومن أمثلة الأنبياء، نوح، إبراهيم، إسحاق، يعقوب ، داوود، سليمان، أيوب، يوسف، موسى، هارون، وغيرهم فمنهم من بلغ رسالة فصار رسولًا ومنهم من ظل نبي من أنبياء الله.

ثانيًا: الرسول

يأتي الرسول بشريعة جديدة وأحكام تتطابق مع الشريعة التي سبقتها، يُبلِغ بها القوم ويقوم بتعليمهم ما ينص عليه الدين ويدعوهم إلى توحيد وعبادة الله قولًا وفعلًا، ولا بد من ذكر أن أمة الرسل أكبر من أمة الأنبياء، ومن الرسل، موسى، عيسى، محمد وغيرهم  صلوات الله عليهم.

خصائص الرسالة الإلهية

إن الرسالة من خصوصيات الله عز وجل اصطفى بعض عباده من أجل توصيلها لكافة الناس وتبليغهم بتعالميها وما تنص عليه، فمن أهم خصائصها ما يلي:

ربانية المصدر

فأهم ما تأتي به الرسالات الإلهية مصداقيتها المطلقة، ويرجع ذلك إلى كونها تنزل على الرسل من عند الله سبحانه وتعالى لا يصدر من ورائها غاية غير تحقيق الرضا للإنسان في حياته ومعرفته الحقيقة التي تدور حوله من تفاصيل حول الدنيا والآخرة والثواب والعقاب.

إخراج الناس من الظلمات إلى النور

فتأتي الرسالة من خصوصيات إلهية مشتملة على كل ما من شأنه هداية الناس وإخراجهم من براثن ظلماتهم إلى نور الله، وذلك من خلال اتباع ما تنص عليه من تعاليم وشعائر تفيدهم وتنقي قلوبهم مما تعرضوا له من تدشين فكرهم بخرافات وضلالات عن وحدانية الله، فيقول الله في كتابه الكريمكِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ”.

تقويم الفرد وتزكيته

إن الرسالة الإلهية دائمًا ما تشتمل على مكارم الأخلاق وتأديب نفس الإنسان وروحه بما ينفع نفسه وغيره، ففي ظل غياب أساسيات الأخلاق يهان المرء وينتشر الخراب بين الناس، وتنتشر كل أوجه الفساد طالما فسد الإنسان ولم يقي نفسه ويزكيها بما أمر الله به.

تأكيد على ما حملته الرسالات قبلها

دائمًا ما تأتي الرسالات مؤكدة لكل الرسالات قبلها، و مشتملة على نفس ركائزها وأصولها، كما جاءت رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للعالم كافة تدعو إلى عبادة الله الواحد الأحد لا شريك له، وذلك مثل ما جاء سيدنا موسى وعيسى به من رسائل فجميعهم يدعو إلى وحدانية الله عز وجل، ويُستدل من هذا أن الرسالات جميعها صالحة في كل وقت وزمان.

اشتمالها للناس جميعًا

دائمًا ما تتميز الرسالة بعالميتها حيث تأتي لجميع الناس على وجه الأرض بمختلف الأعراق والأجناس ويجتهد الرسل في إبلاغها لكل مكان تطأ قدمه فيه، فلا تنزل من عند الله خصيصًا لقوم بعينهم، أو بلد بعينه، بل إن ركائزها وتعاليمها تعم كل فرد وتنفعه بما هو أصلح له .

إن الرسالة دائمًا ما يختص بها الرجال وخاصةً كما تمت الإشارة إلى الرسالة الإلهية أنها تُحمّل للرجال دون النساء وذلك رأفةً من الله بهن، لما تطلبه الرسالة من جهدٍ شاق.