حكم نسبة النعم لغير الله باللسان فقط حيث لله نعم عظيمة علينا لا يمكن حصرها أبدًا، فيجد الإنسان نعم الله تحيط به من كل صوب في شتى أمور حياته، والتي لولاها لا تصير حياته على خير ما يرام، فعلى المسلم من ناحية أخرى أن يقدر ما أنعم الله عليه من نعم فياضة، وانساب جميعها إلى الله، فما حكم من ينسب تلك النعم لغير الله؟ وذلك ما يتم تناوله خلال الآتي.

حكم نسبة النعم لغير الله باللسان فقط

لا بد للمسلم أن يدرك أهمية النعم التي لا تعد ولا تحصى التي أغدقها الله عليه بفضله وكرمه، كما أن الامتنان والشكر والثناء لابد من أن يكون لله، إلا أن بعض المسلمين ينسبون فضل النعم لغير الله في مختلف أمور حياتهم، فقد ينسب مثلًا نعمة الرزق لصاحب العمل لأنه يكرم في أجره، ولكن هذا يعتبر كفر أصغر.

حيث نسب نعمة الرزق التي أنعم الله بها عليه وهيأ له أسبابها إلى بشري مثله لا يفرق عنه شيئًا ولا يعد مصدر الرزق له، بل إن الله هو من يعطى ويمنح الأجر والرزق لمن يشاء، لذا فإن حكم نسبة النعم لغير الله باللسان فقط  من الأمور المحرمة على المسلم  ولا تجوز حيث تعد من صور الكفر الأصغر.

حالات حكم نسبة النعم لغير الله باللسان فقط

إن الله وحده هو الذي ينعم على عباده فهو منبع كل النعم التي تحيط حياة الإنسان، والواجب من الفرد أن يقر بذلك من خلال لسانه وقلبه أيضًا، فلا يعترف بذلك وقلبه غير ممتلئ بالثناء على فضل الله، فقد تتعدد الطرق التي قد ينسب المسلم فيها نعمة الله لغير الله باللسان فقط، والتي تتضح من خلال ما يلي:

  • في حالة انساب النعم إلى سببها الصحيح فذلك يجوز لكن إذا لم ينكر الإنسان فضل الله بحدوثها، ولم يعتقد أنّ حدوثها يرجع للسبب وحده وأن ليس لله يد بها.
  • إذا تم انساب النعم إلى سبب غير صحيح وغير شرعي مثل، قول أن التمائم وارتداء قلادات معينة تحمي من العين والحسد، فيعتبر ذلك شرك أصغر.
  • انساب النعمة لسبب خفي غير حقيقي ليس له أي تأثير إطلاقًا، مثلا قول لولا أن فلان لم يفعل هذا لكان ما مات، فيعد ذلك شرك أكبر.

أمثلة لنسب النعم لغير الله باللسان

إن حكم نسبة النعم لغير الله باللسان فقط لا يعتبر كفرًا طالما أن القلب موقن تمامًا أن الفضل كله يرجع لله وأن كل النعم هي من عند الله ونسب فقط النعمة إلى السبب الظهري لها مع اليقين أن الله هو من سخرها معه، إلا أن هناك بعض الناس قلبهم غير معمّر بالإيمان، وينسبون النعم لغير الله فقط، ومن أمثلة ذلك ما يلي:

  • زوج مرضت زوجته، وذهب إلى الطبيب الذي يقولون عنه أنه لا مثيل له ويصف الدواء الصحيح، وعندما تعافت الزوجة نسب شفائها إلى ذلك الطبيب الذي وصف العلاج المناسب لها وكان هو السبب في شفائها.
  • زوجة انقطع رزق زوجها من مكان عمله، وحينما علمت بذلك قالت من أين سنأكل الآن، باب الرزق اتقفل، فقد نسبت نعمة الرزق إلى صاحب العمل الذي يعمل لديه زوجها.
  • اجتازت فتاة اختباراتها بدرجات عالية جدًا، فنسبت نعمة تفوقها إلى اجتهادها فقط وذكائها وليس إلى توفيق الله لها ايضًا.
  • تزرع عائلة أرضها، وعند هبوط الغيث انتعشت الأرض وانتعشت ثمارها، فنسبوا إنتاجها إلى المطر الذي هطل من السماء وليس لله الذي أنزل المطر من السماء.

واجب الإنسان تجاه نعم الله عليه

إن المسلم إن نظر إلى نفسه وجد النعم داخله، وإن نظر حوله وجد النعم تحاوطه، فهل لا يستحق ذلك الشكر والثناء لله على كل ما أغدق علينا به من أبحر العم الفياضة التي إن بدأ الإنسان بحصرها لن يجد حد يقف عنده، لذا فإن واجب الإنسان على الله يتمثل في عدة أمور منها:

  • الحمد والشكر لله على هذه النعم وعلى كرمه الواسع، فيقول الله تعالى في كتابه الكريم ” ولئن شكرتم لأزيدنكم”، فإن شكر الإنسان ربه أكثر من نعمه عليه.
  • حسن اغتنام النعم والحفاظ عليها وعدم إهدارها في سبل غير أهلّ بها، وإسرافها وتبذيرها، فمن شأن ذلك أن يزيل النعمة من بين يدي الإنسان.
  • إنفاق النعمة وبذلها على من لا يملكها، واستغلالها في أوجه البر والخير وطاعة الله.
  • عدم إنكار النعم وانسابها لغير الله بل يجب على المسلم الاعتراف أنها من فضل الله عز وجل، قال الله تعالى” وأما بنعمة ربك فحدّث”.

كيف يشكر الإنسان نعم الله

إن حكم نسبة النعم لغير الله باللسان فقط دون التيقن من القلب أنها من تسخير الله تعالى للعبد يعد كفر أصغر، حيث يجب على المسلم أن يشكر الله على رزقه ونعمه التي لا تنضب وهو حق الله على المسلمين ومن أشكال شكر الإنسان لنعم الله ما يلي:

  • الشكر بالقلب: فالتوحيد بالله عندما يعتمر قلب المسلم به يتحقق الإيمان ويوقن المسلم بأن كل ما يناله من نعم فإن منبعها الأساسي من الله عز وجل الذي لا معطي غيره لا شريك له.
  • الشكر باللسان: وذلك يكون من خلال الثناء على فضل الله وأن يحمد المسلم ربه دومًا ويشكره من خلال القول والتحدث عن تلك النعم وذكرها.
  • الشكر بالجوارح: من خلال استخدام نعم الله التي من بها على عباده في طاعته واستغلالها في التوقّي من المعاصي، مثل ذلك أن يستغل نعمة العينين في غض البصر عن الفواحش والتستر على ما تراه، واستغلال نعمة الأذنين على التستر على ما تسمعه.

نعم الله علينا لا يوجد ما يفي حقها ومهما حمد الإنسان ربه فلا يستوفي من حقه عليه شيء، وبرغم ذلك فمن يشكره يغدق عليه من أبحر نعمه، فما أكرمه رب!