الفوركس الإسلامي هو نوع من أنواع تداول العملات الأجنبية مثله مثل الفوركس التقليدي، إلا أن الاختلاف يظهر بوضوح في طبيعة المعاملات وشروطها وكيفية إتمامها، بل وحتى شروط التعاقدات التي تنظمها.

مع ضخامة حجم سوق الفوركس، وتأثره بالتكنولوجيا الحديثة التي ساهمت بشكل كبير في توسع السوق، وأتاحت الفرصة للكثير من الأفراد حول العالم بدخول السوق والمشاركة فيه بالبيع والشراء، فإن للدول الإسلامية نصيب من هذا التطور.

شهدت تجارة الفوركس قبولا جارفًا في الدول الإسلامية، وتزامن ذلك مع ظهور وسطاء الفوركس بشكل متنامي، مما دعى إلى ضرورة اللجوء إلى رأي الشرع في ممارسات الفوركس، واستنباط تشريعات تنظم عمل كافة المؤسسات المالية من بنوك وشركات بالإضافة إلى تجار الفوركس من أهل البلد.

ومن هنا ظهر مفهوم الفوركس الإسلامي والذي سنتحدث عنه بالتفاصيل في السطور القادمة.

الأسس المالية الإسلامية

قد يكون من الضروري فهم الأسس المالية الإسلامية حتى تكون مدخلاً لفهم الفوركس الإسلامي، ومن ثم، نستطيع أن نميزه عن الفوركس التقليدي.

يوصف النظام المالي بأنه إسلامي عندما يراعي تعاليم ومبادئ الشريعة الإسلامية وتوخي أهدافها، والتي يمكن اختزال الكثير من تفاصيلها الفقهية في كونها ذات أبعاد أخلاقية تماما، وهو أكثر ما يميز الأسس المالية الإسلامية عن المالية التقليدية.

وبشيء من التفصيل، يمكننا تحديد عاملين هما أكثر ما يميز التمويل الإسلامي، أولهما تبني فلسفة تقاسم المخاطر بين المقرض والمقترض، وهو ما يعني أن يتحمل المقرض بعضاً من المخاطر التي يتعرض لها المقترض.

وعند مقارنة هذه الفلسفة بأسلوب الاقتراض القائم على الفائدة في التمويل التقليدي، نجد أن عبء تحمل المخاطر يقع بأكمله على عاتق المقترض، وهو توزيع غير متكافئ للمخاطر، ويعد أمراً غير منتج اجتماعيًا ويمثل هدرا اقتصاديًا.

العامل الثاني هو الهدف من التمويل. فطبقًا للشريعة الإسلامية، يهدف التمويل إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية معًأ، في حين أن هدف التمويل التقليدي إلى تعظيم الربح دون وضع أية اعتبارات سلوكية أو أخلاقية.

وإجمالا، يمكن حصر شروط المعاملات التمويلية في الشريعة الإسلامية في تجنب الربا أو الفائدة في أي تعاملات.

وكما هو متفق عليه بين علماء المسلمين من أن الفائدة أو الربا ينطوي على تحقيق كسب المال من المال، أو هي ذلك المبلغ الذي يضاف على أصل مبلغ القرض، وبغض النظر عما إذا كانت الفائدة محملة على القرو التجارية أو الشخصية، فأياً كان شكلها، هي مدانة شرعًأ.

وصورة القرض الوحيد المجاز في الشريعة الإسلامية هو القرض الخالي من الفائدة، ويطلق عليه اسم القرض الحسن.

تجارة الفوركس وفقًا للشريعة الإسلامية

حينما ننظر إلى تجارة الفوركس عامة، نجد أنها تنطوي على ممارسات تتضمن سداد فائدة على تبادل الأموال نظير تأخير أو تأجيل عملية التبادل، وهو ما يطلق عليه إسلاميًا مصطلح “ربا النسيئة”.

إن تبادل النقود مقابل النقود هو أمر عادي كأن يتم تداول الدولار الأمريكي بما يكافئه بالدينار الكويتي على سبيل المثال. لكن المشكلة تنشأ عندما يتم تأجيل أو تأخير مع المطالبة بسداد مقابل هذا التأخير، وهو نفس الأمر الذي يحدث في معاملة قرض أو عقد صرف أجنبي آجل أو عقد آجل أو مقايضة عملة.

في محاولة من وسطاء الفوركس لاجتذاب المتداولين المسلمين، قدموا حسابات تداول فوركس إسلامي، وهي تلك الحسابات التي يتمكن أصحابها من التداول في أي زوج من أزواج العملات بحرية تامة ولكن دون فرض أية فوائد في صورة عمولات أو حتى مكافآت، لكن تعاملات الفوركس الإسلامي لا يزال يسمح بالمراكز المفتوحة لفترات طويلة، وتعتمد نتيجة التداول فقط على تحركات أسعار العملات لتلك الفترة.

وبهذه الطريقة، يأمل مقدمو الخدمة في محاكاة العملات الفورية أو معاملات الصرف الأجنبي المسموح بها بموجب التمويل الشرعي.

الجهة الرقابية في الفوركس الإسلامي

يجب على وسطاء فوركس الذين يقدمون خدمات الفوركس الإسلامي أن يخضعوا لرقابة هيئة الرقابة الشرعية  Shari’a Supervisory Boards أو SSB.

تراقب هيئة الرقابة الشرعية كافة الآليات والمعاملات المالية والتأكد من خضوعها لتعاليم الشريعة الإسلامية، كذلك، تقوم الهيئة بمراجعة المنتجات والخدمات، بل وحتى المستندات ذات الصلة. ومن ثم، فإن على الراغبين في فتح حساب تداول فوركس إسلامي أن يتأكدوا من وجود ختم SSB على الأدوات المالية لضمان خضوعها لتعاليم الشريعة.

إن الدور الرقابي لهيئة الرقابة الشرعية SSB هو دور حيوي للتأكد من خلو المعاملات من الربا، لاسيما التخوف من قيام بعض الوسطاء بفرض فوائد بشكل خفي.

كذلك تسعى هيئة الرقابة الشرعية إلى التأكد من خلو المعاملات من المخاطر المفرطة، والتي تتعلق بإمكانية خسارة مبلغ كبير من المال في عمليات تداول غير رشيدة.

لا يمكن إنكار أن الفوركس الإسلامي قد نجح إلى حد كبير في اجتذاب أعداد هائلة من المتداولين الذين ينتمون إلى بلدان إسلامية، ويتحرون مدى ملاءمة تعاملات الفوركس لمعتقداتهم الدينية، وإلى أي مدى تتوافق مع تعاليم الدين الإسلامي.