ما هو الكتاب الذي أنزل على عيسى؟ وما هي المعجزات التي آتاه الله له؟ حيث أنزل الله على الأنبياء الكتب السماوية التي تحتوي على الشرائع والأحكام والمواعظ التي توضح للأقوام ما يمكنهم الالتزام به للتقرب من الله، وما عليهم تجنبه لنيل شفاعته، فجبريل هو المكلف بإنزال تلك الكتب لذا يجب الاهتمام بمعرفة الكتب الذي أُنزلت على كل نبي.

ما هو الكتاب الذي أنزل على عيسى

أنزل الله على الرسل والأنبياء الكتب السماوية التي تحتوي على الأحكام والشرائع التي يجب إلزام القوم بها لنيل رضا المولى عز وجل، فأول من أنزل الله عليه الكتاب هو نبي الله إدريس وهو النبي الثالث الذي بعثه الله بعد إبراهيم وشيث، فكان الكتاب على هيئة ألواح، فما هو الكتاب الذي أنزل على عيسى؟

أنزل الله على نبيه عيسى كتاب الإنجيل فقد جاء في قوله تعالى (وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ)، فتكمن إجابة سؤال ما هو الكتاب الذي أنزل على عيسى؟ في الآية الكريمة التي تشير إلى الإنجيل.

بينما جاء في القرآن الكريم عدد الكتب السماوية وهو خمسة، فالقرآن الكريم هو ما أنزله الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والتوراة ما أنزلها الله على سيدنا عيسى، أما سيدنا إبراهيم فأنزل عليه الصحف السماوية، كما أنزل الزبور على سيدنا داوود.

الكتب السماوية

كلف الله عز وجل سيدنا جبريل عليه السلام بإنزال الكتب السماوية على الرسل والأنبياء، كما كان ينزل الوحي عليهم ويبلغهم برسائل الله عز وجل، حيث أنزل الكثير من الرسائل لكن الله أمره بإنزال خمسة كتب سماوية وهي كما جاءت في القرآن الكريم كالتالي:

  • الصحف على نبي الله إدريس: تم تسمية تلك الصحف بالزبور وهي مكونة من 150 سورة كلها تخص الشرائع والحكم الذي يجب على العباد أخذهم في الاعتبار في المعاملة، ففيهم الكثير من الأمور التي ينهى عنها ويأمر بها الله عز وجل.
  • صحف إبراهيم عليه السلام: إن ما أنزله الله على سيدنا إبراهيم لوائح تتضمن الكثير من الحدود والفرائض حيث قال تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ ۚ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).
  • التوراة على موسى عليه السلام: وهي ما اعتنقه اليهود وأخذوا في تحريفه، لكن حقيقته من عند الله وما يحتويه من مواعظ وحكم يأمر بها الله، فقال تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ).
  • الإنجيل: يشار إلى أن الإنجيل هو المكمل لكتاب التوراة حيث أنزله الله لبني إسرائيل لتوعيتهم فيما يقومون به من أقوال وأفعال.
  • القرآن: هو خاتم الكتب المرسل إلى كافة الأمم وهو مُنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

الإنجيل في الإسلام

للإجابة عن سؤال ما هو الكتاب الذي أنزل على عيسى؟ يجدر بالذكر أن الإنجيل كتاب الله الذي أنزله على نبيه عيسى عليه السلام، فأنزله على نبيه عيسى عليه السلام ليرسله إلى بني إسرائيل بعدما ابتعدوا عن شريعة سيدنا موسى عليه السلام، حيث جاء في القرآن ما يثبت أن الإنجيل من كتب المنزلة من عند الله في الآيات الآتية:

  • (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ).
  • (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
  • (وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ).
  • (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ).
  • (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ).

معجزات سيدنا عيسى

جعل الله لكل نبي من الذين أرسلهم إلى عباده معجزات يستدل منها على قدرة الخالق عز وجل أمام قومه، فمثلما كان لموسى معجزة شق البحر وكان لإبراهيم معجزة الخروج من النار، كان لسيدنا عيسى الكثير من المعجزات وهي كالتالي:

1- حمل السيدة مريم فيه بدون أب

قال تعالى على لسان السيدة مريم: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُون)، فنفخ سيدنا جبريل عليه السلام بأمر من الله عز وجل في ملابس السيدة مريم، وذلك كان سبب الحمل بدون زوج ولما تعجبت أخبرها جبريل أن ذلك أمر من الله عز وجل.

كما أمرها الله عز وجل وهي تلده أن تعز بجذع نخل لينزل عليها رطبًا طيبًا في وسط الصحراء إلى أن تمت ولادته عليه السلام وذلك ما جاء في قوله تعالى: (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا* فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا* وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا).

2- كلام سيدنا عيسى في المهد

عندما كانت السيدة مريم حزينة لما حدث لها ولا تتمكن من الظهور وسط أهل قريتها بعد ولادتها، فالله يعلم أنه لم يسمها بشر لكن أهل القرية لن يصدقونها أبدًا، فأمرها الله تعالى أن تمتنع عن الكلام لمدة ثلاثة أيام ولا تتحدث قبل ذلك، حيث رد النبي عيسى عليه السلام في مهده على أهل قريتها عندما طرحوا عليها الأسئلة.

فقال الله تعالى (قالَ إِنّي عَبدُ اللَّـهِ آتانِيَ الكِتابَ وَجَعَلَني نَبِيًّا* وَجَعَلَني مُبارَكًا أَينَ ما كُنتُ وَأَوصاني بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوالِدَتي وَلَم يَجعَلني جَبّارًا شَقِيًّا* وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَومَ وُلِدتُ وَيَومَ أَموتُ وَيَومَ أُبعَثُ حَيًّا)، وذكر لهم أنه مرسل من عند الله، وذلك يشير إلى أهمية إجابة سؤال ما هو الكتاب الذي أنزل على عيسى؟

3- إنزال مائدة من السماء لقومه

قال الله تعالى: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّـهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ* قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).

حيث طلب قوم سيدنا عيسى أن ينزل عليهم مائدة حيث يعتبرون ذلك اليوم هو عيدهم ويحتفلون به كل عام، فأنزل الله عليهم مائدة من السماء ليتأكدوا من صدق عيسى عليه السلام، حيث طلب منهم في البداية أن يطلب من الله ذلك بشرط أن يصوموا لمدة 30 يوم وتنزل المائدة ليأكلوا منها.

4- رفع الله لعيسى إلى السماء

بعد كل محاولات عيسى عليه السلام في دعوة قومه إلى الإيمان بالله والتوحيد لم يقتنعوا ويتيقنوا من الإسلام، لكن عندما كان مع قومه دلوا عليه ليُقتل فشبهه الله بشخص آخر ورفعه إلى السماء، بينما أخذ الأعداء شبيهه وصلبوه وقتلوه، حيث رفعه الله عز وجل إلى السماء الثانية.

فقال الله تعالى في ذلك (إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).

5- إحياء الموتى

وردت تلك المعجزة في قوله تعالى (وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).

حيث جعل الله نبي الله عيسى يتمكن من إحياء الموتى عندما جاءت فتاة إلى نبي الله عيسى وقالت له أن أخوها عازر قد مات من ثلاثة أيام، فأبلغها أن يذهبوا إلى قبره فدعا الله تعالى أن يحيه فقام عازر من قبره.

أنزل الله عز وجل الكتب السماوية وعلى العباد الإيمان بها جميعًا فكل الكتب السماوية كلام الله مثلما كل الأنبياء مرسلين من عند الله.