قبلة المسلمين الأولى قبل الكعبة المشرفة ما هي؟ وما أسباب تحويلها؟ فتعد القبلة الصحيحة أهم ما يجب على المسلم البحث عنه ومعرفته، وذلك حتى تكون صلاته صحيحة، كما أنه من المهم معرفة الأحداث والأمور التي مرت في الإسلام حتى تكون القبلة هي التي عليه الآن، ومن خلال السطور التالية نتعرف على القبلة الأولى للإسلام وما أسباب تغييرها.

قبلة المسلمين الأولى قبل الكعبة المشرفة

الإسلام دين الرحمة، كما أن نبيه رحمة للعالمين وذلك استنادًا للآية الشريفة 107 من سورة الأنبياء (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، لذلك فإنه لا يوجد أي أمر ألقاه الله على عباده في الإسلام إلا وكان فيه رحمة لهم، ويعتبر تغيير القبلة إلى الكعبة المشرفة رحمة كبيرة منه، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في البداية تجاه بيت المقدس، وظل على تلك القبلة طيلة الفترة التي قضاها في مكة الكرمة.

بتلك الطريقة كان النبي يصلي مستقبلًا القبلتين، الكعبة المشرفة وبيت المقدس، حيث يصلي جهتهم من الجنوب متجهًا إلى جهة الشمال، ولكن بعد الهجرة إلى المدينة المنورة لم يتمكن الرسول من الصلاة في الجهة نفسها، لذلك أمر الناس بالصلاة في اتجاه بيت المقدس.

كما ظل على تلك القبلة الكثير من الوقت فيما يعادل السبعة عشر شهرًا، ومن ثم أمر الله تعالى نبيه بتوجيه القبلة ناحية الكعبة الشريفة، ومن الجدير بالذكر أن الفترة التي قضاها النبي في الصلاة باتجاه بيت المقدس كانت ما بين الهجرة إلى المدينة المنورة وقبل غزوة بدر.

سبب تحويل القبلة

في إطار التعرف على قبلة المسلمين الأولى قبل الكعبة المشرفة يجب الذكر أن الأسباب حول تحويل القبلة من بيت المقدس للكعبة المشرفة متعددة، وأول الأسباب في ذلك أن الله أراد أن يرضي النبي عليه الصلاة والسلام، وذلك بسبب كونه يحب التوجه في صلاته ناحية الكعبة الشريفة، استنادًا للآية (قد نرى تقلُّب وجهك في السماء فلنولِّينَّك قبلة ترضاها) [سورة البقرة الآية 177.]

كما أنه أراد أن يجذب قلوب العرب جميعًا للإسلام من خلالها ويعتبر السبب الرئيسي في ذلك هو أن بيت المقدس كان قبلة اليهود في صلاتهم، ولذلك أراد النبي تغيير القبلة حتى لا يعتقد اليهود أن النبي كما شاركهم في قبلتهم سيشاركهم أيضًا في ديانتهم، كما أن الكعبة الشريفة كانت وجهة نبي الله إبراهيم عليه السلام في صلاتهم.

أما هم من الأسباب المهمة جدًا في تغيير القبلة هي أن الله أراد أن يختبر عباده ممن أسلموا مع النبي، حيث إنه من آمن بالله ورسوله حق الإيمان سيولي وجهه ناحية الكعبة الشريفة بدون نقاش، أما من لم يؤمن حق الإيمان من المنافقين وغيرهم، سيقولون إن القبلة الرئيسية كانت تجاه الكعبة الشريفة وما كانت القبلة الأولى إلا باطلًا.

ذلك استنادًا للآية الكريمة (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) [سورة البقرة 143]، ومن المهم الذكر أن المؤمنين الحق هم من ولّوا وجوههم تجاه القبلة بدون نقاش مع النبي وكان ذلك من اليسير جدًا عليهم.

ذلك استنادًا إلى قوله تعالى (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) [سورة آل عمران الآية 7]، ويجب التنبيه على أنه بتغيير القبلة من بيت المقدس في الشام إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة أصبحت دليل أقوى للناس على تغيير الإمامة من اليهود الذين كانوا مقيمين في الشام.

كما أنه من أسباب تحويل القبلة هي أن الله أراد أن يوحد قبلة المسلمين حتى لا يظهر اختلاف في التوجه للقبلة فيما بينهم، ومن الجدير بالذكر أن أول من صلى تجاه القبلة الجديدة كان أبو سعيد بن المعلى وصاحبه، وذلك بعد أن سمعوا الرسول الكريم يخطب في الناس ويخبرهم بتغيير قبلتهم.

مكانة بيت المقدس

في سياق التحدث عن قبلة المسلمين الأولى قبل الكعبة المشرفة، فيجب الذكر أن بيت المقدس من أهم المقدسات الإسلامية عند كل المسلمين، حيث إنه أولى القبلتين وثالث الحرمين، كما أن الله سبحانه وتعالى قدسه حين أسرى بعبده محمد من بيت المقدس إلى السماء السابعة، وذلك استنادًا إلى قوله تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [سورة الإسراء الآية 1.]

موعد تغيير القبلة

قد أكد علماء الإسلام أن موعد تغيير القبلة كان في منتصف شهر رجب، ولكن قلة قليلة منهم يقولون إنها في منتصف شهر شعبان.

أول صلاة بعد تغيير القبلة

اختلف العلماء في أول صلاة تم صلاتها بعد أن خطب الرسول بالناس بتغيير قبلتهم، فمنهم من يقول إنها كانت صلاة الظهر، وبعد أن صلى بالناس ركعتين نزل الوحي من الله بتغيير مكان القبلة، ومن ثم أخبر الناس صلى الله عليه وسلم وصلى بهم صلاة الظهر، ومنهم من قال إن أول صلاة كانت صلاة العصر.

أمر الله نبيه بأمور عدة في بداية الإسلام وبمرور الأيام مر الإسلام بالعديد من التغيرات إلى أن ثبتت تشريعاته، وما هذا إلا تخفيفًا على المسلمين، واختبارًا لهم.