مراتب الدين ثلاثة وهي التي إذا جمع بينها العبد كان صادقًا مع الله في العهد والوعد، فهي المستويات التي يجب أن يتوق إلى الوصول إليها، حتى يكون هناك رباطًا بينه وبين الله، ويسعى في ذلك بكل العبادات الصالحة والأعمال الحسنة، أملًا من الله أن يحشره في زمرة عباده الصالحين.

مراتب الدين ثلاثة وهي كالتالي

إن الإسلام هو دين التوحيد، بألا إله إلا الله هو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، وأن رسوله هو محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم.. فالإسلام هو الفطرة وهو العقيدة السمحة.. أما عن مراتب الدين ثلاثة وهي كالتالي: (الإسلام، الإيمان، الإحسان).

أولًا: مرتبة الإسلام

إنه المرتبة العامة، الذي يشتمل على خمسة أركان، يجب أن يعلم بهم المسلم الحق ويؤديهم، فهي الأسس التي يُبنى عليها الدين الإسلامي، من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين.. أما عن تلك الأركان فهي:

  • أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله
  • إقامة الصلاة (خمس صلوات مفروضة كل يوم)
  • إيتاء الزكاة (حقًا للفقراء على الأغنياء)
  • صوم رمضان (في الشهر المبارك، وهو شهر الطاعات والغفران والعتق من النيران)
  • حج البيت (للقادر من يستطيع إليه سبيلًا)

أما عن الشاهدتين فهما بمثابة الإعلان عن الإيمان، بأن يصرح العبد أنه لا خالق للكون إلا الله، وأنه مؤمن بنبيه محمد الذي أنزل إليه بالقرآن والهدى، والشهادتين يدخل بهما العبد في الدين الإسلامي.

لا تُقال الشهادة باللسان فقط، إنما بالجوارح أيضًا، فيقرها القلب ويعمل وفقًا لها البدن، فتجدها في قول العبد وعمله، وتقتضي ألا يجعل العبد ندًا في عبادته مع الله سبحانه وتعالى.. كما توحي بأن العبادة لا تتم إلا بإخلاصها لله واتباع منهاج الرسول فيها.

أما عن الصلاة فهي الركن الثاني من الإسلام، مفروضة على كل مسلم بالغ عاقل لا يوجد لديه عذر مشروع، وهي الصلة بين الله وعبده، وهي وسيلة المناجاة التي ليس على العبد قطعها أبدًا.

أما عن العبادة المالية التي فرضها الله سبحانه وتعالى لتطهير الأنفس من الشُح فإنها الزكاة، التي تنقي صحائف المرء من ذنوبه وخطاياه.. وذلك الفرض يُسقط عن كل فقير معدم، فهي حق له لا واجب عليه، وهذا من يسر الدين وعدله.

كذلك تجد الحكمة في فرض الصوم، ليكون تهذيبًا لنفس المسلم وتطهيرًا لها، عن كل دنس لا عن الطعام والشراب فحسب، فتتنزل رحمة الخالق على عباده في الشهر الكريم، ليعودوا إلى فطرتهم السوية.

ليكون حج بيت الله الحرام هو آخر أركان الإسلام، تتوافر فيه الاستطاعة والقدرة المالية والعقل والبلوغ، تزكية للنفوس على الطاعة والصبر ويغفر الله به الذنوب مما تقدم وتأخر.

ثانيًا: مرتبة الإيمان

إن الإيمان هو التصديق، واليقين والاطمئنان، تدور حوله النفس ويستقر إليه الفكر، أما عن أركان الإيمان فهم ستة تأتي كما يلي:

  • الإيمان بالله: الاعتقاد اليقيني بأن الله موجود لا شريك له في الملك، أن له صفات وأسماء علا، لا يشترك فيها مع أحد من خلقه، وهو ما يُستند إليه بقية العبادات، فمن لا يؤمن بالله لا يقوم بأي عبادة أخرى، فالإيمان بالله هو المفتاح والأساس.
  • الإيمان بالملائكة: التصديق بأن الله خلق الملائكة من النور وأنهم موجودون يعبدون الله ويفعلون ما يؤمرون به.
  • الإيمان بالكتب السماوية: ما يعني الإيمان بأن الله أنزل على رسله التوراة والإنجيل والزبور والقرآن.
  • الإيمان بالرسل والأنبياء: لا يُشترط أن يعلم عددهم أو أسمائهم، لكن فقط يؤمن بأن الله أرسل أناسًا اصطفاهم على الخلق وجعلهم من أنبيائه لتهتدي الخلائق بهم، كان خاتمهم أشرف الأنبياء والمرسلين.
  • الإيمان باليوم الآخر: وهو يوم القيامة، أي يؤمن العبد بأن هناك بعد الموت البعث مرة أخرى، للحشر والحساب حسب الأعمال، فإما النعيم أو العذاب.
  • الإيمان بقضاء الله وقدره في خيره وشره: أي يؤمن العبد بأن كل ما هو موجود في الدين من صنيع الخالق، وبتقديره، فهو قدر كل شيء بحكمة بالغة وبدقة متناهية، لا يعلمها إلا هو سبحانه القادر على كل شيء ومن بيده مقاليد الأمور.

ثالثًا: مرتبة الإحسان

إن الإحسان هو المرتبة الأعلى من مراتب الدين الثلاثة، وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وهذا في تعريف أشرف الخلق له، أما عن معناه فيأتي في إتقان العبد لما يعمل وإجادة هذا العمل فيعطي كل ذي حق حقه.

فإن كان حقًا من حقوق العباد فيفيه، وإن كان حقًا من حقوق الله فيجب ألا يشرك به شيئًا وأن ينصف حق الله في التوحيد والعبادات، ويؤدي الفرائض على أكمل وجه، كما تكون أقواله وأفعاله وفقًا لمنهاج الله تعالى وطاعته وطاعة رسوله الكريم.

أما عمن يعصي الله سبحانه وتعالى ولا يبع الأوامر والنواهي كما جاءت في الشريعة فإنه بذلك لم يصل إلى مرتبة الإحسان في الدين.. ومن وصل إليها فهو العبد الجامع لأصول الدين جمعاء.

كما أن الله سبحانه وتعالى ذكر في غير موضع منزلة الإحسان والمحسنين، فالله يُحب المحسنين من عباده، الفاعلون لما يؤمرون، الشاكرون في البأساء والضرّاء، والصادقون مع الله المخلصين إليه.. كما أن جزاء الإحسان عظيمًا، فهو الإحسان بعينه ولكن من الرحمن إلى عبده.

مع الفارق بين إحسان العبد وإحسان الرحمن، فنجد أن قطرة من العبد يعادلها الله أضعافًا مضاعفة، ويقابلها بالكثير من العطاء الربانيّ.

الدليل على مراتب الدين الثلاثة من السنة النبوية

في ظل حديثنا عن مراتب الدين الثلاثة نذكر ما جيء في الدلالة عليها مصداقًا لما روي عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- قال عن النبيّ صلى الله عليه وسلم:

“بيْنَما نَحْنُ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ يَومٍ، إذْ طَلَعَ عليْنا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ الثِّيابِ، شَدِيدُ سَوادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عليه أثَرُ السَّفَرِ، ولا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ، حتَّى جَلَسَ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ، ووَضَعَ كَفَّيْهِ علَى فَخِذَيْهِ. وَقالَ: يا مُحَمَّدُ أخْبِرْنِي عَنِ الإسْلامِ…

… فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: الإسْلامُ أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤْتِيَ الزَّكاةَ، وتَصُومَ رَمَضانَ، وتَحُجَّ البَيْتَ إنِ اسْتَطَعْتَ إلَيْهِ سَبِيلًا، قالَ: صَدَقْتَ، قالَ: فَعَجِبْنا له يَسْأَلُهُ، ويُصَدِّقُهُ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإيمانِ…

… قالَ: أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ، قالَ: صَدَقْتَ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإحْسانِ، قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ…

… قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قالَ: ما المَسْؤُولُ عَنْها بأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قالَ: فأخْبِرْنِي عن أمارَتِها، قالَ: أنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها، وأَنْ تَرَى الحُفاةَ العُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطاوَلُونَ في البُنْيانِ، قالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قالَ لِي: يا عُمَرُ أتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّه جِبْرِيلُ أتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ” (صحيح مسلم).

إن كل عمل صالح يدخل في إطار الإسلام والإيمان الصادق والإحسان.. وتلك هي المراتب التي يجب أن يتحلى بها العبد ويؤمن بها.