أفضل قصة تعاون فيها الرسول مع أصحابه تشير إلى أهمية التعاون وحث الدين الإسلامي الحنيف عليه، حيث كان -صلى الله عليه وسلم- برغم مشاغله في فتوحاته وحروبه وتجهيز الجيش الإسلامي على أكمل وجه لنشر الرسالة الإسلامية، إلا أنه كان متعاون في صغائر الأمور، وعلى الأمة الإسلامية التحلي بتلك الصفة اقتداءً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قصة تعاون فيها الرسول مع أصحابه

هناك الكثير من القصص تعاون فيها الرسول مع أصحابه وأهله، فهو الصادق الأمين والذي أختاره الله تعالى ليرشد الناس إلى الدين الحق والتعاون فطرة خلقها الله في الإنسان فهو من ثمار الإيمان ويولد عند الفرد شعوره بالقوة ونيل محبة الله ولا يستطيع الإنسان أن يواجه أعباء الحياة بمفرده.

فلابد من أن يساعده أحد، حيث يستفيد كل فرد من تجارب الآخرين وتقاسم العبء، وتوجد عدة أمثلة لقصة تعاون فيها الرسول مع أصحابه وذلك ما يمكن سرده في الآتي:

1- التصدي لتعدي قريش على المسلمين

كان الرسول يواجه العديد من المحن والصعوبات وتم محاربته من الكفار، لأن قريش قامت بتعذيب المسلمين وأتباع محمد وقامت بفرض حصار اجتماعي واقتصادي، حتى يموتون من الجوع.

لقد عاونهم الرسول صلى الله عليه وسلًم في الثلاث سنوات التي حدث فيها الحصار في شعب أبي طالب، وتعرض معهم للأذى لمدة ثلاث سنوات وهذه قصة تعاون فيها الرسول مع أصحابه.

2- مساعدة الصحابة

عندما هاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وضع حجر أساس مسجده وحمل الصخر والتراب على أكتافه وكان يبني مع الصحابة رضي الله عنهم جميعًا ويشاركهم إنشاد الأشعار، حيث كان يقول عليه الصلاة والسلام:

(اللهم إن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة).

فعندما كان الصحابة يحملون لبنة، كان عمار بن ياسر رضى الله عنه يحمل لبنتين مرة واحدة فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:

(يا عمار، ألا تحمل لبنة لبنة كما يحمل أصحابك؟) فرد عليه عمار رضى الله عنه” إني أريد الأجر عند الله فقال النبي لأصحابه (ويح عمار، تقتله الفئة الباغية).

3- حفر الخندق

بالإضافة إلى يوم الأحزاب عندما حفر المسلمون الخندق كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يحفر معهم وشاركهم البرد والجوع والمعاناة من الريح فعن أنس رضي الله عنه قال:

(خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب (التعب) والجوع، قال: اللهم إن العيش عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة).

4- منح الصحابي البردة

أعطت امرأة هدية للرسول صلى الله عليه وسلم وكانت الهدية عبارة عن بردة، ولبسها الرسول صلى الله عليه وسلًم لأنه كان محتاج إليها فطلبها منه أحد أصحابه، فأعطاها له الرسول بالرغم من حاجته إليها.

فلما رأى أصحاب الرسول الرجل قالوا له: ما كان عليه أن يطلبها من الرسول وكان في حاجة إليها، لأن الرسول لا يرد سائلًا فقد أخبرهم أنه طلبها ليكفن بها بعد الموت وليس ليلبسها.

5- المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

منذ دخول الرسول صلى الله عليه وسلًم إلى المدينة وهو يسعى إلى المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار حتى يصبح المجتمع قوي إمام أعدائه، وكانت هذه المؤاخاة أقوى من أخوة الرحم وكان الأنصار على مستوى عالي من التعاون حيث واسوا إخوانهم المهاجرين.

فعن أبي هريرة قال:

(قالت الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: أقسم بيننا وبين إخواننا النخيل، قال: لا، فقالوا: تكفوننا المؤونة ونشرككم في الثمرة، فقالوا سمعنا وأطعنا) رواه البخاري.

حيث كانت لواقعة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار أثر طيب في نفوس الصحابة في هذه المرحلة من الإسلام، وذلك كان حجر أساس في بناء دولة إسلامية قائمة على التعاون والعدل والمشاركة والإيثار، فتحتوي تلك القصة على عدة فضائل منها الآتي:

  • العقيدة أساس البناء: فكان المؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين قائمة على أساس عقيدة التوحيد حيث تعدل بين الناس ولا تُميز أحد عن آخر.
  • الحب في الله: حيث حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على تعميق هذا المعنى في المجتمع الإسلامي الجديد، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)
  • القضاء على الفوارق الجاهلية: مثل المال والنسب التي كانت سائدة في تلك المجتمعات، فكان الهدف إزالتها لأنها تضعف المجتمع الإسلامي.

التعاون في الإسلام

خلق الله تعالى الناس مختلفين ليتعاونوا فيما بينهم، والتعاون هو نظام يتبعه الناس لتحقيق هدف مشترك، فالتعاون أفضل السلوكيات بينهم وبه يقف الجميع بيد واحدة أما العدو وينتشر الأمان والمحبة والرخاء، كما أن الإسلام يشجعنا على التعاون.

كما أن التعاون طريقة للتقرب من الله حيث قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، وهناك حكمة قديمة تقول: المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه.

بالإضافة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم يحثنا على التعاون في كثير من الأحاديث مثل قوله:

(مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحُمّى) و (يد الله مع الجماعة).

فالنبي كان رحيمًا وعطوفًا بأصدقائه، فخدم أنس بن مالك الرسول -صلى الله عليه وسلم- عشرة سنوات ومع ذلك لم يسخطه النبي على شيء قط، لذا هو القدوة الحسنة التي يجب أن يقتدي بها العالم أجمعين.

إن التعاون سمة من سمات النبي -صلى الله عليه وسلم- والتي يجب أن نقتدي بها، وهي سبيل إلى التطور والتقدم في المجتمع.