هل يجوز للرجل النظر للمرأة عند إرادة خطبتها؟ وهل يجوز لهما الخروج سويًا دون وجود محرِم؟ منذُ سنواتٍ كان هُناك حرص شديد من بعض الأهل على عدم رؤية الخاطب للمرأة سوى يوم عقد القرآن، وعلى النقيض الآخر كان هُناك انفتاح كبير بين الخاطب وخطيبتهُ من النظر لبعضهما بشكل مُفصل والخلوة دون وجود مِحرم، فما رأي الشرع للفصل بين هذا الأمر؟ هل عدم رؤية الخاطب للمرأة سوى في عقد القران أم رؤيتها؟ هذا ما سنذكُرَهُ فيما يلي.

هل يجوز للرجل النظر للمرأة عند إرادة خطبتها

في الآونة الأخيرة حدث نوع كبير من الانفتاح بين الفتيان والفتيات، الأمر الذي كان سببًا في نشر دار الإفتاء عدم جواز مُصافحة الشاب المرأة المُراد خطبتها أو النظر إليها في حال لم يأمن الشهوة، وعلى هذا استقبلت دار الإفتاء العديد من الأسئلة حول إذا كان يرغب الرجل في خطبة الفتاة لا يعرف، هل يجوز النظر إليها لمعرفة تفاصيلها؟

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل”، وهذا دليلًا على إجازة النظر إليها إن تيسر ذلك، وإلا فمن المُمكن والأفضل هو إرسال أحد الأقرباء للنظر إليها من ثم سرد تفاصيل وجهها للخاطب لآمن اللبس وتجنبًا للفتنة والشهوة لأنها امرأة أجنبية تحل له.

هل يجوز للمرأة النظر للرجل عند إرادة الخطبة

كما أشرنا سلفًا خلال الإجابة على سؤال هل يجوز للرجل النظر للمرأة عند إرادة خطبتها بالإيجاب، كذلك يجوز للمرأة أن تنظر للرجل الذي يُريد خطبتها أو غيره من الرجال من الوجه إلى ما عدا بين السرة والرُكبة تحريمًا لأنها قد تكون سببًا في إثارة الفتنة والشهوة، وقد استدل العُلماء على ذلك بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع زوجته عائشة رضي الله عنها، حيث قالت:

“كان النبي صلى الله عليه وسلم يسترني بردائِه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد”، والمقصود بالحبشة هُم الرجال الذين يلعبون في المسجد ولم يمنعها الرسول من مُشاهدتهم، فلو كان نظر المرأة للرجل حرامًا كان يمنعها.

ما المواضع التي يجوز أن ينظر الخاطب لها

ما أجمع عليه العُلماء هو إجازة نظر الرجل لوجه المرأة عند إرادة خطبتها لمعرفة تفاصيل وجهها فهو ليس بعورة كما يقول كبار علماء الحنابلة ابن قدامه، ولكن ماذا عن جسدها؟ هل يُمكن أن ينظر إلى ما غير وجهها؟ اختلف العُلماء في هذه المسألة، فمنهم من يرى ما غير الوجه بعورة لا يصح ومنهم ما جاز ذلك.

الأرجح هو أنه كما يصح للمرأة أن تنظر لوجه الرجل والكفين فكذلك جاز له هذا الأمر، وما غير ذلك فلا يجوز لأنه عورة، استدلالًا بقول الله تعالى: “ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها”، فالوجه سيُساعد الخاطب على معرفة محاسن وجهها، والكفين يدلان على خصوبة جسدها.

هل يجوز للخاطب أن يمس جسم المرأة

قد أحل الشرع للرجل أن ينظر للمرأة في حدود مواضع معينة، ولكن هل يجوز له أن يمس تلك المواضع أن جسم المرأة بشكل عام؟ بالطبع لا، هناك الكثير من الأحاديث التي تدل على حرمانية مس الرجل للمرأة حتى وإن كان أعمى ويرغب في معرفة تفاصيل وجه المرأة من خلال مس وجهها، ففي هذا الأمر إثارة للفتنة والشهوة، وقد حلل النظر في إطار التحكُم في الفتنة.

هل يجوز أن يختلي الرجل بالمرأة أو العكس

في إطار الحديث عن الخطبة والضوابط الموضوعة حول الرؤية، فكثيرًا ما نرى في وقتنا الحاضر خروج المرأة والرجُل إلى أماكن الترفيه دون وجود مِحرم ورقابة عليهما، شاع الأمر بدرجة أنه الجميع يتعامل وكأنه شيء طبيعي على الرغم من تحريم العُلماء بخلوا المرأة والرجل وحدهِما.

فهي مازالت امرأة أجنبية عنهُ، والخلوة بالمرأة الأجنبية مُحرم، استدلالًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي رحم محرم”، فالشرع لم يُحلل سوى النظر إلى وجهها وكفيها فقط، فليس مأمون حدوث شيء مُحرم بينهما دون إدراك عند الخلوة، ولذلك أيضًا يجب عند النظر إليها أن يكون في وجود محرِم من أبيها أو أخيها لأخذ الاحتياط بشكل أكبر.

الرؤية الشرعية لها ضوابط مُحددة لابُد من الالتزام بها والابتعاد عن الكبائر التي كان منها نقيض تلك الضوابط وهو ما يتبعهُ الشباب في وقتنا الحالي، فيجب الرجوع إلى الله والتوبة الخالصة له، فإن الله غفورٌ رحيم.