ما الدليل على تحريم الخروج على ولاة الأمر؟ وما أنواع الخروج على ولاة الأمر؟ إن إجابة مثل هذه الأسئلة من الأمور التي يجب أن يعرفها المسلمون جيدًا، لأن الأدلة على ذلك قد جاءت صريحة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وهو أمر عظيم لا يجب الاستهانة به أو التغاضي عنه، لأن الخروج على ولي الامر هو فعل محرَّم وتم التحذير منه، ولكن يجب توضيح الدليل على ذلك.

ما الدليل على تحريم الخروج على ولاة الأمر

إن الخروج على ولي الأمر أو الحاكم هو أمر تم تحريمه في الإسلام، وورد الدليل على التحريم في القرآن الكريم كما يلي:

قال الله تعالى في كتابه الكريم: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا“.

أيضًا جاء تحريم الخروج على ولاة الأمر في السنة النبوية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” من خرج من الطاعةِ وفارق الجماعةَ مات مِيتَةً جاهليَّةً“، لذلك وجبت الطاعة لولي الأمر كما وضحت الآية الشريفة وكما جاء في الحديث الشريف.

ما أنواع الخروج على ولاة الأمر

بعد أن أجبنا على سؤال ما الدليل على تحريم الخروج على ولاة الأمر، فإن العلماء قد قسموا الخروج على أولياء الأمر إلى أنواع بحسب نوع الحاكم نفسه، وسنشرح لكم كل نوع منهم:

أولًا: الخروج على الحاكم الظالم الجائر

يجب علينا طاعة ولي الأمر في جميع ما يفعله وما يأمر به، إلا في حالة الأمر بالمعصية، فلا طاعة لأي مخلوق في عصيان الخالق عز وجل، وقد ورد ذلك في كثير من الأحاديث، فالسيرة النبوية تمتلئ بالأحكام الشرعية التي يجب معرفتها حتى تستقيم طاعتنا لله، ومنها:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله {طاعةُ الإمامِ حقٌّ على المرءِ المسلمِ؛ ما لم يأمُرْ بمعصيةِ اللهِ، فإذا أمر بمعصيَةِ اللهِ فلا طاعَةَ لَهُ}.
  • عن أبي طالب رضي الله عنه قال، قال رسول الله {لا طاعةَ لأحَدٍ في معصيَةِ اللهِ، إنَّما الطاعةُ في المعرُوفِ}.
  • وعن عبد الله بن عمر قال: قال النبي {السمعُ والطاعةُ حقٌّ على المرْءِ فيما أحَبَّ أوْ كرِهَ ما لمْ يُؤْمَرْ بِمعصيةٍ، فإذا أُمِرَ بمعصيةٍ فلا سمْعَ عليه ولا طاعةَ}.

لقد أجمع أهل السنة والصحابة أنه لا يجب الخروج على الأئمة الظالمين لمحاربة ظلمهم بالسيف أو بالأسلحة المتواجدة الآن طالما أن ظلمهم لم يصل بهم إلى الكفر والدعوة إليه، فالمحاربة والخروج ضد الحاكم الظالم أو الجائر يترتب عليه فساد أكبر من الفساد الذي يسببه الحاكم وينشر الفتنة وسفك الدماء بغير وجه حق.

يكمُن الحل عند أهل العلم في أن ينصح العلماء وأهل الخير في البلاد الحكام ويوجهوهم إلى الخير والحق، ويستمروا على دعوتهم إلى تحكيم شعائر الله في الحكم، لذلك فإنه يجب أن يصبر الناس على جور الحكام وأذيتهم وترك قتالهم وعدم الخروج عليهم تجنبًا للفتنة وإشعالها.

ثانيًا: الخروج على الحاكم الفاسق

إن الحاكم الفاسق هو الحاكم الذي من يشهد أن لا إله إلا الله ويقيم الصلاة ولكنه يرتكب المحرمات والكبائر، مثل أن يظلم الحقوق ويدعو إلى البدعة، فهو لم يعمل بما في الإسلام ولا يُطبِّق ما فيه أحكام.

فهذا الحكام يجب طاعته فيما أطاع فيه الله وأن يُعصى في حال معصيته، والإنكار عليه في المعصية والمبالغة في ذلك، فيقوم العلماء والأخيار بما عليهم من النصح وتعليمهم ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ودعوتهم إلى طاعة الله وتحذيرهم من البدعة التي ينشروها ومن ظلمهم وأن هذه الأفعال ستكون لها تأثير سيء عليهم.

يجب الاستمرار في نصح الحكام الفاسقين حتى لو كان تأثير ذلك على العلماء أن يعتزلوا عن العمل معه في المعصية أو أن يتسبب لهم الحاكم في الأذى لردعهم عن التدخل أو النصح، وقد ظهرت الأدلة على تحريم الخروج على ولاة الأمر الفاسقين من السيرة النبوية:

  • فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: “ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئًا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدًا من طاعة”.
  • قال صلى الله عليه وسلّم: “من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية”.
  • قال صلى الله عليه وسلّم: “على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة”.
  • حديث حذيفة قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع. وفي رواية: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قال فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك”.

ثالثًا: الخروج على الحاكم الكافر

يختلف الأمر مع الحاكم الكافر الذي يشترط وجود دليل واضح على كفره كما قال الرسول “صلى الله عليه وسلم” عن مقاتلة الحكام: لا، إلا أن تروا كفرًا بواحًا ـ ولا ما أقاموا فيكم الصلاة ـ وما قادوكم بكتاب الله“.

يكون هذا من أمثلة المجاهدة ضد الكفار والمنافقين، وعند إزالة هذا الحاكم الكافر يجب أن يؤتى بغيره فيكون إمامًا مسلمًا صالحًا يقيم شرع الله في أرض الله، ويجب قبل الخروج عليه التأكد من القدرة على محاربته وإزالة سلطته والتخلص من شره.

رابعًا: الخروج على الحاكم العادل

في سياق الإجابة عن سؤال ما الدليل على تحريم الخروج على ولاة الأمر شدد الإسلام في النهي عن الخروج عن الحاكم العادل وأمر بطاعة الحاكم والالتزام بطاعته وطاعة أوامره، وأن من يخالف هذا فهو باغٍ.

  • كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من خلع يدًا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية”.

الإجابة عن سؤال ما الدليل على تحريم الخروج على ولاة الأمر تطلب توضيح الأحاديث والآيات القرآنية، وذلك لكي يكون الدليل مثبت وصحيح.