جذب الذهب المستثمرين منذ العصور القديمة حتى الآن كمصدر أمان واستثمار قوي وصامد في اصعب الظروف، ومازال يعتبره الكثيرين  مخزن للقيمة واستثمار قليل المخاطر، وفيما يتعلق بكيفية تأثير كل العوامل الخارجية التي تدور على مستوى العالم وتسيطر على الساحة الاقتصادية  وتؤثر على على سعر الذهب، فسوف نوضحها في النقاط التالية بجانب اهم التوقعات لأسعار الذهب خلال 2022.

وتظهر الأبحاث التي أجريت عن اسعار الذهب نتائج متباينة للغاية، فعلى سبيل المثال، منذ ما يسمى بطفرة السلع الأساسية في عام 2005، كان هناك جدل كبير حول ما إذا كانت أسعار الذهب والسلع على نطاق أوسع مدفوعة بشكل أكبر بالأسس الاقتصادية أو سلوك المضاربين وصناديق الاستثمار المتداولة.

ويتمحور هذا الجدل دائما إلى ما إذا كان الذهب هو في الأساس منتج مالي أو سلعة مادية كما هو الحال مع معظم الأشياء، وربما تكمن الحقيقة في مكان ما بينهما، وهناك بعض الاحتمالات التي يفرضها الوسطاء على عقود الذهب الآجلة والتي يمكن أن تؤثر على الأسعار، كما يمكن أن تتأثر أيضا بمستوى مخزون السلع مما يعني مقدار ما يتم تخزينه  ومدى تحوط الناس من ارتفاع أسعارهم أو انخفاضها.

حركة أسعار الذهب خلال 2021

على مدار التاريخ لم يكن التنبؤ بأسعار الأصول أمرًا سهلاً على الإطلاق، يحتاج المستثمرون دائمًا إلى توخي الحذر، خاصة عندما يكون هناك المزيد من القلق حول آفاق النمو الاقتصادي، في ظل ازمة فيروس كورونا COVID-19، وإذا سادت أسعار الفائدة المنخفضة، فقد تستمر أسعار الذهب في الارتفاع، وكلما زادت الأخبار السلبية عن النمو الاقتصادي، زاد ارتفاع سعر الذهب.

و العلاقة هنا عكسية فإذا تسببت الأخبار السيئة في انخفاض أسواق الأسهم مرة أخرى، فقد يبيع المستثمرون الذهب والسلع الأخرى لتمويل خسائرهم في الأصول الأخرى، وسيضع هذا ضغطًا هبوطيًا على أسعار الذهب.

ويعتمد أغلب المتداولين لمتابعة السعر المباشر للذهب على تطبيقات تداول يمكن استخدامها من خلال المحمول، وتشمل هذه التطبيقات تطبيق الأسهم وتطبيق تداول الذهب، وذلك لسرعة اتخاذ القرارات وفقا لأخر مستجدات الأسواق، خاصة أن كلا السوقين مترابطين ارتباطا وثيقا، وبخلاف التطبيقات هناك العديد من التقنيات ووسائل التكنولوجيا التي عززت من سلاسة ومرونة المعاملات الالكترونية.

ومن المتوقع أنه في حال تم توفير دواء قابل للتطبيق لـ فيروس كورونا، او عوامل اخرى تعزز الدولار الأمريكي، فقد يتحرك الذهب في الاتجاه المعاكس نحو الهبوط خلال 2022.

كيف أثرت أزمة فيروس كورونا على أسواق المال العالمية؟

وبالنظر لسعر الذهب خلال السنة الجارية سوف نجد أنه في يناير 2021، انخفض سعر الذهب بسبب ازمة فيروس كورونا، وفي مارس 2021 ، انخفض السعر بسبب الانتعاش الاقتصادي، والذي كان ممكنًا بفضل ظهور اللقاحات، حيث أنه في مارس الماضي، كان السعر 1696.25 دولارًا، وهو أقل من شهر يناير، وفي بداية يونيو، ارتفع سعر الذهب إلى 1.896.60 دولار، ولكنه فشل في الحفاظ على هذا المستوى وانخفض إلى 1755.45 دولار بسبب التغيرات في سعر الدولار الأمريكي.

ولقد أصبح المعدن الثمين أحد الأصول المالية الأكثر جاذبية على هذا الكوكب هذا العام، حيث أدت التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الوباء إلى نمو قياسي بلغ 60 مليار دولار في نمو رأس مال الصناديق المتداولة في البورصة الذهبية، وهذا هو ضعف ما كان عليه في عام 2009، خلال ذروة الأزمة المالية.

ولقد أقنع الوباء المستثمرين بأن الذهب يجب أن يكون جزءًا من محافظهم الاستثمارية، وأصبح المعدن الثمين وسيلة تحوط رائدة ضد التقلبات في أسواق الأسهم وأسعار الفائدة السلبية، وتحول الذهب إلى أحد الأصول الأكثر جاذبية في عام 2021، حيث اشترى كبار المستثمرين الذهب للحماية من الانكماش المحتمل في بعض الدول، والذي قد يكون نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم  في الدول الأخرى حيث تواصل الحكومات ضخ السيولة في الاقتصاد.

وتجدر الاشارة الى ان الطلب في الدول الرئيسية المستهلكة للذهب، الهند والصين، لم يصل إلى المستوى هذا العام، حيث باع الناس مدخراتهم بالذهب، عندما ارتفع المعدن الثمين إلى مستوى قياسي بالعملات المحلية.

وأدى ارتفاع تكلفة المعدن الأصفر الثمين والاضطراب الاقتصادي الناجم عن الوباء إلى إعاقة طلب المستهلكين، لذلك  في النصف الأول من العام، انخفضت مشتريات المجوهرات من حيث الحجم بنسبة 46٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ومن المتوقع أن يستمر المستثمرين في سد فجوة الطلب خلال الفترة المقبلة.

أين يتجه مستقبل الذهب خلال 2022؟

تختلف التوقعات الخاصة بتوقعات أسعار الذهب في العام المقبل من قبل المحللين بناءً على الكيفية التي يتوقعون بها استجابة السوق للتضخم وسياسة البنوك المركزية.

ويتوقع بعض المحللين أن يجد الذهب الدعم في النصف الأول من العام المقبل، لكنه سيتعرض لضغط هبوطي في وقت لاحق من العام عندما من المتوقع أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، وذكر البعض منهم أنه من المرجح أن يتضاءل دعم قطاع المعادن الثمينة في عام 2022.

بمقارنة دورة الأعمال الحالية بالدورات السابقة ، فإن أرقام التضخم أعلى بكثير وتبدو ثابتة، وهذا من شأنه أن يبقي أسعار الفائدة الحقيقية في عمق المنطقة السلبية في عام 2022.

و قد يؤدي احتمال استمرار ارتفاع التضخم إلى زيادة الاستثمارات التحوطية في الذهب على المدى القصير، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة احتمالات الارتفاع المبكر والتناقص السريع.

وأوضح الخبراء ايضا انه على الجانب الآخر أدى الانتعاش القوي في الطلب المادي إلى التخفيف من التصفية الثقيلة في حيازات الصناديق المتداولة في البورصة هذا العام، لافتين الى أن سعر الذهب كسر هدفه السعري البالغ 1850 دولارًا للأونصة، على الرغم من أنه تراجع منذ ذلك الحين إلى أقل من 1800 دولار للأونصة، متوقعين استمرار الانخفاض في سعر الذهب حتى عام 2022.