تجربتي مع الاكتئاب والوسواس كان لهُما دور في تغيير حياتي رأسًا على عقب، فبالرغم من كثرة معاناتي التي واجهتها خلال هذه التجربة إلا أنني قد استفدت كثيرًا منها، فأصبحت شخص أكثر علمًا بالأمراض النفسية والعوامل التي تزيد من خطر الإصابة بها، وقد اكتشفت جانب جديد من شخصيتي مثل قوة العزيمة والصبر والثقة.

تجربتي مع الاكتئاب

الاكتئاب قد يكون من أكثر الأمراض انتشارًا في الوقت الحاضر وذلك بسبب توافر كافة العوامل التي تزيد من فرص الإصابة بهذا الاضطراب، وقد أُصبت بهذا وأصبحت أعاني من مختلف أنواع الألم سواء من الجانب النفسي أو الجسدي، لهذا بعد أن تعافيت من هذا الاضطراب قررت سرد تجربتي مع الاكتئاب معكم.

أنا مصطفى طالب جامعي كنت أحب الدراسة بشدة بل أُشبه هؤلاء الذين يأكلون الكتب من كثرة مذاكرتي واجتهادي، ولكن قبل نهاية العام الدراسي الثاني بشهرين تغيرت حياتي رأسًا على عقب، فأصبحت استمع لصوت صفير باستمرار أثناء النوم.

عدم الرغبة في المذاكرة أو القيام بأي من الأنشطة اليومية والفعاليات التي أفضل القيام بها، والإحساس بالكآبة والرغبة الشديدة في البكاء وانعدام الأمل وكانت الكارثة أنه لا يوجد سبب فعلي يجعلني أشعر بذلك، ثم أصبح الأمر يؤثر سلبًا على تركيزي مما كان من الصعب عليَّ اتخاذ أي من القرارات.

قد رسبت لأول مرة بحياتي وهو الأمر الذي دفعني لمحاولة الانتحار لأكثر من مرة دون جدوى، وحينما علم صديقي بحالتي تلك طلب مني التوجه لطبيب نفسي لمعرفة السبب خاصةً أنهُ كان يقرأ في مجال علم النفس كثيرًا، وقام الطبيب بعدة فحوصات نفسية.

تعرف على الأعراض التي أعاني منها والمدة التي استمرت بها تلك الأعراض وتم تشخيصي بمرض الاكتئاب، ولكنه قد بسط الأمر عليَّ حينما أخبرني أنه يمكن علاج هذا الاضطراب وبدء حياتي من جديد، في البداية وصف لي دواء للتقليل من حدِة الأعراض وذلك بجانب الجلسات النفسية.

ثم طلب مني أن أتوقف في الحصول على هذا الدواء ثم التزم بالجلسات النفسية وبعد مرور 6 أشهر تعافيت تمامًا من هذا المرض وتمكّنت من القضاء على هذا الاضطراب ولكن نصحني الطبيب بمحاولة الابتعاد عن الأجواء الكئيبة وبالفعل انتظمت بكافة النصائح.

عوامل الإصابة بمرض الاكتئاب

خلال تجربتي مع الاكتئاب عاصرت تجارب الكثير من المرضى الذين يعانون وتحولت حياتهم إلى سواد، أصبحت مُظلمة للغاية، أنا كُنت أعلم السبب، لكن غيري لم يكُن يعلم، فهناك تجربة قالت إنها ظلت تعاني كثيرًا من الاكتئاب، وكان هناك الكثير من الأحداث الجيدة في حياتها فلِما هذا الشعور؟

لم أقف صامدة في موقعي هُنا، بل اِتجهت على الفور إلى الطبيب، فلم أُريد أن يتملك الاكتئاب مني وأصبح مريضة نفسية! حينما تناقشت مع الطبيب وجهت له سؤال، ما هي أسباب الاكتئاب؟ وكانت إجابته على النحو التالي:

  • العوامل البيئية مثل الظروف الاقتصادية وكذلك الحياة الاجتماعية للفرد، فإن الانطواء وعدم الاهتمام بالخروج من المنزل يعكر الحالة المزاجية.
  • النظام الغذائي قد يكون سبب في تدمير صحة الإنسان العضوية والنفسية، لأن الطعام غير الصحي يساهم في نقص الفيتامينات مما يؤثر على الفرد سلبًا.
  • حصول المريض على الأدوية لمدة طويلة مثل أدوية الضغط أو علاج الأرق، وكذلك أدوية الحمل جميعها يكون له آثار جانبية سلبية.
  • تعرض المريض للإصابة بمرض السرطان أو أمراض القلب أو الإيدز أو الزهايمر.
  • فقدان الفرد لشخص عزيز وعدم التعبير الصحيح عن الحزن.
  • كذلك العوامل الوراثية لها دور بارز في الإصابة بهذا المرض، فالأفراد الذين لديهم أقرباء مصابون بهذا المرض تكون فرصة إصابتهم أكبر من غيرهم.
  • العوامل البيوكيميائية التي تتمثل في أجهزة التصوير الطبية، مثل الأشعة الفوق صوتية وغيرها يكون لها تأثير سلبي على الدماغ وذلك لأنها تتسبب في حدوث تغييرات في خلايا المخ والناقلات العصبية.

تجربتي مع وسواس الشك

قد بدأت تجربتي مع الوسواس حينما بدأت أقوم بتصرفات غير منطقية بكثرة، فكنت أعاني من وساوس متعددة منها وسواس الشك في كل شيء حولي وكذلك في الأشخاص الأمر الذي تسبب في ابتعاد الجميع عني، وأيضًا مشكلة النظافة فكنت أغسل يدي مرات عديدة حتى أصبحت أعاني من الجفاف الشديد والحرج كذلك.

كانت المشكلة تكمُن في أنني مدركة لهذه المشاكل والتصرفات غير المنطقية ولكنني كلما حاولت التحكم بها تفاقمت حدة الأعراض أكثر، فأصبحت أخاف من كل شيء مثل الإصابة بالأمراض والتلوث والخوف من التعرض للفشل مما منعني من القيام أهداف عديدة بحياتي.

كذلك الخوف من إحراج الآخرين لي وغيرها الكثير من الأعراض، وبعد أن أصبحت مدركة أنني لا يمكنني القضاء على هذه المشكلة بمفردي وتوجهت للطبيبة التي أخبرتني أنني أعاني من تعدد الوسواس أي أعاني أكثر من نوع في الوقت نفسه.

لذلك حددت لي برنامج علاجي يعتمد على الجلسات النفسية فقط دون دواء ولكنه يتضمن العديد من البرامج العلاجية، فكانت دائمًا تقوم بدفعي لفعل كل ما أخاف منه ولكن بشكل تدريجي وقد استغرقت فترة العلاج حوالي 8 أشهر حتى تمكنت من تخطي هذا الاضطراب تمامًا.

أنواع وسواس الشك

مرحبًا، أنا مريم، أود أن أقول إنه قد يظن الكثير بل وأنا كذلك أن الوسواس هو نوع واحد وهو الوسواس القهري، ولكن أثناء تجربتي مع الوسواس الشك أخبرتني الطبيبة أنها معلومة خاطئة تمامًا بل هو عدة أنواع، وهي:

  • وسواس الشك الديني أي يتشكك المريض في وجودية الله ويحاول إقناع الآخرين بذلك، وقد يشعر أن هذا الأمر غير صحيح وأن الخالق موجود بالفعل، ولكنه لا يستطيع التحكم في شكوكِه.
  • وسواس شك الأفراد وهو ما يرتبط بالثقة فلا يُمكنه أن يثق بأحد حتى المقربين منه، وهذا الأمر يتسبب في نفور الجميع وبالتالي يعيش في وحدة بغيضة تزيد من حدة الاضطراب ولأن الوسواس يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقلق فالمريض يشعر بالخوف من محاولة بدء علاقات جديدة لمجرد شعوره بالخوف من التعرض للفشل.
  • وسواس النظافة والترتيب وهنا يرغب المريض برؤية كل شيء منظم ومرتب دائمًا وأن المكان خالي من التلوث والميكروبات فيغسل يديه كثيرًا، ويحرص على تنظيف المكان مرات عديدة خلال وقت قصير.
  • وسواس تخزين الأشياء القديمة التي تصبح لا فائدة لها ولكنه يكون غير قادر على التخلص منها، بالرغم أنه لا يملك مساحة كافية لاكتناز هذه الأشياء منعدمة الفائدة.
  • الخوف من الموت سواء موته أو موت الآخرين فنلاحظ أنه يتفقد الآخرين باستمرار بصورة مبالغ فيها، كما يتفقد كل شيء دائمًا خوفًا من المخاطر، مثل التأكد من إغلاق باب المنزل والموقد والصنبور وغيره.
  • وسواس الجنس: وفيه يشعر المريض بخلل في عملية تحديد نوع الجنس وميوله الجنسية الحقيقية، مما يدفعه للابتعاد عن فئات محددة وذلك لتجنب تطبيق الأفكار السيئة والمروعة التي تتكون لديه.
  • وسواس الخداع: أو يطلق عليه البعض السحر وفيه يحدد المريض أرقام بعضها يشير إلى حسن الحظ والآخر لسوء الحظ، كذلك التفكير في الأمور الخرافية التي يستحيل تطبيقها في الواقع.
  • وسواس الأفكار الشنيعة: وهنا يشعُر الفرد بالخوف والقلق الشديد من تطبيق هذه الأفكار على أرض الواقع وهذا يدفعه للابتعاد عن الجميع والشعور بالذنب لأنه يفكر بهذا السوء في الآخرين خاصةً في حال كانوا مقربين له.

إن اضطراب الاكتئاب والوسواس قد لا يرتبطون إلا في بعض الحالات، ولكن الأمر المشترك بينهم هو عدم القدرة على تحديد سبب فعلي للإصابة، لذا يجب على المريض تجنب عوامل الخطر التي تزيد من الإصابة.