من أعمال الخليفة عمر بن عبد العزيز ما يدلل على اتباعه نهج الفاروق جده رضي الله عنه وأرضاه، فكان عادلًا زاهدًا في الدنيا يُحب أن ينصر الحق ويرد الحقوق إلى أصحابها، فكانت خلافته نورًا لرعيته، تنعموا في حكمه بالكثير من الخير والنفحات، وكان يُعلي من راية الإسلام في كافة ربوع الدولة.

من أعمال الخليفة عمر بن عبد العزيز

في عام 98 هجريًا، حاصر المسلمون القسطنطينية وفي ذلك الوقت توفي سليمان بن عبد الملك وأصبح عمر بن عبد العزيز خليفة للمسلمين، فقد ولاه وبايعه وهو مريض قبل موته، ومنذ توليته وقد قام بالكثير من الأعمال الهامة لإعلاء الدولة الإسلامية.. ومن أعمال الخليفة عمر بن عبد العزيز:

  • أوقف التوسع في المناطق النائية في أطراف الدولة.
  • سحب القوات الإسلامية من مناطق القتال.
  • أزال الأندلس عن عمالة إفريقية.
  • أقفل من وراء النهر من المسلمين بذراريهم.
  • أمر جبهة بلاد السند بالإسلام والطاعة فأطاعوه.
  • هاجم الأتراك الذين أغاروا على أذربيجان وقتلوا المسلمين هناك.
  • أمر ببناء وتحصين مدينة اللاذقية إثر إغارة الروم عليها.
  • أمر بترحيل أهل طرندة وهم كارهون لذلك لإشفاقه عليهم من العدو.
  • أصدر أوامره إلى بعض الأئمة والعلماء بجمع سنن وأحاديث النبيّ منعًا من ضياعها.

ما تميزت به خلافة عمر بن عبد العزيز

تجلت صفات عمر المتفردة في إدارته للدولة، فلم يحكمها كما كان يحكم الأمراء من قبله، إنما كان بحق خامس الخلفاء الراشدين في اتباعه لنهجهم في الخلافة، الأمر الذي جعل أعمال الخليفة عمر بن عبد العزيز تتميز بما يلي:

  • نشر العلم: خاصة بين الرعية فقد عزم على تفقيههم في أمور الدين والشرائع والسنن لاستكمال إيمانهم، فبعث في رعيته العلماء ليتفرغوا إلى نشر العلم.
  • اتباع مبدأ الشورى: تأسيًا بالرسول صلى الله عليه وسلم اتبع عمر بن عبد العزيز الشورى في خلافته وتبين ذلك في أول يوم له في الحكم، فكان يستشير العلماء ويأخذ بنصائحهم، وذوي العقول الراجحة، وكان يشبه حكمه بالابتلاء ويقول: “قد أبتليت بهذا الأمر فأشيروا عليّ“.
  • عزل الولاة الظالمين: كل من كان ظالمًا من الولاة في عهد أمراء البيت الأموي من قبله قام بعزلهم من مناصبهم نظرًا لتعسفهم مع الرعية، ومن يغشون وينهبون في ثروات البلاد.. وكان يحرص في تعيين الأمناء فقط.
  • رد المظالم: كان لعمر سياسة محددة في رد المظالم إلى أصحابها، وقد بدأ بنفسه وأهل بيته، وكان زاهدًا لا يريد ما أدخله الأمويين من مظاهر السلطان والجاه على بيوتهم وثيابهم، فكان يرى أن هذا الترف لم يكن موجودًا في عهد النبيّ وخلفائه.
  • إعمال العدل: فكان يرى في مسؤوليته رد الحقوق إلى أصحابها، وتحقيق مصالح العامة طالما كانت في إطار الشرع، والاستزادة في العدل بين الناس كافة تأسيًا بجده الفاروق، وكان محبًا لأهل البيت وأعاد إليهم حقوقهم.

عمر بن عبد العزيز قبل الخلافة

كما ذكرنا الكثير من أعمال الخليفة عمر بن عبد العزيز يعنينا تسليط الضوء على نهجه قبل الخلافة، فقد كان عمر بن العزيز له دور كبير لا يستهان به في نصح أمراء المؤمنين، ولم لا وهو المعروف عنه صفاته الحسنة تأسيًا بجده عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكانت له مكانة جليلة في البيت الأموي.

لاسيما عند عمه عبد الملك الذي كان يعجب بحكمته وذكائه فقد زوجه من ابنته.. إلا أنه في عهد عبد الملك بن مروان لم يكن له دورًا جليًا في أمور الخلافة نظرًا لانشغاله بتحصيل العلم، فقط كان على الدوام يذكر عمه بالمسؤولية الملقاة على عاتقه ويذكره بحديث رسول الله بأنه مسؤول عن رعيته.

بعد وفاة عبد الملك بن مروان قام الوليد بن عبد الملك بتولية عمر إمارة المدينة المنورة وكان ذلك في عام 87 هجريًا، ثم ولاية الطائف، وبذلك صار عمر واليًا على الحجاز بأسرها، وقد عمل على:

  • إعمال الحق والعدل في الناس وعدم الجور على بيت المال.
  • حج بيت الله الحرام في عامه الأول من الولاية.
  • إخراج الهبات والعطايا لأهل المدينة.
  • تكوين مجلس الشورى وهو مجلس فقهاء المدينة العشرة.
  • توسيع المسجد النبوي حتى جعله مائتي ذراع في مائتي ذراع.

إلا أنه استعفى من المدينة في عام 92 هجريًا، ونذكر أن الوليد بن عبد الملك لم يكن كأبيه فلم يأخذ بآراء عمر ونصائحه، فكان يعتقد أن سياسة التعسف هي السبيل الوحيد لتثبيت حكمه في الدولة كما يرى الحجاج وهو أشد الناس كرهًا لعمر بن عبد العزيز.

أما في عهد سليمان بن عبد الملك تهيأت الفرصة أكبر لتظهر آثار عمر في مختلف جوانب الدولة، فقد جعله سليمان مستشارًا ووزيرًا وملازمًا له.

موقف عمر من الخلافة

أثناء مرض سليمان بن عبد الملك بن مروان لم يكن عمر راغبًا في الخلافة، فكان زاهدًا في الدنيا ويرى في الأمر ابتلاء لا يقدر عليه، فيُذكر أنه بعد وفاة سليمان بن عبد الملك ومبايعته له بالخلافة صعد ليخطب في الناس.

في مفاد ما قاله إنه قد ابتلي في الخلافة، وكان ليس طالبًا لها، وأخبرهم أن الأمر شورى وعليهم أن يروا إن كانوا سيختارونه أم لا، ورد الناس في صوت واحد أنهم يختارونه أميرًا للمؤمنين، وأنهم راضين به.

حينئذِ حمد عمر ربه وأوصى الناس بالتقوى والعمل للآخرة وعدم التكالب على أمور الدنيا، حتى يكفيهم الله أمر دنياهم، وأمرهم بطاعة الله ورسوله وعدم اتباع المعاصي والأهواء، وأنه إن رأوا منه طاعة ربه فليطيعوه وإن لم يروا فليس له عليهم طاعة.. وهكذا كان أمير المؤمنين عمر مثالًا للخلفاء الراشدين في عهودهم، وكانت أعمال الخليفة عمر بن عبد العزيز خير برهان على ذلك.

كان عمر بن عبد العزيز حازمًا في الدفاع عن الحقوق ونصرة المظلوم على الظالم، فكان أشبه الناس بالفاروق في زهده وشجاعته.