ما حكم التسمي بأسماء الله المختصة به؟ وما الحكم في حالة الأسماء غير المختصة؟ تلك من الأحكام الفقهية التي على المسلم أن يدركها تمام الإدراك، لعدم الوقوع فيما هو مخالف لحدود الله، وفي الحكم تفاصيل شتى يجب العلم بها على نحو مفصل.. كما نذكره لكم فيما يلي دون إسهاب.

حكم التسمي بأسماء الله المختصة به

تلك الأسماء التي تخصه وحده –سبحانه وتعالى- مثل (الله، الحكم، الرحمن، القدوس، الخالق..) فلا يجوز التسمية بها، ويعتبر الحكم محرمًا، حتى لا يتنافى مع كمال التوحيد لله.

كذلك لله تعالى أسماء غير مختصة، من الممكن التسمية بها، وقد أطلقت على أشرف الخلق بعضًا منها، مثل “رؤوف، عزيز، كريم، مالك، مؤمن”.. فتلك الأسماء يراد بها في حق العبد غير ما يراد بها في حق الله، على أن التسمي بأسماء الله يكون على عدة أوجه:

  • أولاهما: أن يُحلى الاسم ب (ال) التعريف، وفي تلك الحالة يُحرم أن يُسمى به غير الله، فلا يجوز تسمية أحدهم “العزيز” “الرحمن” وما شابه.
  • ثانيهما: إن قصد بالاسم صفته، ولا يكون مزودًا ب (ال) التعريف، فلا يُسمى به.
  • ثالثهما: إن كان غير مُحلى ب (ال)، ولم يقصد الصفة، فلا جناح على أحد أن يُكنى “عزيز، حكيم”.. إلا أنه ليس على الأسماء كافتها، فمثلًا “جبار” لا يجوز تسمية أحدهم بها.

ما يجعلنا نُلم بالحكم من كافة جوانبه، أن نشير إلى الأمور البينية التي ربما تراود أذهان البعض، زيادةً في التأكد، هذا ما يُمكننا التطرق إليه في الفقرات التالية.

حكم التسمي بالرحيم والحكيم

ربما يتردد السؤال على تلك الأسماء على وجه الخصوص لذيوعها، وفي الأصل العام، غير جائز تسمية المرء بتلك الأسماء، شريطة ألا تتم ملاحظة فيها المعنى الاشتقاقي، بأن تكون مجرد علم، فمثلًا من أسماء الصحابة: حكيم، الحكم، حليم، عادل.. وما إلى ذلك.

أما إن تمت ملاحظة المعنى الاشتقاقي لتلك الأسماء فإن الظاهر في هذا الأمر أنه غير جائز.. نظرًا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد غيّر اسم أبي الحكم الذي كان كنيته، حتى لا يسئ قومه الفهم.. هذا لأن أسماء الله تعالى ليست مجرد أسماء علم، بل هي أعلام في دلالاتها، لأنها تنم عن ذات الله وأوصافه.

حكم تسمية المحلات بأسماء الله الحسنى

علمنا في حكم التسمي بأسماء الله المختصة به أن أسماء الله تعالى منها ما يختص به، لا يجوز أن يُسمى بها غيره، ومنها ما غير مختص، التي يُمكن التسمية بها، سواء للناس أو المحال.

لكن أشار بعض الفقهاء بأنه ليس من المستحب أن يتم تسمية المحلات ونحوها بأسماء الله حتى غير المختصة، حتى لا يعد امتهانًا له سبحانه، فمن باب أولى اجتناب التسمية.

حكم إطلاق العدل والمشرع على غير الله

جرت العادة على إطلاق لقب “المشرع” على من يكتب دستور الدولة، من قوانين ولوائح.. كذلك لقب المأذون بالعدل، فهل تلك المسميات من الجائز أم من قبيل المحرمات؟

إن العدل من أسماء الله تعالى غير المختصة، فلا حرج في أن يلقب المأذون الشرعي بالعدل، فقد قيل في كتب الأحناف على لسان الخادمي: “أن التسمية باسم الله يوجد في كتاب الله تعالى كالعلي والكبير والرشيد والبديع جائز، لأنه من الأسماء المشتركة، ويراد به في حق العباد غير ما يراد به في حق الله تعالى”.

لكن ما ذكر على لسان الفقهاء بصدد إطلاق “المشرع” على من يكتب قوانين البلاد، أنه لا يجوز.. حيث يعد من قبيل عدم الإقرار بصلاحية الحكم التشريعي المطلق لله سبحانه فحسب.

أسماء لا يجوز التسمية بها

كما هو الحال بصدد حكم التسمي بأسماء الله المختصة به هناك من الأسماء منهيّ عن التسمية بها، تتضح فيما يلي:

  • الأسماء الموهمة لنبوة من ليس بنبيّ.
  • الأسماء التي لا معنى فيها، “اللهم صليّ عليّ”.
  • التي فيها ذم أو قبح أو سب أو إهانة.. لأن المرء ما خلق إلا ليُكرّم.
  • الأسماء التي توهم الاختصاص بالأنبياء وأطلقت على ذات النبيين.. مثل: “رسول الله”.

فيجب أن تبعد التسمية تمام البعد عن تلك الأسماء التي كان الحكم فيها بعدم الجواز، ومراعاة انتقاء من الأسماء أحسنها ذات الدلالة الفاضلة.. تلك التي لا توحي بالكبر والعظمة أو الانحطاط، إنما التي تتخذ تأسيًا بالسلف الصالح من المؤمنين والمؤمنات.

من الجائز التسمية بأي اسم إلا ما ورد أنه منهي عنه في الشريعة، فالاسم هو ما دلّ على المسمى، وما يكون مختصًا بالله لا يُطلق على إلّاه.