عندما عصت قبيلة دوس ورفضت الدخول في الإسلام فإن النبي لم يتخذ العداوة موقفًا له، حيث عُرِف عن النبي لينهُ ورفقهُ في دعوة القبائل إلى الإسلام، فلم يجبر أحد على الدخول عنوة، فمنهم من كان يستجيب للدعوة ومنهم من أعرض عن الإسلام، وكان رد النبي الصبر عليهم والحرص على دعوتهم بالتي هي أحسن، ومن خلال السطور القادمة نتعرف على قصة قبيلة دوس وكيف تعامل معهم النبي.

عندما عصت قبيلة دوس ورفضت الدخول في الإسلام فإن النبي

لم يكن من شيمه -صلى الله عليه وسلم- عليه المعاداة أو التعصب في الدعوة، إنما كان لينًا حريصًا على دعوة الناس بالحسنى، حتى وإن رفضوا الدعوة فقد كان يدعو لهم بالهداية، ومن ذلك موقفه مع قبيلة دوس، وهي إحدى القبائل التي أبت الدخول في الإسلام ورفضت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فما كان له إلا أن دعا بالهداية.

فقد أسلم من قبيلة دوس الصحابي الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه، وقد جاء النبي وطلب منه أن يدعوا على قبيلته بسبب عصيانهم أمر الرسول وأمر دعوتهم إلى الإسلام، لكن عندما عصت قبيلة دوس ورفضت الدخول في الاسلام فإن النبي قال: “اللهمَّ اهدِ دَوْسًا وائتِ بهم“، فقد رفض الامتثال لدعوة الصحابي الطفيل بن عمرو بالدعاء عليهم بالهلاك، وفضّل الدعاء لهم بالهداية.

ماذا طلب النبي من الصحابي الطفيل بن عمرو الدوسي

ذُكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: “قدِم الطُّفَيل وأصحابه فقالوا: يا رسول الله! إنَّ دَوسْاً قد كفَرتْ وأبَتْ، فادعُ اللهَ عليها فقيل: هلكتْ دَوس، فقال صلى الله عليه وسلم: اللهمَّ اهدِ دَوْساً وائتِ بهم”، فظن الطفيل أنه عندما يدعو عليهم النبي سيستجيب له الله ويُهلك قومِه، إلا أنه دعا ربه أن يهديهم ويأتوا إلى المدينة مهاجرين ويجاوروا المسلمين.

عندما عصت قبيلة دوس ورفضت الدخول في الإسلام فإن النبي بعدما دعا لهم بالهداية أمر الطفيل -رضي الله عنه- أن يرجع لقومِه ويدعوهم إلى الله بالرفق واللين، وقد جاء الحديث الشريف في هذا الصدد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد قال:

“ارجع إلى قومك فادعهم إلى الله وأرفق بهم، رجعتُ إليهم فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الله، ثم قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن أسلم معي من قومي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، فنزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتاً من دوس، ثم لحقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فأسهم لنا مع المسلمين”.

وجه الاستفادة من قصة دعوة دوس إلى الإسلام

حينما رفضت قبيلة دوس الدخول في الإسلام فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أثبت لينه وصبره، ومما سبق ذكره نستطيع التيقن من رحمة النبي حتى أنه لم يدعو عليهم بل دعا لهم وأرسل من يدعوهم بالرفق، فهو من أجّل المواقف التي تعكس رحمته عليه الصلاة والسلام، ومن أوجه الاستفادة من هذا الموقف:

  • أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يتحيز للعداوه في دعوة الناس إلى الإسلام بل تكون آخر ما يلجأ إذا ما اضطر لذلك.
  • حرصُه على هداية قبيلة دوس والدعاء لهم بدلًا من الدعوة عليهم، واستجابة الله له، حيث عاد مع الطفيل 70 أو 80 بيتًا من دوس
  • عدم استحباب الدعاء على الكافرين إلا حسب موقفهم من المسلمين والإسلام، إذا كان لهم موقفًا معاديًا، مثل دعائه على أهل مكة وقريش بالشدة عندما كثرة أذيتهم وعداوتهم، وقد أُجيبت دعوته فيهم، حيث قُتلوا ببدر.
  • رحمته -صلى الله عليه وسلم- بمن يدعوه حتى لو كان عاصيًا أو كافرًا، وفي هذا درس اقتداء لمن يدعوا إلى دين الله فلا بد أن يكون بالحكمة والموعظة الحسنة.
  • عدم التشجيع على معاداة القوم، فحينما أتى الطفيل إلى الرسول يشتكي قومه ويطلب منه أن يدعوا عليهم، لم يحمسه ويشجعه على هذا، وفي ذلك منهاج للدعوة إلى الله، فقد نتج عن تصرفه اللين الحكيم دخول الكثير منهم في الإسلام.

إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان خير الداعي وخير القائد لأُمتِهِ، نتعلم منه كيف يكون الرفق واللين حتى مع أشد الناس عُصيانًا وكُفرًا، وبالاقتداء به ترتقي الأمة ويعلو شأنها.