أكثر سورة ذكر فيها اسم الرحمن وضح فيها الله عز وجل مدى رحمته، فاسم الرحمن من الأسماء التي خصص الله عز وجل بها نفسه، حيث لا يمكن أن يتولى رحمة عباده إلا هو.. ففي تلك السورة أشار الله إلى عباده بعدم اليأس من رحمته مهما اشتدت المحنة وطال البلاء، فالرحمة هي الحافز الذي يدفع العباد للسعي طمعًا في الحصول عليه.

أكثر سورة ذكر فيها اسم الرحمن

ورد اسم الرحمن في مختلف سور القرآن الكريم، فهو الاسم الذي يشير إلى مدى رحمة الله الواسعة التي شملت كل خلقه في الدنيا والآخرة، فالله هو من اتصف بالكمال ومن يحقق الأفضلية في كل الصفات التي وصف نفسه بها.

وصف الله قدر رحمته في سورة الأعراف في قوله تعالى: “وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ”، لكن أكثر سورة ذكر فيها اسم الرحمن هي سورة مريم.. تعتبر سورة مريم من السور التي نزلت في مكة المكرمة إلا بعض الآيات التي نزلت في المدينة وهي الآية رقم 58 ورقم 71.

فضل سورة مريم

تعد سورة مريم أكثر سورة ذكر فيها اسم الرحمن، فأهم ما تشير إليه هو اتساع رحمة الله وفضله، فاستدل الله عز وجل على ذلك بسرد ما حدث لها وما أصابها من رحمة المولى عز وجل، فتتمثل الفضائل في الآتي:

1- زيادة الإيمان بالله

على العبد أن يؤمن بكل ما فيه بقدرة الله عز وجل، والدليل على ذلك أنه استجاب لزكريا عليه السلام وذلك في قوله:

(قالَ رَبِّ أَنّى يَكونُ لي غُلامٌ وَكانَتِ امرَأَتي عاقِرًا وَقَد بَلَغتُ مِنَ الكِبَرِ عِتِيًّا* قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَد خَلَقتُكَ مِن قَبلُ وَلَم تَكُ شَيئًا).

فكان زكريا يبلغ من العمر فوق المائة عام، وامرأته في العقد التاسع من عمرها، فوضح الله أن ذلك هين وكل مطالب العباد هينة عليه مادام العبد يحسن الظن بالله ويدعوه بكل إيمان بقدرته.

2- التوجه إلى التقوى

في سورة مريم العديد من الإشارات إلى كون العبد بار بوالديه تقي يتعامل مع غيره بلين، فقال تعالى: (يا أَبَتِ لا تَعبُدِ الشَّيطانَ إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلرَّحمـنِ عَصِيًّا)، فكان أبوه مشركًا لا يؤمن لكنه كان يتعامل معه بلين، فلذلك أجر عظيم في الدنيا والآخرة فالعبد الذي يطيع ربه في كل أقواله وأفعاله يشفع له الله يوم القيامة ويعفي عنه.

3- بيان قدرة الله في عذاب المشركين

هناك بعض الآيات تحتوي على تحذير الناس من غضب الله الشديد، مثل الذين كذبوا الأنبياء والمرسلين من الأقوام السابقة وما كانوا يقومون به من عبادات لآلهة أخرى بخلاف الله الواحد الأحد، فلا تنفعهم آلهتهم ولا تنجيهم.

كما أشارت أن الله يأخذ من الكافر كل ملكه في الدنيا ويبعثه وحيدًا بدون مال ولا سلطة ولا ولد يوم القيامة، فيقف يوم البعث لا يملك من الأعمال إلا أبخسهم، حيث تتبرأ الأصنام والآلهة ممن كانوا يعبدونها وتتخلى عنهم فلا يوجد من له القدرة على إنقاذهم من عذاب الله.

4- الحث على عدم اليأس من رحمة الله

اللجوء إلى الله عز وجل بالدعاء من أهم ما يسعى به العبد للتقرب إلى الله، وتأكيد ذلك استجابة الله عز وجل لدعاء سيدنا زكريا وابنته مريم، حيث دعا سيدنا زكريا بيقين رغم تيقنه من استحالة قبول الأمر.

أسباب نزول سورة مريم

أكد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على سبب نزول عدة آيات من سورة مريم، حيث كل آية من آيات القرآن أنزلها الله عز وجل لبيان أمر معين لعباده المسلمين، لذا يمكن توضيح أسباب نزول آيات تلك السورة في الآتي:

أولًا: الآية رقم 66

(وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا).. أنزل الله ذلك عندما أنكر أبي خلف وجود الحياة بعد الموت، وقدرة المولى -عز وجل- في النفخ في الصور وإحياء الموتى مرة أخرى وحسابهم وبقاء كلًا منهم في مكانه الأبدي.

ثانيًا: الآية رقم 64

(وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ).. أوضح فيها الله -عز وجل- سبب نزول سيدنا جبريل عليه السلام وزيارته لسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- عندما سأل عن ذلك.

ثالثًا: الآية رقم 67

(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا).. أنزل الله عز وجل تلك الآية في المشرك العاص بن وائل عندما كان مديون لأحد المسلمين، وكان يأبى أن يسدد ذلك الدين إلا عندما يرتد المسلم عن دينه فأجابه المسلم أنه لن يرتد عن الدين حتى الموت، فأجاب العاص أنه عندما يبعث سوف يرث ماله ويقدر على سد الدين حينها.

روايات وردت في فضل سورة مريم

تم تسمية أكثر سورة ذكر فيها اسم الرحمن باسم مريم تخليدًا لاسم السيدة مريم، فهي المرأة التي أنزل الله عليها معجزة لم تحدث لأحد من قبلها ولا يصدقها إلا من آمن بالله وما أنزل من كتب، فأول ما ناقشته تلك السورة هي قصة السيدة مريم مع قصص أخرى يمكن بيانها في الآتي:

قصة السيدة مريم: تناولت السورة ما مرت به السيدة مريم عندما أمرها الله عز وجل أن تبقى في المحراب ليأتيها سيدنا جبريل ويبشرها بأنها حامل، دون زواج أو أي مساس من بشر وتلك كانت معجزة لبني إسرائيل.

قصة سيدنا زكريا: تناولت سورة مريم قصة سيدنا زكريا عندما دعا ربه أن يرزقه بولد وعمره هو وزوجته لا يسمح بذلك، لكنه كان يدعو الله بيقين وثقة أن الله عز وجل سوف يستجيب له ويرزقه ما يرغب ويتمني، فكل الأمور الدنيوية على الله يسيرا.

قصة سيدنا إبراهيم: عندما حاول إقناع قومه بما فيهم والده باتباع دين الله -عز وجل- وترك عبادة الأصنام التي لا تنفع، وبرغم إصرار والده على الكفر إلا إنه كان يتعامل معه بلين ولديه أمل أنه يطع ربه ويترك الكفر، حيث حزن سيدنا إبراهيم لعدم طاعة والده لكن عوضه الله عز وجل بولداه إسحاق ويعقوب.

سمى الله نفسه بتسعة وتسعين اسم يصفونه بالكمال والقدرة الخارقة التي لا يمكن لغيره معرفة مداها، فعلى العباد معرفة تلك الأسماء ويدركونها ويدعونُه بها ليقبل دعواتهم.