هل العاملون عليها هم الذين يقومون بجمع الزكاة؟ وهل يستحقون جزءًا منها؟ إن الزكاة من أهم الفرائض التي لا يكتمل الإسلام إلا بإيتائها، وعد الله من يؤديها ويلتزم بآدابها بالثواب والفضل العظيم، وهي من العبادات المالية المرتبطة بجانب نفسي لأنها تصل بالمسلم إلى درجة أعلى في الإيمان، فهو يُخرج مما رزقه الله دون أن ينتظر مردودًا إلا عند الله سبحانه وتعالى في الأجر والثواب.

العاملون عليها هم الذين يقومون بجمع الزكاة

إن العاملون على الزكاة هم من تم توكيلهم لجباية الأموال الصدقات وجمعها من الأغنياء الذين وجب عليهم دفع الزكاة، علاوةً على توزيعها أيضًا على الفقراء، فهم بمثابة حلقة الوصل بين دافعي الزكاة ومستحقيها.. ويعتبرون من مصارف الزكاة، أي من مستحقيها مصداقًا إلى قول الله تعالى في محكم التنزيل:

“إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ” سورة التوبة الآية 60، فلم تنكر الشريعة الإسلامية أن للعاملين على الزكاة نصيب مفروض من أموال الزكاة، وجاء الإجماع من العلماء بأنهم من مستحقيها كما جاء في القرآن الكريم.

مقدار ما يأخذ العاملون عليها من الزكاة

إن العامل على الزكاة يُعطى منها قدر عمله، وهذا ما جاء باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، وفي جموع آراء العلماء وفقهاء الدين، حيث إن عمل الساعي يعتد به سببًا لاستحقاقه الأجرة، وإن كان العاملين عليها يقومون بجمع الزكاة وحفظها وتوزيعها فإن لهم استحقاق في تلك الأموال جراء عملهم.

كسائر الأعمال الأخرى التي يكون فيها الأجر وفقًا لمقدار العمل، بغض النظر هنا عن الغنى أو الفقر، فلا يزيد من المقابل شيئًا ولا يُبخس حقهم فيه.

أقسام العاملين على الزكاة

علمنا أن العاملون عليها هم الذين يقومون بجمع الزكاة، إلا أن لهم ثلاثة أقسام تأتي تباعًا وفقًا لما يخول لهم من وظائف كما يلي:

  • الجُباة: من يتم توكيلهم في جمع الزكاة من أهلها، أي من عليهم دفعها.
  • الحفّاظ: من يحفظون أموال الزكاة.
  • القاسمون: من يقسمون أموال الزكاة على مستحقيها.

في دائرة العاملين على الزكاة يدخل في عصرنا الحالي أي مؤسسة أو إدارة ذات مرافق منتدبة لتحصيل وجمع الزكاة من الأغنياء والعمل على توزيعها بين الفقراء وفق لما معمول به من ضوابط في الشريعة.

هل يُمكن إعطاء العامل على الزكاة وهو غني؟

لمّا كان العاملون عليها هم الذين يقومون بجمع الزكاة وهم من مستحقيها، فكيف يكون الحال إن كان منهم من هو غنيّ.. وفي الأصل العام تؤخذ الزكاة من الأغنياء إلى الفقراء.

هنا نشير إلى أن العامل على الزكاة يُعطى إياها حتى ولو كان من الأغنياء، لأنه في الآية الكريمة التي ذكرناها آنفًا لم يُحدد شرطًا معينًا في إعطاء الزكاة لهم إن كانوا فقراء، فكان النص الإلهي في المطلق العموم.

كما أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يُشمل من مستحقي الزكاة صنفًا من غير الفقراء والمساكين، فلا يُشترط أن يكون كافة مستحقيها من الأغنياء.

هل يُمكن إعطاء العاملين على جمع الزكاة هدايا؟

كما نعلم أن العاملون عليها هم الذين يقومون بجمع الزكاة ومن هنا يجب أن يكون عملهم مخلصًا لوجه الله تعالى بعيدًا كل البعد عن مواطن الشبهات، وحينما يُعطى لهم هدايا وهبات دون حقهم في أموال الزكاة فهذا يعد من قبيل السُحت.

هذا ما نقله الإجماع من العلماء بصدد حكم إعطاء الهدايا للعاملين عليها، حيث من الممكن أن تكون الهدية المعطاة إلى العامل لإبعاده عن شيء ما في صميم عمله وجب عليه أداؤه، فيبخس بذلك حقًا من حقوق الفقراء والمساكين، وهذا ما يجعله يقع في الحرام.

شروط العامل على الزكاة

لمّا كان العاملون عليها هم الذين يقومون بجمع الزكاة فإن هناك بعض من الشروط التي يجب أن تتوافر في ذلك العامل، تأتي على النحو التالي:

  • أن يكون من المسلمين الأحرار.
  • يُشترط فيه العدل، فالزكاة تتطلب الأمانة والولاية.
  • أن يكون فقيهًا في أبواب الزكاة، لمعرفة ما يتم أخذه من الأموال.
  • الاجتهاد في معرفة أحكام الزكاة.

كما أن الله سبحانه وتعالى أوضح أن للعمل على الزكاة الفضل والثواب الكبير والأجر العظيمة للعامل عليها، واعتبرها من أنواع التصدق إلى الله، فهي عمل فضيل يتطلب الأمانة والصدق، وفيه شراكة في خير إعطاء الفقراء من أموال الله التي رزق العباد إيّاها.

مصارف الزكاة

علمنا مصرف واحد من مصارف الزكاة وهو العاملون عليها الذين يقومون بجمع الزكاة فهم من مستحقيها، أما عن بقية المصارف الثمانية فتتجلى فيما يلي:

  • الفقير الذي لا يجد قوت يومه.
  • المسكين الذي لا يجد ما يُكمل كفايته.
  • المؤلفة قلوبهم ممن هم حديثي العهد بالإسلام.
  • الرقاب من العبيد المسلمين ممن وقعوا أسرى للكفار.
  • الغارمين الذين تعذر عليهم دفع ما اقترضوه.
  • المجاهدين في سبيل الله المدافعين عن الدين.
  • ابن السبيل وهو المسافر وقد اغترب عن وطنه ولا يملك من المال ما يخول له العودة.

فضائل دفع الزكاة

يجب على المسلم أن يعرف فضائل أداء الركن الثالث من أركان الإسلام، ويعرف أين تخرج الزكاة ومن هم مستحقوها.. وفيما يلي نشير إلى فضائل إيتاء الزكاة:

  • تُطهر الأموال وتزيدها بركة.
  • تجعل هناك مساواة بين الفقراء والأغنياء.
  • تبث روح التعاون والتكافل والتضامن، وتلك الفضائل تُبنى عليها المجتمعات.
  • لا يحمل الفقير ضغينة تجاه غني.
  • تقل معدلات السرقة والنهب.
  • تُطهر النفس من كل ما هو قبيح.
  • تحد من اتصاف المرء بالبخل والشح.
  • تدفع البلاء عن العبد الذي يصرف ماله في أوجه الخير.
  • يُدخل الفرحة والسرور على قلب من تصدق ومن نال الصدقة.
  • يجد العبد بعدها سعة في رزقه.
  • زيادة إيمان العبد وتقربه إلى الله.
  • يدرك العبد حقيقة الإسلام والإيمان والإحسان بقلبه وجوارحه.
  • يرتقي العبد في مراتب الدين ويكون أقرب منزلة عند الله.
  • يفوز بالجنة في الآخرة ويبعده الله عن عذاب النار وبئس المصير.
  • يمحو الله بزكاته ما اقترف من الذنوب والخطايا.
  • تنغرس في قلبه الرحمة، واللطف واللين فلا يكون قلبه قاسيًا.
  • تحد من انتشار الفساد في المجتمع.
  • تُبعد الحزن عن العبد وتزيل همه.
  • من شأن الزكاة أن تفرج الكرب وتجعل للعبد من كل ضائقة مخرجًا.

آداب إيتاء الزكاة

عند إخراج الزكاة في مصارفها يجب على المسلم أن يتحلى بما يلي حتى لا يضيع ثوابها العظيم، ومن تلك الآداب الواجب مراعاتها:

  • إخلاص النية لله عز وجل
  • أن يتم إخراج الزكاة من مال العبد الذي اكتسبه بنفسه
  • أن يُخرجها عن طيب نفس ورضا وقناعة
  • أن يعجل في دفع الزكاة في مواقيتها المحددة قدر استطاعته
  • ألا يجاهر بدفعه الزكاة، بل يكون في الخفاء حتى يكون أكثر ثوابًا
  • لا تكون في نيته الرياء والتفضّل على العباد بما رزقه الله

إن الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، لها أنواع كزكاة المال وزكاة الفطر، وتعتبر حق للفقراء في مال الأغنياء.