ما هو اسم العالم العربي الذي طور كتابة برايل في اللغة العربية بعد أن وضعها بالأبجدية الإنجليزية؟ وهل كانت طريقة برايل حينها ناجحة؟ حيث إنها في صورة حروف ونقاط وعلامات تمثل كلٌ منها حرفًا أو رمزًا حسابيًا أو موسيقيًا، فاتجه علماء المشرق إلى الانتفاع بتلك الطريقة في خدمة الأبجدية العربية ولكن من ساعد في تطورها بهذا الشكل؟ هذا ما سنوضحه فيما يلي.

اسم العالم العربي الذي طور كتابة برايل في اللغة العربية

بعد أن توفى لويس برايل أو كما لُقِبَ بواهب النور للمكفوفين بدأت طريقته تنتشر في كل أرجاء العالم آنذاك لسهولتها؛ فأحدثت نقله في تعليم المكفوفين القراءة والكتابة وساوتهم بالمبصرين، ثم جاء العالم العربي الأردني محمد الأنسي فطور تلك الطريقة الفرنسية الأصل لتتناسب مع الأبجدية العربية وآدابها والحروف العربية كذلك.

من هو محمد الأنسي

هو محمد أحمد عبد الله الأنسي، اُختلف في محل ميلاده في المصادر التاريخية المختلفة فنرى أن البعض يوضح أنه قد ولد في تل الخياط في مدينة بيروت، ويقول آخرون أنه ولد في مدينة طرابلس اللبنانية، وأخرى تقول إنه ولد في مدينة حلب السورية، ولكن أُجمع على أنه ولد عام 1880م.

بعد أن نشأ وأصبح في مرحلة الشباب انتقل محمد الأنسي للجيش العثماني في حقبة الحرب العالمية الأولى وبعد انتهاء الحرب قرر الالتحاق بالثورة العربية الكُبرى وبعد ذلك قام بالخدمة في الحكومة الفيصلية السورية حتى سقطت سوريا في قبضة الاحتلال الفرنسي فلحق بالأردن؛ ملتجئًا إليها وانتهى به الحال في معان.

ترك الكاتب الأردني عددًا من المؤلفات خدمة الأدب العربي والتاريخ الأردني بعده وكان أسلوبه سهلًا يفهمه العامة ولا يمل منه الخاصة مناسب للصغير والكبير؛ لذلك تركت مؤلفاته أثرًا كبيرًا ليس على النطاق الأردني فقط بل على العربيّ أيضًا، ومن أشهر تلك المؤلفات كتاب الهاشميون سيرة ومسيرة وكتاب الرايات والشعارات الأردنية الهاشمية.

لعل أهم الأعمال التي قام بها محمد الأنسي قيامُه بترجمة حروف ورموز طريقة لويس برايل الفرنسية ونقلها إلى العربية فطورها وعدلها حتى يستطيع المكفوفون من العرب تعلُم القراءة والكتابة بتلك الطريقة السهلة التي جعلت القارئ المبصر كالكفيف.

رئاسة الديوان الأميري لمحمد الأنسي

في أواخر عام 1920م التحق محمد الأنسي بخدمة الأمير عبد الله بن الحسين واشترك مع عبد اللطيف شاكر في إصدار جريدة “الحق يعلو” وقد صدرت في أربعة أعداد توزع مجانًا في سوريا وفلسطين والأردن ولبنان، وبعد تلك المسيرة عمل في وظيفة الكاتب الخاص في الديوان الأميري، ثم عُيِن رئيسًا له.

في سياق حديثنا عن اسم العالم العربي الذي طور كتابة برايل في اللغة العربية وهو محمد الأنسي، فقد قطع طريق طويل في رئاسة الديوان الأميري، وانتقل بين عدة مراحل حتى ثبت في رئاسة الديوان الأميري.

فقد قرر محمد الأنسي في عام 1923 الاستقالة من الديوان الأميري ولكن لمهارته قُرر تعيينه ككاتبٍ للشفرة في الديوان نفسه عقب قبول تلك الاستقالة.

في منتصف يونيو عام 1925م قررت الملكية الأردنية إعادة تعيينه كرئيسٍ للديوان الأميري فعاد مرةً أخرى لتلك الوظيفة المرموقة التي استحقها عن جدارة لمهارته وحسن سيره وسريرته، وقد بقي في هذا المنصب حتى تولى حامد الوادي في سبتمبر عام 1927م.

بعد استقالة رئيس الديوان الأمير جميل بن ناصر تم تعيين محمد الأنسي للمرة الثالثة كرئيس للديوان الأردني الأميري وكان ذلك في عام 1838م حتى استقال عام 1848م، وتولى بعده السيد هاشم خير وبعد استقالته للمرة الثالثة عُين الأنسي في عدة وزارات.

حيث تم تعيينه وزيرًا للداخلية ووزيرًا للمعارف حتى أنه قد تولى وزارة العدل وبقي فيها حتى استقالة الوزارة وجاء ذلك في عام 1944م فنرى أنه قطع شوطًا كبيرًا بين كثير من أشهرها رئاسة الديوان الأميري.

طريقة لويس برايل

أثناء توضيح اسم العالم العربي الذي طور كتابة برايل في اللغة العربية يجدر بالذكر توضيح ما تناولته قصة العالم برايل من تفاصيل.. ففي إحدى القرى الفرنسية في بدايات الثمانينات خيم الحزن على إحدى القرى الفرنسية لِما وقع لأحد الأطفال إذ كان أبوه صانعًا للسروج وحائكًا لها.

فأخذ ابنه مثقابين مما يستخدمه أبوه في صناعة السروج وكان يلهو بهما، وهو يجري تعثرت إحدى قدماه بالأخرى فسقط ورحل عن عينيه شعاع النور إلى الأبد.

ذلك الطفل الفرنسي هو لويس برايل وكان معروفًا بين أهل قريته بخفة روحه ونشاطه وحبه للقراءة والكتابة وطموحِه غير المنتهي الذي يفوق أقرانه في نفس السن، لا شك أن ذلك الحادث الأليم قد غير حياته تغيرًا جوهريًا إلى الأبد، فكيف السبيل إلى القراءة والكتابة وقد فقد عينيه؟

لم يتوقف هذا الطفل الطموح أمام تلك الحادثة بل حاول تخطيها بتعلم القراءة والكتابة الطريقة المعروفة آنذاك وهب طريقة الحروف البارزة، ولكن تلك الطريقة لم ترضى رغبته وحبه الشديد للقراءة والكتابة؛ بسبب ضخامة الحروف.

حاول لويس برايل الوصول لطريقة ترضى طموحه ورغبته فبعد عدة محاولات استطاع لويس برايل الوصول إلى طريقة استنبطها من ضباط البحرية الفرنسية إذ كانوا يقومون بإحداث نقاط وعلامات في الورق المقوى لكتابة الحروف بطريقة بارزة فيستطيعون بذلك قراءة الرسائل في الظلام دون لفت نظر الأعداء.

طّور لويس برايل في طريقته تلك حتى استطاع أن يضع رموزًا وعلامات للأبجدية الفرنسية كلها بالإضافة إلى وضع علامات خاصة للرموز الحسابية والعلامات الموسيقية لتخدم أكثر من فئة من المتعلمين المكفوفين ثم قرر أن ينشُر طريقته لتعم الفائدة على كل المكفوفين ليس فقط في فرنسا بل في كل العالم محاولًا إعطاء حياةً جديدة للمكفوفين.

قرر لويس برايل أن يعرض طريقته تلك على المعاهد الفرنسية لتعليم المكفوفين لكنهم قابلوه بالرفض، فلم ييأس وقرر جمع أكبر كم من الطلاب الفرنسيين ويعلمهم في منزله حتى استطاع أن ينشر طريقته تلك في نطاق ضيق في قريته، وبدء سنُه يكبر ويكبر معه خوفه من أن يموت وتموت معه طريقته دون أن ينتفع المكفوفون بها.

في أحد الأيام وفي حفلة كبرى حضر فيها كبار القادة في فرنسا من الأسرة الملكية وأعيان الدولة وحاشية الملك، عزفت فتاة في مقتبل العشرين من العمر على البيانو في صمت تام من الجميع وما هي انتهت إلا وقد ضجت الحفلة من التصفيق لها لبراعتها، فقالت الفتاة إن الفضل في ذلك لأستاذها الذي علمها وهو لويس برايل.

بدأت المعاهد الفرنسية بعد ذلك الحدث الضخم في عرض خدماتها على لويس لتعميم طريقته في جميع معاهد فرنسا لتخدم أكبر عدد من المكفوفين، ولُقب لويس بواهب النور للمكفوفين وتوفى مطمئنًا أن طريقته لن تموت معه وأقيم له تمثالًا في قريته في فرنسا، وذلك في سياقة معرفة اسم العالم العربي الذي طور كتابة برايل في اللغة العربية.

الكاتب العربي الأردني محمد الأنسي من أكثر الكُتَّاب بروزًا في فترة الحرب العالمية الأولى وقد ترك عدة مؤلفات ومقالات، ولعل أهم أعماله نقل طريقة لويس برايل للغة العربية.