من عقوبات كفر النعم ما ينزله المولى عز وجل على عباده من بلاء، فالعقوبات الناتجة عن الكفر بالنعم من الممكن أن تؤدي إلى هلاك الشخص، فقد منحنا الله سبحانه وتعالي الكثير من النعم، أولهم هو خلق الإنسان ومنحه العقل الذي يفكر به، وخلق السماوات والأرض، وليس ذلك فقط لكن يوجد الكثير والكثير من النعم، الذي يلزم المحافظة وشكر الله عليها.

من عقوبات كفر النعم

يوجد الكثير من النعم التي منحنا الله إياها، فهي تحيط بنا كافة الوقت، قال تعالى: “وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ”، لذلك يجب علينا شكر الله عليها طوال الوقت استجابةً لقوله تعالى: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ“.

فإن الكفر بالنعم يعرض إلى العذاب الشديد بالإضافة إلى تعرض العبد لمزيد من العواقب الوخيمة التي تعد من عقوبات كفر النعم، من أبرز عقوبات الكفر بالنعم زوال النعمة من وجه صاحبها، فلقد وعدنا الله بأن الشكر على نعمة تزيد من فضله وينتج عن ذلك زيادة النعم.

لكن الكفر بها وإنكارها زولها، فقد أنزل الله تعالى ذلك في كتابه: “لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ”، فإن لم تزل النعمة، فبكل تأكيد لن يبارك الله فيها.. يمكننا أن نعتبر الكفر بالنعم جحود في حق الله الرزاق فهو من يروقنا ويوسع رزقنا، فقد أعطى لما الله كل سبل الراحة والحياة.

فينبغي شكر الله على النعم باللسان أو بالقلب، حتى لا يتسلل الكفر بالنعم حدوث عقوبة من عقوبات كفر النعم، من صور شكر الله على النعمة هو إظهار النعمة التي منحك الله إياها وشكر الله عليها، حيث قال الله تعالى في كتابه:

“وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ”، يجب أن يتعرف المسلم أو المسلمة بالنعم التي أنعم الله عليه بها، يجب الوضع في الاعتبار أن الكفر بالنعم يؤدي الى هلاك الفرد، ويمكن أن يودي إلى هلاك الأمة بأكملها، وذلك من عقوبات كفر النعم.

ما هو كفر النعم

إن الكفر بالنعم يتمثل في عدم شكر الله على النعم التي وهبنا إياها، فيجب أن يكون الشكر باللسان أو القلب، لكن لا يقتصر شكر الله على النعم على ذلك فقط، لكن يجب المحافظة على النعم التي أعطاها الله لنا، وعدم إهدارها بغير حق، حتى لا يصيبنا عقوبة من عقوبات كفر النعم.

عن جبر بن عبد الله حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أعطي عطاء فقدر أن يجزي به فليجز به، ومن لم يقدر فليحسن الثناء فإن لم يفعل فقد كفر النعمة”، فتفسير لذلك يشير إلى ضرورة شكر العبد لله على ما أتاه من فضل ونعمة، وإن لم يفعل ذلك فلقد كفر بنعم الله عليك.

أنواع الكفر بالنعم

يمكن أن يتم تقسيم الكفر بالنعم إلى نوعين فهو الكفر الأكبر والكفر الأصغر، فالكفر الأكبر هو الخروج عن الملة الإسلامية بشكل كامل، بينما الكفر الأصغر يمكن الاستغفار عنه والرجوع إلى شكر الله وطاعته، فمن الأمثلة عليه قول الله تعالى: “وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ”، لكن من أقسام الكفر الأكبر:

1- كفر إنكار

هو من أكبر أنواع الكفر حيث إن الإنسان ينكر وجود الله ونبوة النبي صلى الله عليه وسلم، فهو لا يوحد الله بلسانه ولا بقلبه، ومن يفعل ذلك يكون من الملحدين مثل قول الله تعالى: “وَمَنْ أظْلَم مِمَّنِ افْتَرى علَى اللٌه كَذِبًا أَو كَذَّبَ بِالحَقِ لَمَّا جَاءَه أليْسَ فِي جَهَنَّم مثْوَى لِلكافِرين”، وأيضًا يطلق على ذلك النوع كفر التكذيب.

2- كفر الجحود

عندما يكون العبد يكفر بالجحود فهو يشعر بوجود الله من أعماق قلبه لكنه يأبى أن يعترف بذلك جهرًا، وذلك مثل إيمان اليهود بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لكنهم يرفضون الإيمان بدينه، علاوة على ذلك تصرف فرعون وكفره بنبي الله موسى وعدم قبوله لسماع دعوته حتى بالرغم من إدراكه بوجود المولى عز وجل.

حيث أنزل الله عز وجل آيات من كتابه الكريم تشير إلى ما يفعلوه هؤلاء العباد بأنفسهم من ظلم، وذلك ما جاء في قوله تعالى “وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا”، وفي قول الله تعالي “فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ”.

3- كفر الاستكبار

هو أن يعلم العبد أنه يجب أن يفعل ما أمره به عز وجل وأن يتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالرغم من ذلك فهو يستكبر أن يقوم بذلك، فهو متيقن أنه يعصي الله عز وجل ويستمر في أفعاله وذلك اتباعًا لإبليس في تصرفه تجاه أوامر الله، وذلك ما جاء في قوله تعالى:

“وَإِذْ قُلْنَا لِلمَلائِكةِ اسْجُدُوا لآدَم فَسَجدُوا إلَّا إبْلِيسَ أَبَى واسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرينَ”، من أمثلة ذلك النوع من الكفر بالنعم ما فعلوه أهل قريش، فكانوا يعلمون أن محمد عليه الصلاة والسلام على حق، ولكنهم استكبروا، وذلك في قوله تعالى:

“يمكن أن يطلق أيضًا على كفر الاستكبار كفر الشك، وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ”.

4- كفر الشك

يسيطر على العبد الظن والشك بالله مثل قول الله تعالى: “وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً، وَمَا أَظُنُّ الساعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً، قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَواكَ رَجُلاً، لَكِنا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا”.

فيكون العبد في مثل هذه الحالات متيقن من وجود الله لكنه يشك في فكرة قدرته على خلق كل شيء، ويصدر منه بعض الأفعال التي تجعله يندم على ما ظنه بالمولى عز وجل.

5- كفر النفاق

من أشد أنواع الكفر هو حالة العبد الذي يظهر مظاهر الإيمان وشكره لنعمة ربه عز وجل، لكنه لا يشعر بذرة من ذلك في قلبه.. فالله يعلم ما في نفوس العباد وما في قلوبهم حيث جاء في كتابه الكريم متوعدًا لمن يفعل ذلك، وذلك في قوله تعالى:

“وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً * وَمَا أَظُنُّ الساعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَواكَ رَجُلاً * لَكِنا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا”.

6- كفر إعراض

هو أن يكون العبد على غفلة، فيكون غافلاً عن الله بقلبه ولسانه، وجاء ذلك في قول الله تعالى: “كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ”[فصلت: 3-4]، وقال عندما كان الله عز وجل يصف حال الكافرين: “وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ”

قصة من عقوبات كفر النعم

كان يوجد أبرص وأقرع وأعمى وهم من بني إسرائيل، أرسل الله لهم ملكًا لاختبار قوة أيمانهم، وذهب لكل منهم فأعطي الأبرص جلد حسن ومال كثير، وأعطي الأقرع شعر جميل ومال كثير، وأيضًا أرجع إلى الأعمى نظرة، وبعدها رجع لكل منهم في صورة مختلفة، وسألهم عن سبب الشفاء والمال.

أجاب كل من الأبرص والأقرع، أنه ورث حصلوا عليه، ولم يذكر أيًا منهم نعمة الله عليه، بعكس الأعمى الذي شكر الله على نعمته، مما أدي إلى زوال النعمة من الأبرص والأقرع، لكن رضي الله عن الأعمى وزاده من الخير.

على العبد القيام بالعبادات التي من خلالها يمكن حمد المولى عز وجل وشكره على سائر النعم، فيزيد الله من يحمده رزقًا واسعًا في الدنيا ودرجات أعلى في الجنة.