من فضائل العلم الشرعي استشعار العبد القرب من ربه، كما يقي نفسه من الوقوع في براثن الشبهات، فالعلم الشرعي يرفع صاحبه درجات ويوطد العلاقة بين روحه وخالقها فيكون نور الله ملازم طريقه، كما أنه كثيرًا من الأفراد لا يفقهون دينهم ولا تعاليمه الجليلة التي تساعد على تيسير حياتهم وتعينهم على أنفسهم والعيش في حياة هانئة آمنة.

من فضائل العلم الشرعي

يعد طلب العلم فريضة على المسلمين، حيث به قوام الفرد وتميز الضار من النافع والحق من الباطل فالعلم الشرعي هو ما يتعلق بكتاب الله وسنة رسوله، فيعتبر مثل النجوم التي تهدي المسلم إلى الطريق الصواب وقد ورد عن فضائل العلم العديد منها التي تحث المسلم على اتباع نهج العلم الشرعي ومنها:

  • يعد العلم أعظم ميراث على الأرض فهو ميراث الأنبياء، فقد جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا، ولا درهمًا، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر”.

فيوضح الحديث منزلة العلماء الذين يعلمون علم الرسول صلى الله عليه وسلم وما لهم من فضل جليل.

  • يعد طالب العلم عدلٌ بشهادة من رسول الله عليه الصلاة والسلام فقد جاء الحديث عنه أنه قال: “يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين”.

فيبين الحديث أنه من حمل العلم لابُد أن يكون عادلًا، فاشتهر في أمة الإسلام عدالة نقل دينها فلا يحمل شكًا ولا افتراءً، حيث إن الأئمة الذين نقلوا عن الرسول العلم اشتهروا بعدولهم.

  • من يحبه الله ويريد له خيرًا يفتح له طريقًا في الدنيا وفي علمُه، فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين” فيتضمن الحديث حقيقة فضل العلم والتفقه في الدين وأن المعطي لطالب العلم هو الله الذي هيأ له الطريق في طلب العلم.
  • تعليم العلم له ضعف الأجر والثواب، لِما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: “من علم علمًا، فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل شيء“، فمن كان سببًا في الهداية له أجر بمثل ما اهتدى به.
  • العلم نعمة عظيمة يحسد عليها صاحبها، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلطهُ على هلكتهُ في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويُعلمها“.

ينقسِم الحسد إلى حقيقي؛ وهو تمني زوال النعمة، وذلك مُحرم، وإلى مجازي؛ وهو أن يتمنى تلك النعمة دون زوالها عن صاحبها فهي مستحبة في أمور الطاعة.

  • من فضائل العلم الشرعي الجليلة أن طالب العلم المجتهد يكون في حمى الله ولا يعرض عنه.
  • العلم نفعه واسع وممتد بخلاف العبادة ففضلها ونفعها لا يتعدى صاحبها حيث جاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: “فضل العلم أحب إليَّ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع”، فنفع العلم يشمل الخلق جميعهم وفيه إحياء للدين.
  • أجر طالب العلم الذي يتبعه ويُعلمهُ للآخرين لا ينقطع بعد انتهاء أجله، لِما جاء عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا مات الإنسـان انقطع عملُهُ إلا من ثلاثة: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له”.
  • يعرف المسلم الله بالعلم ويعبده ويوحده فهو طوق النجاة في الدنيا من الشهوات، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، وعالمًا أو متعلمًا”، فالدنيا حقيرة الشأن لا تساوي جناح بعوضة لدى الله إلا كونها معبرًا يستغله المؤمن في معرفة الله كي يصل إليه في الآخرة.
  • ذكر الرسول فضل العالم في قوله صلى الله عليه وسلم: “فضل العالِم على العابِد كفضل القمَر على سائر الكواكب، وإنَّ العالِم ليَستغفر له مَن في السماوات والأرض، حتى الحوت في البحر”.
  • يختص الله مجالس أهل العلم بالفضل العظيم فجاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله؛ يَتلون كتابَ الله ويتدارسونَه بينهم، إلَّا حفَّتهم الملائكةُ، وغشيَتهم الرَّحمةُ، ونزلَت عليهم السَّكينة، وذكرهم الله فيمَن عنده”.

فضائل العلم الشرعي في القرآن الكريم

من حق الله علينا أنه يكون قبلة قلبنا وروحنا فهو الذي منّ علينا بنعم لا تعد ولا تحصى وأرشدنا لطريق توحيده والتقرب إليه، فالعلم الشرعي له فضل عظيم ولم تقتصر فضائله من فضائل العلم الشرعي فقط، بل ذكرت فضائل في كتب الله الكريم، ومنها:

  • رفع الله منزلة العلماء حيث قال سبحانه وتعالى: “شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ“، فقد ربط شهادته بشهادة الملائكة والعلماء بتفرده بالألوهية وإنه على حق.
  • اصطفى الله أهل العلم ووعدهم بجنات عدن وخصهم بالفضل الكبير فقال تعالى: “ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ”.
  • تقديم العلم عن الإيمان، فإن الإيمان الصحيح هو المُقترة بالعلم اليقين، فقال في كتابه الكريم: “وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”، فقد وصفهم الله بالثبات يوم القيامة.
  • جلّ مقام العلم حينما وصفه الله بالروح حيث يحيي القلوب، ووصفه بالنور الذي يضيء الطريق فقال سبحانه وتعالى: “كَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا”.
  • رفعة مقام العالم عن الجاهل فذكر الله في كتابه: “قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ”.

لقد منح الله طالب العلم عظيم الفضل والأجر، فمن يقترب من الله خطوة يغدق الله عليه بآلاف الأميال منها ثواب وفضل وأعده الله من أهله فما أعظمه من فضل.