ما أعظم مراتب الدين؟ وكيف يمكن الوصول إليها؟ إن أنواع مراتب الدين ثلاث وهي: “الإسلام، الإيمان، والإحسان”، نصل إلى أعلاها عند الإخلاص في العبادة لنظهرها لله -عز وجل- في أفضل صورة، فنعبد الله كما أمرنا بسبب حبنا له الذي خلقنا وأوجدنا في الحياة، ونسعى لرضاه ورحمته بنا فبيده كل شيء سبحانه.

أعظم مراتب الدين

الإحسان هو أعظم مراتب الدين، فهو إتقان الشيء وإتمامه على أفضل صورة نحبها، وتزيين ما نقوم به، وهذا أحق أن نفعله في العبادة لنصل لأجمل مراتبها ونجعل إيماننا قويًا، كما أنها أعلى المراتب وأفضلهم فلا يصل إليها إلا من امتلأ قلبه حبًا لدين الإسلام وتعلق به وزاد من طاعته وتقرب إلى الله وعبادته.

فالإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، هي تقوى ومراقبة الله في جميع أفعالنا، أن نتبع أوامره ونحرص على ذلك، ونقف عند حدود الدين ومحرماته ونحذر من مخالفته أو معصيته، ولها ثلاثة مراتب، يُمكن إجمالهُم فيما يلي:

أولًا: مشاهدة ومراقبة الله عز وجل

هي مرتبة الخوف من الله وخشيته، فيعبد الإنسان الله على وجه الحضور وكأنه يراه، يستحضر وجوده بقلبه، يستشعر وجوده وقت عبادته وطوال الوقت ويعلم مراقبة الله له، فيتنور قلبه بالإيمان ويصير وكأنه يرى الغيب.

كأنه يرى حال أهل الجنة وحال أهل النار، فيقبل على الله وطاعته، ويبذل جهدًا في تحسين عبادته وإكمالها، فيستشعر خشية الله والخوف منه والهيبة والتعظيم، فكان جزاء ذلك أن ينظر عبد الله إلى وجه الله الكريم عيانًا في الآخرة، كما قال تعالى: ﴿ُوجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ* إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾

أما من أعرض عن ذلك ولم يراقب الله في أفعاله فأولئك هم أهل الكفر ومحجوبون عن رؤية الله -عز وجل- يوم القيامة، وذلك أشد وأعظم عقاب.

ثانيًا: الحياء من الله

الشخص لا يعرف ويستشعر رؤية الله ومراقبته له فقط، بل يخجل من معصية الله، يستحي منه أن يراه الله يفعل ما نهاه عنه أو يتكاسل عما أمره به، يخشى الخالق سبحانه وتعالى، فلا يكون كالذين قالوا سمعنا وعصينا، الذين عصوا الله وتباهوا بمعصيتهم أو جهروا بها ونشروها.

لا يكون مثل الذي يخشى الخلق أكثر من خشية الله الخالق فيذنب بالسر ويخاف أن يعلم أحد بفعله أي معصية أو ذنب، ولا يستحي من الله فجعله أهون الناظرين إليه، فيجب على العبد أن يخاف الله على قدر قدرة الله عليه وأن يستحي منه على قدر قرب الله منه.

استحضار قرب الله ومراقبته لنا ينتج عنها الحياء منه ومن معصيته أو أن تتجرأ النفس عليه، وبالتالي فالحياء يمنع العبد ويحجزه عن موافقة النفس أو الشيطان إلى ما يغضب الله أو يتعدى حدوده تعالى.

ثالثًا: الأنس بالله تعالى

هي أعلى وأعظم مراتب الدين والإحسان، أن تستأنس بوجود الله وتطمئن إليه وتفرح بعبوديته، فمن يصل لهذه المرتبة يفوز فوزًا كبيرًا ويعظم أجره في الدنيا والآخرة، وهناك كثير من القوم وصلوا لهذه المرتبة العظيمة من الإحسان وحبهم وفرحتهم لقربهم من الله تعالى، فلم يلجئوا لأحدٍ غيره في حياتهم، فأخرجهم الله من كل ضيق وفرج همومهم.

أكثر من بلغ هذه المنزلة هو النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يبتعد عن الناس ويجعل بينهم الحواجز أو يترك بيته وأهله كي ينقطع لعبادة الله تعالى، ولكنه دائمًا معهم ويمشي في حاجتهم، وبرغم ذلك كان يستأنس بالله في كل أوقاته ودائمًا هناك حبل ممدود بينه وبين الله تبارك وتعالى.

مراتب الدين

كما أشرنًا سلفًا أن مراتب الدين لا تقتصر على الإحسان والتي هي أعظم مراتب الدين، بل هُناك مرتبتين أخرى لا تقل أهمية عن الإحسان، ويجدر على المؤمن الوصول إليها وإدراكها، وهذا ما سنوضحه فيما يلي:

1- الدخول إلى الإسلام

هي أول مراتب الدين ولا نستطيع أن نقول على أحد أنه مسلم إلا عند التصديق بها ونطقه للشهادتين، وهي المرتبة العامة في الدين لها خمسة أركان: “شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا”.

2- الإيمان بالله

الإيمان مرتبة أعلى من الإسلام ويكون الإنسان ازداد يقينًا وتصديقًا لا يتزعزع بالله فقد قال تعالى: قَالَتِ ٱلْأَعْرَابُ ءَامَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلْإِيمَٰنُ فِى قُلُوبِكُمْ، وهي ستة أركان: “الإيمان بالله، وملائكته، ورسله، وكتبه، واليوم الآخر، والقدر”.

كيف يصل الإنسان إلى الإحسان

إن أول ما يقوم به الإنسان هو أن يتوب إلى الله توبة نصوحة فيغسل قلبه من كل الذنوب والخطايا، يحرص على فعل ما فرضه الله عليه وترك ما نهاه الله عنه، وهنا لا يزال العبد في مرتبة الإسلام.

ثم يزيد العبد في الاجتهاد بأن يفعل المستحبات ويتقرب إلى الله بكل ما يقدر عليه وما يزيد عن ذلك، يوكل كل أموره لله تعالى، وأن يرتقي في مراتب الإحسان بأن يستحضر رؤية الله تعالى له حتى يصل إلى الاستئناس بوجوده فيكون قد وصل لأعظم مراتب الدين.

مراتب الدين الإسلامي تتفاوت في درجاتها، فيجب الحرص على التدرج فيها للوصول لأعظم مراتب الدين ولعبادة الله بسعادة والأنس به ابتغاءً لمرضاة الله وتطلعًا للفوز بجنات النعيم.