تجربتي مع تليف الرئة كانت مؤلمة، فإن تليُف الرئة من الأمراض الخطيرة التي تُصيب الفرد دون أن يشعر، كما يؤثر على جودة الحياة بشكل كبير، فإنه يضر أكثر الأعضاء أهمية في الجسم، فالرئة تتحكم بشكل غير مباشر في تشغيل وظائف الجسم الأخرى، ومن خلالها يتم توزيع الأكسجين على كافة أعضاء الجسم الأخرى عن طريق الدم.

تجربتي مع تليف الرئة

التليُف الرئوي حالة خطيرة تُصيب جهاز التنفس، حينما يُصبح نسيج الرئة أكثر سماكة وقساوة، فيُسبب ذلك الكثير من الآلام للمريض منها صعوبة التنفُس، بالإضافة إلى صعوبة وصول كميات كبيرة من الأكسجين إلى باقي أعضاء الجسم، كان عُمري 49 عامًا عندما علمت بأنني مصاب وبدأت تجربتي مع تليف الرئة.

عندها تعجبت لأنني كنت أحافظ على صحتي بشكل كبير، فكنت لا أدخن إطلاقًا، ولا أفعل أي من العادات السلبية التي تؤثر على صحة الرئتين، ولكن حينما ذهبت للطبيب أخبرني بأن هناك عدة أنواع للتليف الرئوي، أحدهم مجهول السبب، وهو الذي أُصبت به..

  • تليف الرئة مجهول السبب: يكون سبب التليف لأنسجة الرئة غير معروف، وهو النوع الأكثر انتشارًا بين الرجال، ومعدل أعمار الإصابة بهذا النوع من 45 – 70 سنة، وأفادت الإحصائيات والتقارير الطبية بأن هذا النوع يحتل المرتبة الأولى أو الثانية من بين أمراض الجهاز التنفسي في الانتشار.
  • التليف الرئوي الوراثي: يُصاب به من تعرض أي من أقاربه من الدرجة الأولى للإصابة بتليُف الرئة مجهول السبب، ولكنه أمر نادر الحدوث.
  • التليف بسبب الإصابة ببعض الأمراض: أحد الأمراض التي تسبب إصابة الرئة بالتليف هو داء الارتجاع المعدي المريئي، حيث يحدث فيه ارتجاع الحمض الهاضم من المعدة إلى الحلق، وعليه يتسبب دخول بعض من قطرات الحمض إلى الرئتين من خلال القصبة الهوائية.
  • تليف الرئة بسبب التعرض لمواد خطيرة: هناك الكثير من المواد الخطيرة مثل السيليكا أو الأسبست، وتكون أبخرتها وغبارها ضارة جدًا مما تتسبب في الإصابة بتليف الرئة، كما أن غبار الأخشاب والعناصر المعدنية يمكنه إصابة الرئة، والأكثر عرضة لهذا النوع هم العمال الموجودين في المناطق الصناعية.

لكن حدد الطبيب لي روتين صحي وساعدني على التحسن لكن احتاج إلى الصبر، فكانت تجربتي مع تليف الرئة جيدة نوعًا ما.

كيف تعرف أنك مصاب بتليف الرئتين؟

قال أحد الأطباء المُتخصصين في أمراض الجهاز التنفسي، أن أمر معرفة إن كنت مصاب بتليف الرئة من عدمُه يحتاج الاطلاع على التاريخ العائلي للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، مع سؤال المريض حول تعرُضَه لأحد الأبخرة السامة أو الأتربة والغبار.

عليه يتم تحديد ما إذا كان هناك شكوك حول إصابتهِ بتليُف الرئة، ومن ثم يُفحَص المريض بعدة طرق مختلفة للتأكد من الإصابة بالمرض، فيما يلي أبرزها:

1- الفحوصات التصويرية

عدة أنواع يمكن من خلالها فحص المريض، فيمكن استخدام التصوير بالأشعة السينية والتي تبين بوضوح مدى تليف أنسجة الرئة، والتصوير المقطعي يفيد بشكل كبير في تشخيص تليف الرئة، فهو يبين مدى تضرر الرئة من خلال أخذ صور من زوايا مختلفة لأنسجة الرئة المتليفة.

2- تحليل عينة الدم

قد يقوم الطبيب بتشخيص حالة التليف الرئوي من خلال إجراء أحد فحوصات الدم، ليتمكن من تقييم أداء الرئة وأعضاء الجسم الداخلية، وعليه يعرف ما هي الأعضاء التي لا تؤدي وظائفها الحيوية بشكل سليم، ثم يتعرف على الحالة.

3- تقييم وظائف الرئة

عدد كبير من الاختبارات يمكن إجرائُه للتعرف على ما إذا كانت الرئة تعمل بشكل سليم أم لا، من أهم هذه الاختبارات هو فحص غازات الدم الشرياني، والذي يقيس مستويات ثاني أكسيد الكربون والأكسجين في الدم، كما يُمكن استعمال اختبار قياس التنفُس، والذي يُطلب فيه من المُصاب بإخراج الزفير بأسرع قوة لديهِ.

يكون ذلك من خلال أنبوبة تقيس مدى إمكانية الرئتين على حمل الهواء، وحساب سرعة حركة الهواء الذي يدخل ويخرج من الرئتين، على أن هناك بعض الأجهزة تحسب حجم الرئتين وقدرتهم على الازدياد في الحجم.

ما هي أعراض تليف الرئة؟

تشاركت الأعراض التي عانيت منها مع أحد المرضى الموجودين في عيادة الطبيب عندما كنت في جلستي الأسبوعية، فقال لي أحد الموجودين في قائمة الانتظار، إنه يعاني من بعض الأعراض التي جعلته يلجأ للطبيب، وكانت تنم عن إصابته بتليف الرئة.. هي كما يلي:

  • تغيّر في لون الأطراف، وأصابع اليدين أو الأقدام، وظهورهما باللون الأزرق، ويكون ذلك بسبب عدم قدرة الأكسجين على الوصول إلى كافة أنحاء الجسم عن طريق الدم.
  • انتفاخ الساقين.
  • خسارة الوزن المفاجئ دون أي سبب.
  • الشعور بالإرهاق والتعب الشديد عند بذل مجهود ضعيف.
  • الكحة التي لا تتوقف.
  • الإصابة بضيق التنفس، حيث يبدأ المريض يشعُر بالضيق عندما يبذل أي مجهود أو يمارس أي تمرين رياضي، كما يضيق نفسُه عند تحدثه أو ارتدائُه للملابس أو حتى تناوله للطعام.

عندما قال لي المريض هذه الأعراض عرفت أنني مصاب، كما استزاد المريض قائلًا، أنا الآن في منتصف تجربتي مع تليف الرئة، فقد بدأت العلاج، والآن أشعر بالتحسن نوعًا ما، مما أعطاني ذلك الأمل في الشفاء.

طرق علاج تليف الرئة

على الرغم من أن مصطلح تليف الرئة يبدو قاسيًا وخطيرًا إلا أن علاج تليف الرئة ليس مُستحيل، فهناك الكثير من الطرق تساعد على التعايش مع التليف، وتحسين جودة الحياة، فقد كنت أقرأ منشورًا على أحد صفحات التواصل، كان محتواه عن أحد المُصابين بمرض التليف، فقال: لا يوجد علاج فعّال يقضي على التليف تمامًا.

لكن هُناك بعض الطرق التي تُخفف من حِدة الأعراض، والتي استخدمت أحدهم خلال تجربتي مع تليف الرئة، ويقوم الطبيب المختص باختيار الطريقة المناسبة للمريض، حسب فِئتُه العمرية وحالته الصحية، فيما يلي أبرز هذه الطرق:

1- الأدوية الطبية

يمكن أن يصف الطبيب بعض الأدوية الطبية التي تعمل على إبطاء معدل التليف للأنسجة، مثل:

  • النينتيدانيب
  • البيرفنيدون

هذه الأدوية تم الموافقة عليها من خلال هيئة الغذاء والدواء، وتُقلل بشكل كبير من حدة أعراض التليف الرئوي وتقليل معدل زيادته، وقد يصف الأطباء بعض العقاقير التي تستخدم لعلاج الارتجاع المريئي المعدي.

2- برامج إعادة تأهيل الرئة

هي تدريب المُصاب على بعض تمارين التنفس، إلى جانب تلقي بعض المعلومات المتعلقة بصحة المريض، وعليه يستهدف هذا البرنامج العلاجي تقوية بعض العضلات المسؤولة عن عملية التنفس، وزيادة جودة الحياة لدى المريض.

في الغالب تتم هذه البرامج على أيدي متخصصين، فإني رأيت خلال تجربتي مع تليف الرئة أحد الفرق الطبية المُخصصة لذلك، ويكون الفريق مكون من أطباء ومجموعة من الممرضين، إلى جانب ضرورة تواجد أخصائي تغذية وطبيب نفسي، علاوةً على ذلك وجود مدرب رياضي.

3- جلسات الأكسجين

الحل المؤقت لمشكلة تليف الرئة، على الرغم من أنه حل غير نهائي إلا أنه الأكثر فاعلية وانتشارًا، فإن جلسات الأكسجين تساعد على تقليل أعراض المرض مثل ضيق التنفس والشعور بالإرهاق، ويستخدم هذا الأسلوب في حالة أن المريض كان مستوى الأكسجين لديه أقل من 88%

4- زراعة أنسجة الرئة

هذا الأسلوب هو الحل الأخير لتقليل خطورة تليف الرئة، ويُلجأ إليه في الحالات المتأخرة فقط من التليف، لكن يجب أن يجري هذه العملية الجراحية طبيب متخصص له خبرة كبيرة، فهذه العملية خطيرة، وقد ينتج عنها بعض المخاطر مثل رفض الجسم للرئة المزروعة أو حتى الإصابة بالعدوى البكتيرية.

إرشادات هامة لمرضى التليف الرئوي

حالتي كانت متوسطة الخطورة، لذا نصحني الطبيب باستخدام بعض الأدوية الطبية، والاعتماد على جلسات التنفس الصناعي، وعندما كنت في أحد الجلسات، رأيت أحد المرضى حالته تشبه حالتي، ولكنه أصيب بالمرض من فترة أطول.

تحدث معي ووجه لي بعض النصائح التي تساعد على العيش بصحة جيدة لمرضى التليف الرئوي، فقال: “تجربتي مع تليف الرئة كانت على حد مناسب من الواقعية، فقد عانيت بعض الشيء، ولكن في الأخير تحسنت حالتي وأصبحت بحالة أفضل، وذلك بسبب هذه النصائح:

  • تناول أطعمة صحية ومتوازنة، فقد يفقد المريض الوزن بسبب الشعور بعدم الارتياح نحو الأكل، لذا فيجب أن يقوم المريض بتعويض ما يفقده من وزن، ويتناول سعرات حرارية كافية، والالتزام بتناول الخضروات والفواكه سهلة الأكل، واللحوم أمر ضروري للحصول على البروتين.
  • إذا كان الشخص مدخنًا فيجب عليه فورًا الإقلاع عن التدخين، فعلى المريض أن يعرف أن التدخين السلبي له تأثير مضر جدًا على الرئتين، وهذا ما عانيت منه أنا شخصيًا خلال تجربتي مع تليف الرئة.
  • ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة يُساعد على تنشيط الرئة وتنظيم مستويات الأكسجين في الدم، لذا يُنصح بممارسة الجري أو المشي على الأقل لمدة نصف ساعة يوميًا.
  • على مريض التليف أن يأخذ كفايتهِ من النوم والراحة، وذلك ليتمكن جسمُه من تجديد الطاقة وزيادة القدرة على التعامل مع الضغوطات والتوتر، بالإضافة إلى التعامُل مع الأعراض الشديدة للتليف.
  • الوقاية من العدوى البكتيرية ويمكن ذلك من خلال غسل المريض يده قبل الأكل وبعده، والحرص على أخذ كافة اللقاحات اللازمة مثل لقاح الأنفلونزا.
  • ضرورة الالتزام بالبرنامج العلاجي الذي يُحدده الطبيب، حيث يحتاج المريض المُتابعة بشكل دوري، لذا فيُنصح باستشارة الطبيب في كل خطوة يخطوها المريض، والالتزام بتوجيهاته.

تليُف الرئة من أخطر الأمراض؛ لأنه يمنع المريض من العيش حياة طبيعية، لذا يجب التعرف على السُبل المناسبة للتكيف معه ومحاولة تحسين جودة الحياة.