تجربتي مع القلق النفسي كانت مليئة بالتفاصيل التي أرهقت كاهلي كثيرًا، إلا أني في النهاية تعالجت منه وهذه كانت النهاية الأسعد في حياتي، لذا سأقص عليكم كُل ما مررت به كي يتمكن الجميع من حل هذا المشكلة كما فعلت أنا، ولأن حياتنا جميعًا مختلفة ونُصاب بمرض نفسي بشكل مختلف سأحكي لكم العديد من التجارب لأشخاص آخرين مروا بالمعاناة ذاتها وتمكنوا من الشفاء.

تجربتي مع القلق النفسي

المرض النفسي ليس بوصمة، أو أمرٌ علينا الخجل منه، بل مثله كأي مرض عضوي آخر لا يَملِك أحدِنا بيده أن يُصاب به، لذا من هذا المنطلق سأحكي لكم تجربتي مع القلق النفسي كاملة كي تعلموا كيف تتعاملون مع هذا المرض.

في البداية كنت مُتكيف مع المرض بشكل جيد، فلم أكن أعاني من أية أعراض للقلق، لكن كان لديَّ الاستعداد والبيئة التي ساعدت على نمو المرض، حيث كان والدي رجلًا تقيًا ورعًا حافظًا لكتاب الله، ومن خلال تعامله معي كان يبُث في كلام على غرار أن الإنسان الذي يعبد الله حق عبادتهِ يدخُل الجنة.

كان يقول دائمًا أن عليّ أن أعمل كل الصالحات لأحصل على رضا الله، أخافني كثيرًا من العقاب إذا ما أخطأت، لهذا خِفت من أن أعصي الله، بالفعل كنت طوال الوقت أُحاول أن أسير على الصراط المستقيم، إلا أني في النهاية إنسان وكان من البديهي أن أُخطئ.

في يوم كنت في زيارة لدى أهل زوجتي، وتحرشت بشقيقتها الصغرى، ومن وقتها وبدء الخوف والقلق يحيط بي من كل جانب، توقفت على الذهاب لزيارتهم من وقتها، وكنت أخاف إذا تحدثت زوجتي مع شخص من أهلها أو ذهبت إلى زيارتهم.

بدأت أشعر كم أني شخص سيء للغاية، وبالفعل سيحدث مثلما قال أبي أن مصيري النار، ولن يغفر الله لي هذا أبدًا، ولهذا فكرت في تكرار الأمر طالما أنني في النهاية سأدخل النار، إلا أنني في المرة التي رأيت بها تلك الفتاة بعدها خفت كثيرًا لدرجة أني تركت البيت في الحال، فلم أتحمل الطريقة التي طالعتني بها.

سافرت بعدها إلى عملي في الإسماعيلية، وأنا أقود على الطريق إذ فجأة بدأت ضربات قلبي ترتفع شيئًا فشيئًا، حتى أني شعرت أنه سيتوقف، بدأت أعرق كثيرًا وشعرت أني أختنق، توقفت على جانب الطريق، فقد ظننت أن هذه نوبة قلبية وأني سأموت وأنا عاصي لله وسأدخل النار، فزاد هذا من الاختناق أكثر.

بعد أن هدأت كنت متفاجئ أني لم أمت، وذهبت بعدها إلى طبيب قلب، وعدد من التخصصات الأخرى، وقالوا جميعًا أني لا أعاني شيئًا، لكن أحدهم نصحني بزيارة طبيب نفسي، وحين ذهبت أخبرني أني أعاني من القلق المزمن مع نوبات Panic attack وهي عرض من أعراض القلق.

كما أطلعني على أن موضوع القلق لديّ هو أن الله يعاقب العاصين، صحح لي الكثير من المفاهيم، ومن بين أهم النقاط التي عمل عليها معي:

  • أن الله لا يُعاقب المخطئين إلا إذا استكبروا عن التوبة، وفي إمكاني أن أعود من جديد، وأن الحبل لا ينقطع أبدًا، إلا أني لم أُخطأ في حق الله فقط بل في شقيقة زوجتي أيضًا لذا حثني على الاعتذار منها وطلب السماح.
  • ثقفني عن المرض، فصرت أعلم ماهية ما أصابني وقت السفر وأن طريقة التعامل الصحيحة هي الهدوء، واحرص على أن أبقى منشغلًا قدر الإمكان لأن أفكاري هي التي تُسبب لي النوبة.
  • عملنا معًا بالكثير من الفنيات العلاجية على كسر شوكة حدة أعراض القلق.
  • خضعت أيضًا للعلاج الزواجي كي أُحسن من علاقتي بزوجتي التي تأثرت بالمرض.

أسباب القلق النفسي

ذكرت سارة في تجربتها مع القلق: “إن هذا الشعور الذي مررت به الخوف من الخروج من المنزل لأني أخشى أن يؤذيني الناس كان له سببًا بالتأكيد، فتجربتي مع القلق النفسي مرت بالكثير من المحاولات، وقد عَلِمت منها الأسباب التالية:

  • تغيرات في كيمياء المُخ ووظائفه.
  • بسبب الجينات الوراثية، خاصةً إذا كان المُصاب من أقارب الدرجة الأولى.
  • تعلمت الخوف من الناس لأجل حديث والدتي لي.
  • المرض النفسي أساسُه الاستعداد، حيث تعمل كل المؤثرات على استفزاز هذا الاستعداد كي يظهر المرض جليًا على الإنسان.

علاج القلق النفسي

ذكرت سارة في تجربتها مع الوسواس القهري: “لقد عانيت لسنوات من هذا الاضطراب، ولم أكن قادرة على العيش بحرية لأني أخاف أن أترك أولادي ولو للحظة، إلا أن زوجي بعد أن أدرك أني أعاني من مشكلة ستؤثر على أطفالي دفعني إلى طلب المساعدة مختص، وكان من بينها:

  • أدوية نفسية وقع من بينها: “كلوميبرامين، فلوكسيتين، فلوفوكسامين، باروكسيتين، سيرترالين”.
  • علاج معرفي سلوكي تمثل في بعض الفنيات العلاجية التي كان الطبيب يطلب مني تنفيذها كواجب منزلي، ويوجد الكثير منها كان يُجري في الجلسة.
  • العلاج بالتعرض ومنع الاستجابة.
  • التنبيه العميق للدماغ، من خلال زرع مارات كهربائية بمناطق في الدماغ.
  • التحفيز المغناطيسي للجُمجمة.
  • العلاج الجدلي، والذي كان يتميز بكونه يصدق على آلامي ويحاول حلها من الأعماق وليس بشكل سطحي كما في العلاج السلوكي.

تجربتي مع النفسي جعلتني أدرك أن أي مشكلة يمكن أن تُعالج وأن الضرر يصيب الأطفال بالفعل لكن ليس إلا بأمر من الله تعالى.

القلق والاكتئاب المختلط

ذكر عواد في تجربته: “لقد كنت أعاني من بعض الأفكار أن الجميع لا يحبني، لم أتلق ما يكفي من القبول من عائلتي، مما جعلني أشُك أني يمكن أن أكون شخصًا جيدًا يحبه الناس، ولم أكن أصدق أني شخص جيد، لذا كنت أقلق كثيرًا إذا كان شكلي مقبول أم لا.

جعلني هذا أشعُر بالاكتئاب والحزن الشديد، مما اضطرني للذهاب إلى الطبيب النفسي، والذي فسّر لي ما حدث بأني مصاب بالقلق، وأن الاكتئاب أتى عرضًا وأنا لستُ مصابًا به، ثم بدأت رحلة العلاج من القلق حول شكلي وصورتي أمام الناس.

كانت تجربتي مع القلق النفسي عبارة عن معاناة مستمرة لأعوام، إلا أن العلاج لم يأخذ سوى 6 أشهر، وكنت أرى تحسنًا كبيرًا جدًا في الشهور الثلاثة الأولى، لم يضطر الطبيب بها حتى إلى اللجوء للعلاج الدوائي”.

تجربتي مع القلق النفسي بها الكثير من الألم بالتأكيد لي ولكل من تكرر الأمر معه بقصة مختلفة، إلا أن طلب المساعدة هو أمر واجب على الجميع.