ما هي أركان النكاح؟ وما الشروط الواجب توافرها ليتحقق ذلك؟ حيث شرع الله الزواج وشرع معه أحكام وروابط تحكمه وتحافظ على استمراريته وضمان حصول الطرفين على حقوقهم للقدرة على الاستمتاع بالزواج، فالهدف من الزواج هو أن يضمن الإنسان شعوره بالسكينة مُضاف إليه إشباع الغرائز ومنه انتشار الفواحش والمعاصي، فالزواج ما يحقق استمرار النسل البشري واستعمار الأرض.

ما هي أركان النكاح

ذكر الله عز وجل الزواج في القرآن بالميثاق الغليظ في قوله تعالى (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، فحرص أن يكون لذلك قواعد وأحكام مؤكدة تحكم ديمومته وتضمنها.

حيث ساوى صلى الله عليه وسلم بين النكاح وبين المجاهد في سبيل الله في قوله: (ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ عونهم: المجاهدُ في سبيلِ اللهِ، والْمُكَاتَبُ الذي يريدُ الأداءَ، والناكحُ الذي يُرِيدُ العفافَ)، لذا يجب معرفة ما هي أركان النكاح؟ لمراعاتها وتحقيقها ليتم الزواج ويكون كاملًا.

فتتضمن إجابة سؤال ما هي أركان النكاح؟ في رأي الحنفية أنه ركن واحد يجب مراعاته ليتم النكاح، أما في المذاهب الأخرى قد أكدوا أنهم خمسة أركان يتمثلوا في الآتي:

1- صيغة الزواج

اتفق علماء المذاهب الأربعة على تلك الركن، حيث يعتبر هو الركن الوحيد الذي أقر علماء الحنفية أنه واجب عن النكاح، فلكي ليتم النكاح ويتحقق أول أركانه يجب مراعاة القبول، وهو ما يصدر من الطرف الأول ويقبله الطرف الآخر، وشرط تحقق ذلك الركن يجب أن تكون الصيغة شفهية أو ما يتمكن العاقد من خلالها عن التعبير عن قبوله.

فأكد علماء الحنفية والمالكية أنه يتم بالألفاظ التي تشير إلى القبول والرغبة والتمليك وأن يتفهم الشروط ما يُقال، أما علماء الشافعية والحنابلة يرون أنه يجب النطق بمصطلح زوج أو نكح واشتقاقاتهم وذلك حسب ما ورد في القرآن الكريم حيال ذلك.

2- قيمة الصداق

استكمالًا للإجابة عن سؤال ما هي أركان النكاح؟ يمكن ذكر الركن الثاني الذي أكد علماء الشافعية والمالكية والحنابلة، فقد استدلوا به من كتاب الله الكريم في قوله (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)، بالإضافة إلى الاستدلال بالسنة وما قام به التابعين من السلف الصالح.

حيث أكد صلى الله عليه وسلم على ذلك حتى وإن كان أمرًا بسيط في قوله (التَمِسْ ولو خَاتَماً من حديدٍ)، بالإضافة إلى ما ورد عنه في قوله أيضًا: (لا نِكاحَ إلّا بِوَليّ وصَداق وشاهِدَيْ عَدلٍ) حتى عندما طلب منه إحدى المسلمين أن يتزوج من امرأة فسأله عما معه فقال إنه لا يملك إلا سور حفظها من القرآن الكريم فأكد صلى الله عليه وسلم أنها تكون مهر العروس، وذلك بيان وجوب المهر عند الزواج.

3- طرفان العقد (العاقدان)

المقصود بهم الزوج والزوجة أي من تم العقد عليهم، فلا يمكن أن يتم النكاح بدون أحدهما، بالإضافة إلى وجوب أن تكون الزوجة لا تمتلك أي موانع تعيقها من النكاح مثل أن تكون متزوجة أو مطلقة ولم تتم شهور عدتها أو إن كانت مرتدة عن الدين أو لا تؤمن بالأديان الكتابية أي تكون تنتمي لديانة غير النصرانية أو اليهودية، أو تكون الزوجة من محارم الزوج الذي أوضحهم الله عز وجل في كتابه الكريم.

4- وجود الشهود

لتوضيح ما هي أركان النكاح؟ يجدر بالذكر أنه يجب وجود الشهود وهم رجلان بالتحديد، وشرط أن يكونا مسلمان واصلان لسن البلوغ بصيرين سامعين حرين عاقلين فاهمين عادلين، وقد أكد بعض العلماء أنه يمكن أن يكون أحد الشهود ضرير.

5- وجود وَلِيّ

اختلف العلماء في ذلك الركن، حيث أكد البعض أنه ركن لا يتم النكاح بدونه واستدلوا بقوله تعالى (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) حيث أشار البعض أن تلك الآية الكريمة جاءت في الصحابي الجليل معقل بن يسار رضي الله عنه عندما تطلقت اخته من زوجته وبعد انقضاء العدة قام بخطبتها مرة أخرى ورفض يسار، كما قالت عائشة رضي الله عنها أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال (أَيّمَا امْرَأَة نَكَحَت بِغَيْر إِذن وَليّهَا، فنكاحها بَاطِلٌ ثَلَاثاً)، لكن أكد البعض الآخر على عدم ضرورة ذلك.

شروط عقد النكاح

حث رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بالنكاح وذلك لما ورد عنه في قوله: (تخيَّروا لنُطَفِكم، فانكِحوا الأكفاءَ وأَنكِحوا إليهم)، بينما أشار إلى ضرورة حسن الاختيار ثم مراعاة شروط لإتمام عقد النكاح وهي تتضمن الآتي:

تعريف الطرفان: يجب ذكر اسم الزوج بالكامل واسم الزوجة أيضًا فلا يجب أن يكون الزواج مبهم غير واضح من يعقد على الآخر.

مراعاة عدم الإكراه من قبل الطرفين: يجب أن يتواجد الرضا والقبول بين الطرفين، وألا يكون أحدهم مرغم على الزواج من الآخر.

عقد الولي على زواج المرأة: لا يجب أن تزوج المرأة نفسها فولي المرأة هو أبوها ثم جدها للأب ثم ابنها ثم ابنائه ثم أخوها الشقيق ثم أخوها غير الشقيق ثم عمها ثم أقرب عصبتها نسبًا من ناحية الإرث.

إشهار الزواج: ليتم الزواج يجب أن يتحقق شرط الإشهار، فذلك بدوره يحقق الكثير من المنافع الدينية والدنيوية وأهم تلك المنافع منع التواجد في محل الشبهات وتلقي الظنون.

حكم النكاح في الإسلام

في اللغة العربية تشير كلمة النكاح إلى عقد وطء المرأة وجماعها، لكن في الشرع يشير إلى العقد بين الرجل والمرأة وقدرة كلًا منهما على الاستمتاع بالآخر وتكوين نسل مستمر، فإن قدر الرجل على النفقة والوطء يجب عليه الزوج، فقال الله عز وجل:

(سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ).

فالزواج من آيات القرآن الكريم وما يشير إلى ذلك قوله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، فشرع الله عز وجل الزواج لاستمرار السلالة البشرية وامتداد حياتهم على الأرض وذلك لاستكمال خلافة الأرض التي خلق الله البشر لها، حيث لذلك أحكام يجب أخذها في الاعتبار وهي تشمل الآتي:

واجب: من تذهب نفسه إلى النساء ويخاف من الوقوع في الزنا من شدة رغبته في الأمر يكون الزواج عليه واجبًا إن كان قادرًا، لكن إن لم يقدر فعليه أن يعف نفسه.

مندوب: يكون الزواج مندوب لمن يرغب في زيادة نسله بهدف معين.

مباح: يكون الزواج مباح إلى من لا يشتهي النساء ولا يخاف من الوقوع في الزنا.

مُحرم: من يؤثر زواجه بالسلب على صحة زوجته الجسدية أو النفسية يكون الزواج له مُحرم، كمصابي الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي.

مكروه: في حالة إن كان الرجل لا يفكر في النساء ويتسبب زواجه في الضرر بمن يتزوجها، كما لا يخاف على نفسه من الوقوع في الزنا، أو من كان لديه طباع قاسية يمكنه أذى زوجته.

أهمية النكاح في الإسلام

خلق الله عز وجل آدم ومد نسله عقود طويلة لاستكمال خلافته وإعمار الأرض، علاوة على ذلك فشرع الله الزواج وجعل له شروط وأحكام تضمن استمراره ونجاحه وفقًا لتحقيق أمور أخرى تعد من أهمية النكاح وهي كالتالي:

أولًا: اتباع أوامر الله عز وجل

قال الله عز وجل (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)، فشرع الله ذلك لكي يحصل الطرفين على المتعة من بعضهما البعض، علاوة على ذلك الأجر والثواب من اتباع أوامر الله عز وجل واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:

(لقَدْ قالَ لَنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ).

ثانيًا: استمرار النسل البشري

قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً)، فالزواج هو الوسيلة الوحيدة التي من شأنها الحفاظ على استمرار النسل، على الإنسان الحفاظ على ذلك اتباعًا لقول الله تعالى.

ثالثُا: الوصول إلى السكينة

من أجمل ما يحققه الزواج هو الشعور بالسكينة الجسدية والنفسية، فلما خلق الله عز وجل سيدنا آدم عليه السلام كان يمشي وحيدًا في الجنة يشعر بالوحشة لذا خلق الله عز وجل حواء من ضلعه الأيسر لتكون أنيسة له ويسكن إليها، فالأنيس هو من يسلي الآخر ويسانده.

رابعًا: تحقيق الغرائز

قال صلى الله عليه وسلم (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ)، فالزواج يحمي المجتمع من انتشار المعاصي وكثرة الزنا واختلاط الأنساب.

لم يترك الدين الإسلامي الحنيف بابً إلا وقد وضحه وبين أحكامه وشروطه وعلى الأمة المسلمة أن تراعي ذلك حفاظًا على انتشار الدين بأحكامه الأساسية وعدم تجاهل ذلك حتى لا تبهت معالم الدين.