من السنن القولية أثناء القيام ماذا؟ وما السُنن الفعلية عند الصلاة؟ تعتبر السنن هي الأشياء التي إذا تركها العبد في صلاته لا يكون عليه حرج، وتكون صلاته صحيحة، وبينت لنا الشريعة الإسلامية الطريقة الصحيحة للصلاة، بالإضافة إلى الأمور المستحبة، واللازمة، لذا سوف نقوم بذكر جميع السنن القولية والفعلية في هذا الموضوع.

من السنن القولية أثناء القيام

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “صلوا كما رأيتموني أصلي” لذا فنجد أن أغلب المسلمين يقومون بفعل كل ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم سواء كان أفعال أو أقوال، ومن السنن القولية أثناء القيام التأمين بعد قول الفاتحة، والبسملة والتعوذ، الابتعاد عن زيادة الذكر في الركوع والسجود، قراءة سورة أخرى بعد الفاتحة.

بالإضافة إلى دعاء الاستفتاح، وعلى الرغم من أنه أحد أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن تركها لا يُمثل حرجًا، ويعتبر ذلك الدعاء بمثابة مشروع في كل صلاة، سواء كانت صلاة القيام، أو العيد أو صلاة الاستسقاء، ولكنه لا يجوز قوله في صلاة الجنازة، وهناك أكثر من صيغة واردة في السنة النبوية المطهرة عن دعاء الاستفتاح، وهي كالتالي:

  • ثُبت عن النبي أكثر من صيغة صحيحة ادعاء الاستفتاح، ومن بينها ما ورد عن مسلم والبخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ القِرَاءَةِ إسكاته – قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ: هُنَيَّةً – فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ، وَالثَّلْجِ، وَالبَرَدِ.
  • ورد أيضًا في السنة النبوية المطهرة عن عائشة رضي الله عنها قالت: “ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ، قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ” وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في ” صحيح الجامع “.
  • قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في فتاوى نور على الدرب، أما في الفريضة، فالأفضل: “سبحانك اللهم وبحمدك، اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك”
  • عن علّي بن أبي طالب رضي الله عنه: (أنّ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنَّهُ كانَ إذَا قَامَ إلى الصَّلَاةِ، قالَ: وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتي لِلهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ).
  • قال ابن القيم رحمه الله في ” زاد المعاد ” (1/196) ” الْمَحْفُوظَ أَنَّ هَذَا الِاسْتِفْتَاحَ، إِنَّمَا كَانَ يَقُولُهُ – عليه الصلاة والسلام – فِي قِيَامِ اللَّيْلِ ” انتهى.
  • روى مسلم (600)، والنسائي (901) عن أنس رضي الله عنه: ” أَنَّ رَجُلًا جَاءَ، فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ، قَالَ: (أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ)، فَأَرَمَّ الْقَوْمُ – يعني: سكتوا، فَقَالَ: (أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا)، فَقَالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلْتُهَا، فَقَالَ: (لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا) “.
  • روى مسلم (770) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها سئلت ، بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل ؟ قالت : ” كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ : اللهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ ، وَمِيكَائِيلَ ، وَإِسْرَافِيلَ ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ ، فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ).
  • دعاء المسلم قبل السلام من الصلاة، بقوله كما روى أبو هريرة فقال: (إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ باللَّهِ مِن أَرْبَعٍ يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ).

السنن الفعلية في الصلاة

بعد أن تمكنا من التعرف على الأشياء التي تعتبر من السنن القولية أثناء القيام، سوف نتطرق إلى ذكر السنن الفعلية في الصلاة، وكانت تسمى أيضًا بالهيئات، وهي كالتالي:

  • ترك مسافة مناسبة بين القدمين.
  • رفع اليدين مع الحرص على قول تكبيرة الإحرام.
  • عند الركوع يلزم رفع اليدين.
  • تثبيت النظر طوال وقت الصلاة على موضع السجود.
  • وضع اليد اليمنى فوق اليد اليسرى، ووضعهما تحت السرة.
  • البدء في السجود بوضع الركبتين، ومن ثم الجبهة والأنف.

حكم ترك سنة من سنن الصلاة

جميعنا نعلم أن اتباع أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم من الأمور الواجبة، ولكن لا تعتبر السنن من الأشياء التي أمرنا بها، بل إنها أمور كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ويقلدها الناس اقتداء بأفعاله وأقواله، ومن ضمنها الأمور التي كان يفعلها في الصلاة.

لكن قد يتغافل البعض عن الأشياء التي تعتبر من السنن القولية أثناء القيام ويبدأ السؤال يدور حول حكم ترك مثل تلك الأشياء، والجدير بالذكر أنه لا يترتب على ترك مثل هذه الأشياء أي شيء، ولا يُلزم المصلّي بأداء سجود السهو بسبب تركها أو نسيانها.

قال ابن عثيمين -رحمه الله-:

“إذا تَرَكَ الإِنسان شيئاً من الأقوال أو الأفعال المستحبَّة نسياناً، وكان من عادته أن يفعله فإنه يُشرع أن يسجد جَبْراً لهذا النقص الذي هو نَقْصُ كمال، لا نقص واجب؛ لعموم قوله في الحديث: (لكلِّ سهو سجدتان)، وفي صحيح مسلم: (إذا نسيَ أحدُكم، فَلْيَسْجُدْ سَجدتين) فإنّ هذا عامٌ، أمّا إذا تَرَكَ سُنَّة ليس من عادته أن يفعلها، فهذا لا يُسَنُّ له السُّجود، لأنّه لم يطرأ على باله أن يفعلها”.

يمكننا أن نستنتج من الأحاديث السابقة أن السنن ما هي إلا أمور مستحب فعلها، ولا يعاقب من لا بفعلها، ولكن من يفعلها يؤجر عليها من عند الله عز وجل، نظرًا إلى أنها بمثابة اتباع لما أمرنا به الرسل والأنبياء، كما أنها تظل على شدة حب العبد لربه، ومدى تمسكه بالعقيدة الإسلامية.

هناك العديد من الأشياء التي تعتبر من السنن القولية أثناء القيام، وفي حال فعلها يؤجر عليها العبد، وإن لم يفعلها فإنه لا يأثم، ولكن اقتداءً بالرسول علينا التحلي بصفاته.