حكم التاتو المؤقت ابن باز من الأحكام الفقهية التي يجب على المسلم أن يُلم بها، لأن الأمر متعلق بالطهارة التي يستتبعها أداء الفروض والعبادات، على أن هناك معايير في الحكم الشرعي، إما أن يكون محرمًا أو جائزًا أو غير مستحب وفيه كراهة، وفي هذا الصدد بإمكاننا ذكر ما يتعلق بالتاتو المؤقت أو الدائم.

حكم التاتو المؤقت ابن باز

إن التاتو –الذي يبقى أثره- محرم، هذا ما جاء به ابن باز، لأن التاتو يعتبر إضافة مواد ذات أصباغ تحت الجلد تدوم فترة تصل إلى سنة أو أقل، وتكون عن طريق الحقن، من هنا تكون ناقضة للطهارة، لذا فإنه كالوشم لا يكون جائزًا.

استنادًا إلى قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وجاء في صحيح البخاري: لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ والمُوتَشِمَاتِ، والمُتَنَمِّصَاتِ، والمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ”، كما قال الله تعالى في سورة الحشر: “وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ“.

هل التاتو المؤقت يمنع الوضوء؟

إن كان الأصل في الحكم أنه حرام، فبطبيعة الحال يُمكننا أن نستنتج أنه منافيًا للطهارة، والوضوء مقترن بالطهارة، لذا إن كان المرء مستخدمًا التاتو ذو المواد والأصباغ الكيميائية تحت الجلد، فإنه لا يقبل منه وضوء طالما لم يتب.

بيد أنه عند التوبة عليه أن يستغفر ربه عما اقترف، ولا يُشترط في تلك الحالة إزالته حتى يتوضأ ويصلي إن ثبت أن إزالته تستتبع المضرة، ويجب أن يُترك حتى يُزال من تلقاء نفسه.. إلا أن هذا الأمر لا يشمل الذي يكون على ظاهر الجلد، فلا يتناقض مع الوضوء علاوةً على أنه من اليسير إزالته من باب أولى.

حيث إن التاتو المؤقت لا يمنع الوضوء، لكن جمهور العلماء اتفقوا على غير استحبابه لكونه تشبهًا بأهل الكتاب والفسقة، امتثالًا إلى قول رسولنا الكريم –صلى الله عليه وسلم-: “من تشبَّهَ بقومٍ فهوَ منهم (صحيح).

هنا نستشهد بقول الإمام النووي في هذا الصدد: ولو بقي على اليد وغيرها أثر الحناء ولونه، دون عينه، أو أثر دهن مائع بحيث يمس الماء بشرة العضو ويجري عليها لكن لا يثبت: صحت طهارته“.

متى يكون الوشم جائز

علمنا أن حكم التاتو المؤقت ابن باز محرم، على أننا نشير إلى حكم الوشم المؤقت حتى لا يختلط الأمر عند البعض، حيث إن الوشم المؤقت جائزًا لأنه لا يشبه التاتو من خلال الحقن إنما يعتمد على أصباغ في ظاهر الجلد لا في داخله.

حيث يشبه في طريقته الحناء، تعتبر رسوم بأصباغ على الجلد، فلا تكون المواد المستخدمة فيه ضارة بأي حال، على خلاف التاتو الذي من الممكن أن يسبب مضار كثيرة نظرًا لدخول تلك المواد في باطن الجلد.

لماذا الوشم حرام؟

نستشهد بقول الله تعالى في سورة النساء: لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا الآية 118/ 119

كان حكم التاتو المؤقت ابن باز حرامًا لأنه اعتمد في ذلك على ما جاء في السنة النبوية الشريفة، فضلًا عن أن الحكمة من تحريمه واضحة، فمن أسباب ذلك:

  • أنه تغيير في خلقة الله التي فطر عباده عليها، والهيئة التي تجعل المرء في أحسن صورة.. وتلك هي الحكمة الأدعى من تحريم الوشم.
  • في تلك المواد المستخدمة كل الضرر، وقد أمرنا الله ألا نسلك طريق المهالك والمضار حتى لا نجني ما لا يُحمد عقباه، فكل ما يسبب الضرر لبني البشر قد نهانا الله عنه.
  • تجعل تلك المواد الجسم غير طاهرًا، ولا يجوز الصلاة أو الوضوء على هذا النحو، كما هو الحال في أي عائق يمنع الطهارة.

حكم الوشم الطبي

إن هذا النوع من الوشم لا يعتد به في أغراض التجميل أو التزين كسابقه، إنما تم وضعه لأغراض طبية، ومن هنا يختلف الحكم، حيث إنه الوشم الذي يُغطى به مكان ما في الجسم قد تعرض إلى أذى، ومن أجل إخفاء التشوه ربما ينصح الطبيب بهذا النوع من الوشم.. لذا كان حكم الفقهاء فيه أنه جائز.

وشمت نفسها وهي صغيرة.. هل عليها إثم؟

في صحيح البخاري عن النعمان بن بشير –رضي الله عنه- قال عن النبيّ –صلى الله عليه وسلم-: الحَلَالُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أنْ يُوَاقِعَهُ، ألَا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألَا إنَّ حِمَى اللَّهِ في أرْضِهِ مَحَارِمُهُ، ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ”.

علاوةً على حكم التاتو المؤقت ابن باز هناك حكم آخر ذكره الإمام فيمن كانت صغيرة وقد وشمت نفسها ولا تدري أنه حرامًا بل فعلت ذلك على سبيل المحاكاة، حيث إنها ليس عليها شيء في فعلتها تلك، طالما فعلتها عن جهل وسوء فهم.

الأمر يختلف تمامًا عن العاقلة المكلفة، التي تقترف إثمًا وهي تعلمه، فعليها التوبة النصوح إلى الله.. وهنا إن كان الوشم يُمكن إزالته بطريقة معينة من قبل الأطباء فيفضل إزالته تمامًا وعدم العودة إلى الأمر مرة أخرى، أما إن لم يكن هناك طريقة آمنة لإزالته فلا حرج في ذلك أيضًا.

من عزم سلفًا على الوشم العادي الذي يبقى أثره عليه أن يتب عن فعلته، ومن وشم ولم يعلم بأنه حرام، فليس عليه حرج ولا يكون آثمًا.. هذا من رحمة ديننا الإسلامي.