ما أسماء أولي العزم من الرسل؟ ولماذا تمت تسميتهم بهذا الاسم؟ نعلمُ أن الرسل والأنبياء كثيرون، منهم من نعلم أسمائهم ومنهم لا، ولا نعلم عددهم كذلك، إلا أن أولي العزم منهم ذكروا في القرآن الكريم في غير موضع، وهم خمسة أنبياء ومرسلين.. لذا يعنينا أن نذكرهم فيما يلي إضافة إلى ذكر ما أنزلوا به من معجزات.

أسماء أولي العزم من الرسل

إنهم أهل الصبر ممن اصطفاهم الله على الخلق، تحملوا المشاق من أجل الرسالة السامية التي بعثهم الله بها، للدعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، ولم يؤمن بهم من أقوامهم إلا قليلًا بعد سنوات من الدعوة، ونذكر أسماء أولي العزم من الرسل فيما يلي وفقًا للترتيب الزمني:

  • نوح عليه السلام
  • إبراهيم خليل الله
  • موسى كليم الله
  • عيسى عليه السلام
  • محمد عليه الصلاة والسلام

مصداقًا إلى قول الله تعالى في سورة الأحزاب: “وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۖ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا” (الآية 7).

1- محمد صلى الله عليه وسلم

أشرف الخلق والمرسلين، وخاتم الأنبياء، عانى الكثير في سبيل هداية أمته إلى الهدى ودين الحق، كما عاداه قومه كثيرًا ولم يلق منهم إلا المشقة، فقد أخرجوه من داره وقاتلوه وأذاقوه من العذاب أشدّه.. ولم يؤمن بدعوته إلا قليل من أنصاره.

قد بعث النبي صلى الله عليه وسلم للعرب بالقرآن وهم أهل البلاغة والفصاحة، فكانت معجزته إليهم من جنس ما برعوا فيه.. فتحدى به الله الإنس والجن أجمعين بأن يأتوا بمثل آيات الله، وما كان لهم إلا أن يعجزوا عن ذلك.

من معجزات المصطفى صلى الله عليه وسلم أن قومه طلبوا منه أن ينشق القمر نصفين أمامهم حتى يؤمنوا بأنه رسول من عند الله، وعندما دعا الرسول ربه انشق القمر بالفعل وأيده الله ليثبت لقومه مدى عنادهم، كما أن رحلة الإسراء والمعراج تعتبر من أجلّ معجزات النبي، فقد منّ الله عليه بما لم يمن به على أحد من خلقه، فلقد رأى نور وجه الله الكريم، وتم فرض الصلاة في تلك الرحلة العظيمة.

2- إبراهيم خليل الله

واحد من أسماء أولي العزم من الرسل هو خليل الله، من تصدى لدعوته قومه، ولم يقفوا عند ذلك الحد بل ألقوه حيّا في النار إلا أن الله تعالى كتب له النجاة وجعل النار بردًا وسلامًا عليه، ولا تقف الابتلاءات عند هذا الحد، فهو من أولي العزم من الرسل لكونه صبر على البلاء طائعًا لله لم يسخط أبدًا على قضائه.

فقد أمره الله تعالى بترك ابنه إسماعيل عليه السلام وزوجه في أرض مكة وهي جدباء جرداء، وامتثل لأمر الله وصبر على الهجر والفراق، كما أمره بذبح ابنه إسماعيل، وفداه الله بكبش عظيم، وكان ذلك جزاء لصبره على الابتلاء.

3- عيسى عليه السلام

منذ مولده وهو في ابتلاء عظيم، لم يسلم من الأقوال الباطلة عنه والمطاردات من قومه ليقتلوه، إلا أن الله تعالى رفع نبيه إليه برحمته ونجاه من الظالمين، وقد سخر له في حياته من المعجزات كثيرًا.

أما عن سيدنا عيسى عليه السلام فكان له كثير من المعجزات، منها أنه يُحيي الموتى بإذن ربه، كما كانت له القدرة على أن يشفي المرضى، من البرص والعمى ما ويعانون من أمراض أخرى، وقد منّ الله عليه بأنه يُشكل الطير من الطين، ومن ثم ينفخ فيها فيبعث الله فيها الروح لتكون طيرًا.. وكل هذا بأمر من الخالق.

علاوةً على أن قوم عيسى طلبوا منه أن يُنزل الله عليهم مائدة من السماء تكون لهم عيدًا، وبالفعل استجاب الله لدعواه ليثبت لهم حق دعوة نبيه ومعجزاته.

4- نوح عليه السلام

مكث سيدنا نوح يدعو قومه ما يقرب من ألف عام، يدعوهم إلى عبادة الله الواحد الأحد، لذا كان من ولا يكل ولا يمل من الدعوة، وفي كل مرة يستهزئون منه ويسخرون، ويصروا على عنادهم وتكبرهم على الدين، ولما طال هذا الأمد أمره الله ببناء سفينة لينجو فيها من آمن منهم، ويلحق بالكافرين العذاب الأليم، فقد أغرق الله الكافرين من قومه بالطوفان باستثناء من ركبوا معه السفينة من كل زوجين اثنين.

5- موسى عليه السلام

من أسماء أولي العزم من الرسل الذي تحمل الكثير من قومه، فقد أرسله الله تعالى إلى فرعون وبني إسرائيل ليهديهم إلى عبادة الله الواحد الأحد ولا يشركون به شيئًا، وقد يسر الله له الكثير من المعجزات التي تنصفه عليهم وتشدد من أزره، وما لاقى من فرعون وجنوده إلا الضلال.

قد صبر موسى عليه السلام كثيرًا، منذ ابتعاده عن أمه وهو في المهد، وصبر على تكذيب قومه له ومراوغتهم في الإيمان والعبادة، فكان من الصابرين الذين جعلهم الله تعالى في كنفه ورعايته.

كانت معجزة سيدنا موسى عليه السلام في عصاه التي تحولت ثعبانًا ليرد على سحرة فرعون، وكان ذلك السبب وراء إيمانهم بالله، كما أنها ذاتها التي استطاع بها أن يشق البحر نصفين، ليغرق فرعون وجنوده وهم الهالكون، ويُنجي الله قوم موسى وتكون تلك معجزة له.

كما أن الله سبحانه وتعالى جعل له معجزة أخرى، وهو أنه يُدخل يده في جيبه تخرج بيضاء من غير سوء.. وقد أفضى الله سبحانه وتعالى عليه من الكرم الوفير، فجعله كليم الله، وتلك هي أشرف صفة تميزه.

سبب تسمية أولي العزم من الرسل بهذا الاسم

ذكرنا أسماء أولي العزم من الرسل ونشير إلى أن الأصل اللغوي لكلمة العزم يعزو إلى عقد النية للوصول إلى هدف ما، أي أنه المقصد، وصاحب العزم هو شخص ذو همة وغاية، وقد فضل الله بين أنبيائه ورسله، أما عن أولي العزم من الرسل فقد فضلوا على سائر المرسلين، وهذا ما ذكره سبحانه وتعالى جليّا في محكم التنزيل.

من أكثر الصفات التي نقلت عن أولي العزم أن لديهم من قوة التحمل والصبر ما استطاعوا به مواجهة كافة الصعاب التي تعرضوا لها عند دعوة أقوامهم للتوحيد.. ونظرًا لتلك الصفات أطلق عليهم أولي العزم من الرسل.

فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ

كان هذا الأمر الإلهي في محكم التنزيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بأن يصبر على ما يتعرض له من أذى قومه القولي والفعلي، فهي شدائد وابتلاءات قد صبر عليها من سبقوه من أولي العزم من الرسل.

إن اختصاص أولي العزم من الرسل بالتشريف ما كان إلا لثباتهم وقوة تحملهم في سبيل الدعوة إلى الله، فكان واقع حياتهم ينم عن صبر وجهاد.