إن الشروع في خوض تجربتي مع ترك الحشيش كان القرار الصحيح الذي غيّر حياتي للأفضل، على الرغم من عدم رغبتي في تعاطيه من البداية، إلا أن انحدار أخلاقيات المُجتمع هو ما زاد نسبة مُتعاطي المواد المُخدرة وهو ما جذبني لتجربة الأمر، لكن انتشرت حملات كثيرة لتوعية الشباب للابتعاد والإقلاع عن تلقيها، وانتهت تجارب عِدة بالنجاح مما عزز رغبتي في أخذ القرار.

تجربتي مع ترك الحشيش

أنا مُهندس مدني، بعد محاولات وإصرار كبير استطعت أن أصل إلى مكانة لم أتوقعها يومًا، حقيقةً ليس مجهودي ولكن بفضل الله وكرمه الذي لم أرغب يومًا في رد عطاياه بذنبٍ كبير، فذات يوم انقلبت حياتي رأسًا على عقب حينما رأيت صديق لي من الابتدائية ولكن كانت حالته مُزرية ولا أعلم سبب ذلك.

بعد الحديث المطول معه علِمت أنه أصبح مُدمن مخدرات، كنت أرغب في مساعدته وترددت لزيارته مرات عِدة في سبيل انتشاله من هذا الطريق المؤذي ولكن قد وقعت في حُفرة لا يُحمد عقباها، فحينما زرتُه في المنزل كان يجلس مع بعض أصدقاء السوء يشربون المخدرات بكثرة.. حاولت الذهاب لكن لا أعلم ما حدث، فقد ذُقت الحشيش معهم!

ترددت لهذا الأمر مرة أخرى، مرة بعد مرة أصبحت ذاك الشخص الذي لم أرغب في أن كون مثلُه الحقيقة، لكنه كان يشعرني بالسعادة المؤقتة، ثم يتبع الأمر أعراض وانفعالات غريبة حتى تتلاشى هذه السعادة، ولاحظت عائلتي التغيرات التالية:

  • زيادة معدل نبضات القلب بشكل ملحوظ ومسموع.
  • الدوار المُستمر.
  • الإصابة بالقلق دون إبداء سبب مُقنع.
  • الرغبة المُلحة في تناول الطعام.
  • استرخاء الجسم وعدم القدرة على أداء المهام والنشاطات اليومية.
  • صعوبة التركيز في الأحداث.
  • الكحة المُستمر ومُلحقة ببلغم في بعض الأحيان.

لم أكن هكذا من قبل، فكانت تلك الأعراض تُثير قلقهم بشدة حتى اعتقدوا أنه أصابني الحسد وطلبوا قدوم شيخ ليرقيني لكن كانت ردة فعلي عادية وليست دالة على أنني مُصاب بحسد، فالأمر كان عضويًا حتى صارحتهم بانفعال شديد “أنا مدمن حشيش”.. لم أنسى حقًا دهشة أمي ودموعها بهذا اليوم مما كان دافع لي في الإقلاع.

بدأت تجربتي مع ترك الحشيش تدريجيًا، كان الأمر مُرهقًا يتبعه الأعراض الانسحابية للإدمان، ولكن ظلت عائلتي بجواري تدعمني وتساعدني حتى ذهبتُ إلى مصحة علاج نفسي، تحملوا مني الكثير حتى تمكنوا من إعادة شخصي القديم الجيد، وعلى الرغم من أن نيتي تجاه صديقي كانت خير بشأن مساعدته، إلا أنني تعلمت زيادة الحرص وعدم إقحام نفسي بما لن أقوى عليه.

الأعراض الانسحابية للمخدرات

أعلم أن قرار الإقلاع عن الحشيش صعبًا لِما يستتبعه من أعراض مُنهكة ومُستنزفة لطاقة الفرد، إلا أن الحياة بعد الإقلاع لتصبح إنسان جيد مرة أخرى تستحق خوض التجربة، “كنت أريد العودة مرة أخرى فلا أتحمل هذه الأعراض المتعبة” كانت تلك كلمات لفتاة مُدمنة مخدرات تروي تجربتها:

“أنا فتاة جامعية، أدرس في الفرقة الثالثة حقوق، جامعتي في الاسكندرية بينما أنا أقطن في الصعيد مما دفعني للسكن مع بعض الأصدقاء، كانت عائلتي تحذرني دائمًا من الابتعاد عن أصدقاء السوء إلا أنني وقعت في فخهن، فكانت الفتيات اللواتي يسكنّ معي مدمنات على الكحول، تتبع الأمر ظهور الحشيش وكان يأتي بعض الشباب معهن لشُرب الحشيش سويًا، على الرغم من رفضي لذلك إلا أن فضولي كان يزداد بشأن تجربة الحشيش مرة.

عندما أصبحت مدمنة مخدرات وانتهيت من دراستي بعد معاناة شديدة كانت تظهر عليّ أعراض تُظهر أنني مُدمنة، عائلتي ما إن شعرت بهذا حتى سحقتني ضربًا، وقرروا أن أذهب إلى مصحة نفسية حتى أترك هذه السلوكيات السيئة بشكل آمن، ولكن خلال تجربتي مع ترك الحشيش ظهر عليّ الأعراض الانسحابية الآتية:

1- الأيام الأولى من الإقلاع عن الحشيش

كان اليوم الأول عصيبًا جدًا، لأن الأعراض كانت لا تزال في ذروتها، وعانيت مما يلي:

  • الشعور بالقلق والتوتر المُستمر.
  • عدم الرغبة في النوم، والإصابة بالأرق.
  • إبداء ردود عنيفة وعصبية أمام أمور طفيفة لا تستدعي ذلك.
  • الرغبة المُلحة في تعاطي المخدرات.

2- الأعراض الجسدية بوسط فترة ترك الحشيش

بهذه الفترة بدأت تظهر عليّ أعراض أشد إيلامًا، وكنت لا أقوى على ترك غرفتي في المصحة لهذا، وكانت عبارة عن:

  • الإصابة برعشة شديدة تعيق أداء أي مهام يومية.
  • زيادة التعرُق؛ لارتفاع درجة حرارة الجسم، أو التخلص من السوائل المُتراكمة.
  • ارتفاع معدل نبضات القلب.
  • زيادة الرغبة في تعاطي الحشيش.
  • الإصابة بألم شديد والرغبة في التقيؤ.

3- نهاية أعراض انسحاب الحشيش

عادت بهذه الفترة الأعراض النفسية من جديد، وكان الأمر مُهلكًا جدًا، لذا كان الطبيب يُدير معي جلسات نفسية إلى جوار الأدوية، فقد كنت أعاني من:

  • الشعور بالخوف غير المُبرر.
  • الإصابة باكتئاب حاد.
  • الميل إلى العزلة وعدم التعامل أو رؤية العالم الخارجي.
  • قد يراود بعض الأفكار الانتحارية والشروع في تنفيذها.
  • زيادة الرغبة في تعاطي الحشيش.

بدأت الأعراض بالتلاشي بعد اليوم الخامس عشر، فعلى الرغم من زيادة عدد الأيام لبعض الحالات الأخرى، ولكن كان للتدخل الطبي دورًا كبيرًا في تخطي هذه المُشكلة دون عواقب وخيمة بفترة أقل.

لما تختلف مدة أعراض انسحاب الحشيش من حالة لأخرى؟

“لا تنجوا كافة الحالات عند الإقلاع عن الحشيش، فهذا الأمر له عوامل كثيرة”، أثار هذا التعليق مخاوفي وفضولي عندما قررت أن ابدأ تجربتي مع ترك الحشيش على الرغم من إصرار عائلتي، وكان هذا التعليق لطبيب يسرد فيه عوامل تختلف فيها مدة الأعراض الانسحابية قائلًا: “مرت عليّ تجارب كثيرة، منها التي استطعت إنقاذهم وغيرهم للأسف لم أستطع التغلب على أفكارهم الانتحارية لطول مدة الأعراض الانسحابية، هذا الأمر يرجع للعوامل الآتية:

  • مدة التعاطي: فكلما طالت مدة تعاطي الفرد للمخدرات كُلما كانت مدة الأعراض الانسحابية أطول، ويعاني بشكل أكبر من غيره من المرضى.
  • عُمر المُتعاطي: كبار السن هم من يستغرقون وقت أكبر للتعافي مقارنةً بصغار السن.
  • كمية الجرعة: فكلما كانت الجرعة المُستهلكة من الحشيش في اليوم أقل كلما قلت مدة التعافي وسرعان ما تتلاشى الأعراض الانسحابية.
  • الحالة الصحية: إن كان المتعاطي يعاني من أي مشاكل صحية خاصةً في الكبد فإن مدة التعافي تكون أطول من ذاك الذي يتمتع بصحة جيدة، بل وإن فرصة النجاة تقل.
  • الوزن: كُلما كان المتعاطي نحيفًا كُلما قلت مدة التعافي، بينما كُلما كان يعاني من دهون زائدة كُلما زادت مدة الأعراض.

لكن بشكل عام متوسط مدة التعافي بنسبة ٩٨٪ للمرضى حول العالم حتى الآن لم تزيد عن خمسة عشرة يومًا”.

التغلب على أعراض انسحاب الحشيش

إن التغلب على أثر ترك الحشيش يتطلب التدخل الطبي دون غيرُه، وهذا ما حرصت عليه عائلتي عندما بدأت تجربتي مع ترك الحشيش، فالأعراض الانسحابية صعبة للغاية وفي بعض الأحيان قد تحتاج لعلاج دوائي، فحينما سألت طبيب سرد لي: “الحشيش على الرغم أنه أقل المواد المخدرة خطورة إلا أنه يجب عرض المُتعاطي على اختصاصي على الفور لبدء حياة جديدة، لا يستغرق الأمر وقت كثير ولكنه يتطلب عناية من قِبل العائلة ومَن حول المُتعاطي والطبيب.

1- أدوية لمقاومة أعراض انسحاب الحشيش

بعض الحالات التي طالت مدة تعاطيها تحتاج إلى تلقي بعض الأدوية لمقاومة أثر انسحاب الحشيش، ولا يجدر بالمتعاطي تلقيها بمفرده دون وصفة طبية، وهذه الأدوية هي:

  • اسيتات الليفوميثاديل
  • لوفكسدين
  • برازيبام
  • مضادات الاكتئاب
  • مودابكس
  • سيبرالكس
  • ترايلبتال
  • ريميرون

2- الطريقة الفسيولوجية لعلاج أعراض انسحاب الحشيش

هو ما تتبعه أسرة المُتعاطي وما تقدمه له من دعم نفسي يُساعده على الإقلاع بشكل نهائي عن الحشيش، وبعض الوسائل التي تُهدئ من روعه خلال فترة التعافي، على أن يُحدد البروتوكول المُناسب من قِبل طبيب مُختص، وفي الحقيقة هو ما اتبعته أسرتي بتجربتي مع ترك الحشيش، وجاءت الخطوات كالتالي:

  • مواجهة الأعراض الانسحابية بالدعم النفسي.
  • المراقبة الدورية لانفعالات المُتعاطي.
  • توفير البيئة الآمنة للمتعاطي والحديث معه بهدوء عن ملذات الحياة الحلال.
  • مساعدة المتعاطي طوال الوقت بالحديث والدعم عن عدم التراجع عن قرار الإقلاع.
  • حضور جلسات الدعم النفسي، وسرد التجارب الناجحة للإقلاع عن الحشيش.
  • ممارسة بعض التمارين التي تُهدأ من الأعراض الانسحابية مثل: تمارين اليوجا، والتأمل.
  • تناول بعض الأعشاب المُهدئة ومُسكنة لآلام انسحاب المواد المخدرة، مثل: “بذور الحلبة، العرق سوس، النعناع، البابونج، الحبة السوداء، الشاي الأخضر، الشوفان”.

إن تعاطي المخدرات إحدى السلوكيات السيئة المُنتشرة بالمجتمع ولا بُد من التغلُب عليها بنشر الوعي حول أثر المخدرات على حياة الفرد خلال فترة التعاطي وما بعد أخذ قرار الإقلاع عنه.