تجربتي مع تشتت الانتباه كانت مختلفة نسبيًا، نظرًا لأن الاضطرابات العقلية عادةً لا يتم ملاحظتها بسهولة، وبالتالي يكون التشخيص المبكر من الأمور النادرة، خاصةً أنه من الاضطرابات المزمنة التي لا يكون من السهل علاجها ولكن كلما تم الخضوع للعلاج بصورة مبكرة كلما كان العلاج فعال بصورة أكبر.

تجربتي مع تشتت الانتباه

يُطلق على اضطراب تشتت الانتباه اسم ADHD وهو من الاضطرابات الشهيرة خاصةً في عصرنا هذا، حيث يندرج ضمن الاضطرابات العقلية ويرتبط ارتباط وثيق بفرط الحركة، لذا دائمًا يطلق عليه اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة.

قد بدأت تجربتي مع تشتت الانتباه مع ابنتي التي كانت تبلغ من العمر 5 سنوات، فقد كانت تبدو ذكية جدًا، ولكن بدأ مستوى طفلتي ينخفض من الناحية التعليمية، وأصبحت تصيبها نوبات عصبية شديدة وتقلبات مزاجية باستمرار، في البداية ظننت أنها تقوم بذلك هربًا من المذاكرة حتى أصبحت ألاحظ أنها لا تنتبه أو تركز على ما تقوم به.

لا يمكنها التحكم في نفسها وأفعالها، كما كانت تواجه صعوبة في التعامل بصورة صحيحة مع المواقف الضاغطة فبالرغم من صغر سنها كان من الطبيعي أن تتعرض للمواقف الضاغطة التي تتلاءم مع عمرها، لذا قررت التوجه للمدرسة للتعرف على مستوى ابنتي وما تقوم به، واكتشفت أن ما كان ما يحدث بالمدرسة يحدث معي بالمنزل.

لذا نصحتني المعلمة زيارة أخصائية المدرسة النفسية وبالفعل حينما استشرتها في هذا الأمر أخبرتني أن هذا يطلق عليه تشتت الانتباه وهو اضطراب عقلي شائع ونصحتني بالتوجه إلى الأطباء المختصين في هذه الحالة، حينما قام الطبيب بتشخيص حالة ابنتي أثبتت بالفعل أنها تعاني من هذا الاضطراب.

فوصف لي بعض الأدوية المنبهة وطلب مني المواظبة على جلسات العلاج السلوكي لتحسين سلوكيات الفتاة وبالفعل قمت بتطبيق كافة النصائح التي حددها الطبيب وبعد مرور 7 أشهر اختفت الأعراض تمامًا وتمكنت طفلتي من استعادة صحتها النفسية والعقلية مرة أخرى.

أسباب نقص الانتباه

حكت سارة بعد فترة مريرة من اضطراب تشتت الانتباه: حينما سألت الطبيب حول سبب إصابتي بهذا الاضطراب أخبرني أنه لم يتمكن الأطباء بعد من اكتشاف السبب الرئيسي الذي يؤدي للإصابة به، ولكن تم الوصول إلى أن الجينات الوراثية تلعب دور بارز في الإصابة بالاضطراب، كما ظهرت العديد من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة به ومنها:

  • تناول كميات كبيرة من السكريات.
  • تعرض الفرد للإصابات الدماغية.
  • كذلك في حالات الولادة المبكرة والتي يكون فيها الطفل مولود بوزن قليل.
  • تناول كميات كبيرة من الكحوليات خلال فترة الحمل.
  • إذا تعرضت الحامل للتسمم بالرصاص وغيرها من وسائل التلوث البيئي.
  • معاناة الحامل من الإجهاد الشديد خلال فترة الحمل.
  • كذلك الأمهات المدخنة تكون فرص تعرض الطفل لهذا الاضطراب كبيرة نسبيًا.
  • يكون الأطفال والنساء هم أكثر الفئات عرضة للإصابة بهذا الاضطراب.

أعراض نقص الانتباه

سردت سلوى: حينما كُنت في السابعة والعشرون من عمري تم تشخيصي بأنني مصابة بالـ ADHD وقد اكتشفت إصابتي تلك بعد ظهور العديد من الأعراض من أهمها:

  • أصبحت أقوم بالكثير من التصرفات الاندفاعية دون القدرة على التحكم في هذا الأمر.
  • عدم القدرة على ضبط النفس.
  • أجد صعوبة كبيرة في أداء المهام حتى تلك التي كنت أقوم بها بسهولة.
  • المعاناة من مشكلة سوء التخطيط.
  • فرط الحركة.
  • خلل في التركيز.
  • عدم القدرة على إدارة الوقت.
  • كنت أعاني من عدم التنظيم.
  • التعرض باستمرار للنوبات العصبية.
  • فقدان القدرة على إتمام المهام.
  • المعاناة من الفوضى.
  • فقدان القدرة على تكوين العلاقات الاجتماعية.
  • الإلحاح باستمرار.
  • فقدان الثقة بالنفس.
  • حب الإبهار.

تشخيص اضطراب نقص الانتباه

حينما ظهرت على ابن أخي أعراض نقص الانتباه وعدم التركيز توجهت به للطبيب خاصةً أنه كان لدي خبرة في هذا المجال كما انني مررت بتلك التجربة من قبل، وحينما توجهت للطبيب قام بالإجراءات التالية:

  1. قام بالتعرف على أهم الأعراض التي يمر بها الطفل.
  2. ثم بدأ بتجميع المعلومات عن الحالة ومن أهم هذه المعلومات هو التعرف على: “التاريخ الطبي للحالة والتاريخ الأسري، وكذلك قام بالاطلاع على السجلات المدرسية”، كل هذا للتعرف على التصرفات التي يقوم بها الطفل.
  3. ثم بدأ بطرح بعض الأسئلة بصورة استبيانات على أفراد عائلة الطفل وكذلك على مقدمي الرعاية.
  4. استخدام مقياس تقدير اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.

علاج نقص الانتباه

أخبرتني صديقتي عن هذا الاضطراب قائلة: نظرًا لأن تجربتي مع تشتت الانتباه لم تكن سهلة على الإطلاق إلا أنني قررت الخضوع للعلاج وأتحلى بالعزيمة لكي أتمكن من القضاء على هذا المرض، وبالفعل حينما استشرت الطبيب حول طرق العلاج المختلفة أخبرني أنه سوف يرتكز على حوالي 3 ركائز وهم:

  • العلاج الدوائي: يكون في صورة حبوب ومن أشهر أنواع العلاج المستخدمة الميثيلفينيديت في صورة: (كونسيرتا، ريتالين، وديكس ميثيلفينيديت، فوكالين)، وأدوية الامفيتامينات مثل: (أديرال إكس آر، ماي داييس)، كما يُقدم العلاج المنشط والمنبه للذاكرة وذلك بهدف تنشيط الخلايا الناقلات العصبية.
  • العلاج السلوكي المعرفي: وهو الجزء الخاص بالمعالج النفسي ويكون الهدف منه هو العمل على تحسين سلوكيات المريض واستبدال السلوكيات غير الصحيحة بأخرى صحيحة، ولابُد من معرفة أن هذا العلاج هو الركيزة الأساسية؛ لأن العلاج الدوائي وحده لا يكفي.

الوقاية من اضطراب نقص الانتباه

قد كانت أبنه صديقتي أصيبت بهذا الاضطراب ولكن تم شفائها، وأخبرتني قائلة: تجربتي مع تشتت الانتباه مع ابنتي جعلتني أعاني من الألم النفسي لذا سوف أنصحك ببعض الأمور التي أخبرني بها الطبيب لتقليل من فرص تعرض طفلك لمضاعفات هذا الاضطراب، وهي كالتالي:

  • يجب خلال فترة الحمل الالتزام بكافة النصائح الطبية التي يحددها الطبيب مثل عدم شرب الكحوليات أو التدخين وغيره.
  • تجنب الأمور التي تعرضك لخطر الولادة المبكرة مثل تناول التمر والأطعمة الحارة وغيرها.
  • محاولة عدم بذل مجهود زائد خلال فترة الحمل وذلك لتجنب مشكلة الولادة المبكرة.
  • التقليل من جلوس الطفل لفترات طويلة على الإلكترونيات خاصةً في أول 5 سنوات من عمره؛ لما له من آثار وخيمة.
  • يجب حماية الطفل من التعرض للملوثات البيئية بقدر المستطاع مثل الرصاص وطلاء الجدران وغيره.
  • عدم ترك الطفل في الأماكن التي يكثر بها المدخنين.
  • عند ملاحظة أي من الأعراض الغريبة على الطفل خاصةً في الانتباه أو الذاكرة يجب استشارة الطبيب على الفور وعدم تجنب الأمر.
  • إذا كان أيًا من الأم أو الأب مصابين بهذا الاضطراب من قبل فيجب عليهم التركيز على الطفل؛ لأن فرصة إصابته تكون كبيرة نسبيًا؛ لذا يجب الحذر لتشخيص حالة الطفل مُبكرًا.
  • يجب تجنب العنف مع الطفل وعدم تركه لمدة طويلة بمفرده.
  • المتابعة المستمرة للطفل خاصةً إذا دخل المدرسة للتعرف على السلوكيات التي يقوم بها.

 اضطراب نقص الانتباه من الاضطرابات التي يمكن علاجها ولكن يجب الخضوع للعلاج المناسب سريعًا، كما يجب تطبيق كافة النصائح للتقليل من الإصابة، خاصةً إذا كنت من الفئات المعرضة للإصابة.