من أنواع الكفر الأصغر ما أكد عليه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في عدة أحاديث نبوية، وذلك لأن الكفر من الأمور الخطيرة التي يوصل إلى غضب الله على العبد، لذا نجد أن النبي (ص) أشار إلينا إلى تلك الأعمال؛ كي يتجنب فعلها، وفعل ما يوصل إليها، وسنتعرف من خلال هذا الموضوع على هذه الأنواع.

من أنواع الكفر الأصغر

الكفر الأصغر هو أي كفر لا يناقض أصول الإيمان، ولكنه من شأنه أن يُضعفه وينقص منه، وهو كل عمل لا يؤدي إلى سلب صفة الإسلام من صاحبه، ولقد اشتهر هذا النوع من الكفر عن أهل العلم في الغالب باسم، “كفر دون كفر”، أي أن صاحب هذا الفعل يكون على حافة الخطر الكبير.

حيث إن الكفر الأصغر يوجب غضب الله تعالى، في حال لم ينتبه صاحبه له، ويتوب عن فعله، لذا يجب أن يتب العبد عن فعل ذلك، ولقد تم إطلاق هذا اللفظ على تلك الأفعال والمعاصي من قبل الشارع على سبيل التهديد، وذلك لأن فعلها يعتبر من خصال الكفر، ولكنها لا تصل إلى الكفر الأكبر.

كما أن هذا النوع يعتبر من كبائر الذنوب، وهو عقابه كبير من قبل الله تعالى، ويستحق الوعيد والعذاب الشديد من المولى –عز وجل-، ولكن من دون أن يخلد صاحبة في النار، وسوف نتعرف الآن مجموعة أعمال صُنفت من أنواع الكفر الأصغر إليكم من خلال الفقرة التالية:

1- كفران العشير والإحسان

يعد كفران الزوج لفعل زوجها الحسن والجيد معها من أنواع الكفر الأصغر، ولقد استدل العلماء على هذا النوع بالحديث النبوي الشريف، ذلك في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

“أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أكْثَرُ أهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ قيلَ: أيَكْفُرْنَ باللَّهِ؟ قالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، ويَكْفُرْنَ الإحْسَانَ، لو أحْسَنْتَ إلى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شيئًا، قالَتْ: ما رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ“.

2- محاربة المسلم لأخيه المسلم

إن قتال المسلمين بعضهم البعض يعتبر من أنواع الكفر الأصغر، والدليل على ذلك أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أشار إليه في حديثه على أنه كفر؛ حيث قال: “سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وقِتَالُهُ كُفْرٌ“، ولكن على الرغم من هذا القتال الذي قد يكون بينهم لم يفقدهم صفات الإيمان، لهذا تم تصنيفه من هذا النوع من الكفر.

3- النسب لغير الأب

إن انتساب الشخص لشخص غير والده من الأمور المحرمة، بل وتعتبر من ضمن أنواع الكفر الأصغر، استدل على ذلك من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لَا تَرْغَبُوا عن آبَائِكُمْ، فمَن رَغِبَ عن أَبِيهِ فَهو كُفْرٌ”.

4- الحلف بغير الله

إن الفقهاء وأهل العلم اجتمعوا على أن الحلفان بغير الله –جل في علاه- من أنواع الكفر الأصغر الذي لا يكون صاحبه خارج عن الملة نتاج فعله، ولكن يكون هذا على شرط عدم تعظيم الشيء المحلوف به في قلب المسلم، وذلك وفقًا لما جاء عن الرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من حلفَ بغيرِ اللهِ فقد كفرَ أو أشركَ

5- طعن النسب والنواح على المتوفي

من الأمور التي تعتبر من الكفر الأصغر هي قيام المسلم والمسلم بالطعن في نسب غيرهم من الأشخاص، وكذلك النواح على المتوفي وتمزيق الملابس، يعتبر كل ما سبق من الكفر الأصغر، واستدل على ذلك من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ثلاثةٌ من الكُفرِ باللهِ: شَقُّ الجيبِ، والنِّياحةُ، والطَّعنُ في النَّسَبِ”.

6- كفر النعمة

إن المسلم الذي يجحد نعمة الله تعالى عليه وينسبها إلى غيره من المخلوقات من الأفعال التي تندرج من الكفر الأصغر، والدليل على ذلك في قوله تعالى:

“يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ”

مثال على ذلك: إذا ورث أحد الأشخاص أموال كثيرة عن أبيه، نسب الفضل والكرم الذي حل عليه إلى أبيه، ونسى فضل الله عليه.

آثار الكفر الأصغر

إن الشرع لم يطلق على تلك الأعمال كلمة كفر إلا إذا كان له تأثير خطير على الشخص وعلى المجتمع ككل، وهذه الآثار تتسبب في العديد من الأضرار والفتن، وسوف نتعرف على هذه الآثار من خلال السطور التالية:

  • إن قتال المسلمين يترتب عليه حدوث الفتنة بين المسلمين جميعًا.
  • تعرية المسلم من نسبة وانتسابه لشخص آخر من الأشياء الخطيرة التي تهدد الحياة الاجتماعية.
  • فعل الشخص للنواح على المتوفي يعني سخطه على قضاء الله تعالى، وعدم الرضا بما قدره.
  • جحود المرأة لحق زوجها من الأمور التي تتسبب في تفكك الأسرة وفسادها.

أنواع الكفر الأكبر

إن الكفر الأكبر يخالف في تعريفه الكفر الأصغر فهو كل عمل يناقض الإيمان، ويؤدي فعله إلى الخروج من الدين الإسلامي، ويستوجب فعله خلود الفاعل في النار، كما أنه لا ينال شفاعة النبي –صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، وهذه الأعمال تكون إما بالقول أو بالفعل أو بالاعتقاد، والكفر خمسة أنواع، سوف نتعرف عليهم من خلال الآتي:

1- كفر الاستكبار والإباء

يعد هذا النوع من الكفر الأكبر هو أكثر ما كان يحدث من قبل قوم الرسول –صلى الله عليه وسلم- الذين كانوا يعلمون جيدًا أنه جاء بالحق إليهم، ولكنهم مع ذلك يكذبونه، ويستكبرون عليه وعلى الإيمان به.

كذلك لا يكون تصرفهم سوى عناد وإباء منهم، واستدل على ذلك من خلال قول المولى –عز وجل-، حيث قال:

“وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ”.

2- كفر التكذيب بالرسل

إن الاعتقاد الأنبياء والرسل يكذبون فيما جاؤوا إلينا به سواء كانوا يبدون ذلك أم يخفونه، فإن هذا يعتبر كفر، والدليل على ذلك أتى من كتاب الله تعالى، حيث قال –عز وجل-:

“وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَما جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ”.

3- كفر النفاق

يعني هذا النوع من الكفر هو النفاق المعتاد عليه، أي انه يظهر الشخص فيه إيمانه أمام الناس ممن حوله، ولكنه في باطنة يخفي كفره بذل، ولقد أوضح ذلك النوع الله تعالى في كتابه العزيز، حيث قال: “ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ”.

4- كفر الشك

أما عن هذا النوع من الكفر هو الذي يكون صاحبه متردد بخصوص تصديق الرسل والرسالة التي جاؤوا بها، وهو يقال عنه كفر الظن، وهو عكس ما يجب أن يكون عليه المسلم، حيث يجب أن يكون على يقين تام وجزم بكل ما يتعلق بدينه، والدليل قوله تعالى:

“وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ الساعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَواكَ رَجُلًا لَكِنا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا”.

5- كفر الإعراض

الإعراض هنا يعني الإعراض بشكل تام عن الدين الإسلامي سواء كان بالقلب أو بالسمع أو بالعلم، مثلما يُعرض عما جاء النبي –صلى الله عليه وسلم-، واستدل على ذلك من خلال قوله تعالى: “وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَما أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ”.

إن الكفر الأصغر تم تسميته بهذا الاسم على الرغم من أنه لا ينقض الإيمان، لأن هذه الأعمال تترتب عليها آثار خطيرة تضر بالفرد وبالمجتمع ككل.