الأخلاء ثلاثة من هم؟ وكيف يحتفظ بهم المؤمن؟ فحياة البرزخ يمكث فيها العبد فور وفاته إلى يوم البعث، حيث يرافق العبد فيها ما قام به من أعمال صالحة في الدنيا، كما تبدأ الملائكة في توجيه الأسئلة له بخصوص ربه ودينه ونبيه وصلاته، فالمسلم الحق هو من يجيب الأسئلة وفق عقائده في الدنيا أما الكافر فلا يعرف ماذا يجيب.

الأخلاء ثلاثة من هم

جاءت كلمة الأخلاء في السنة، وذلك في قول نعمان بن بشير عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:

مثَلُ الرجلِ ومثلُ الموتِ كمثلِ رجلٍ له ثلاثةُ أخِلَّاءَ فقال أحدُهم هذا مالي فخُذْ منه ما شئتَ وأَعطِ ما شئتَ ودَعْ ما شئتَ وقال الآخرُ أنا معك أخدمُك فإذا مِتَّ تركتُك وقال الآخرُ أنا معك أدخلُ معك وأخرجُ معك إن مِتَّ وإن حَيِيتَ فأما الذي قال هذا مالي فخُذْ منه ما شِئتَ ودَعْ ما شئتَ فهو مالُه والآخرُ عشيرتُه والآخرُ عملُه يدخل معه ويخرجُ معه حيث كان.

حيث يشير تفسير ذلك الحديث في أن الإنسان بعد وفاته لا يتبقى معه أي شيء من متاع الدنيا، فيترك في قبرة في الظلمة وحيدًا، لا يبقى له سوى العمل الصالح الذي قام به في الدنيا.

فيؤكد الحديث الشريف أن العمل الذي يقوم به المسلم في الدنيا هو ما يرجع له في الأخرة، فيجمع في الدنيا ثلاثة أشياء، وهم المال والأهل والعمل الصالح في حياته، فبذلك يمكن الإجابة على سؤال الأخلاء ثلاثة من هم؟

ففي قول الرسول صلى الله عليه وسلم “مثَلُ الرجلِ ومثلُ الموتِ كمثلِ رجلٍ له ثلاثةُ أخِلَّاءَ، فيتم الإشارة فيه أن كل البشر لهم أصدقاء على الأقل ثلاثة، كما تم التوضيح.

فيقول أول رفيق “فخُذْ منه ما شئتَ وأَعطِ ما شئتَ ودَعْ ما شئتَ“، فهذا تأكيد على أن المال موجود في الدنيا، يستطيع العبد أن يحصل عليه بسهولة فله حرية الاختيار عن أخذ كل ما يريد، وترك كل ما يريد، فهو فقط المسؤول عما ينفق ومقداره، فذلك الشيء سيحاسب عليه.

بينما الرفيق الثاني أنا معك أخدمُك فإذا مِتَّ تركتُك“، يتم التأكد على أن الأهل يكونوا سند للعبد في الدنيا، فيتواجدوا في نفس المكان لحظة بلحظة فذلك يشعر العبد بالسند والأمان، لكن عندما يتجه العبد إلى قبره لا يذهب معه أحد إلا ما قام به من أعمال في حياته الدنيا.

أما الرفيق الثالث أنا معك أدخلُ معك وأخرجُ معك إن مِتَّ وإن حَيِيتَ“، يتمثل في العمل الصالح للعبد، فهو ما يصحبه إلى الآخرة، فيرفع من منزلته في الجنة الفردوس، أو قد يسبب ذلك في الهبوط في النار وذلك بسبب العمل البغيض.

فبذلك يمكن الإجابة على سؤال الأخلاء ثلاثة من هم؟ فيتمثل الأخلاء في المال والأهل والعمل الصالح، لذلك تم التأكيد على أن العبد يلحقه بعد موته ثلاثة أشياء، فلا ينتقل اثنان وهما المال والأهل، بينما يتبعه الثالث وهو العمل الصالح ويبقى معه في القبر حتى يوم البعث.

بينما آتي لفظ الأخلاء مرة واحدة في القرآن الكريم، وذلك كما أشار لها سبحانه وتعالى في سورة الزخرف الآية رقم 67 في قوله تعالى: الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ“، فالمقصود بلفظ الأخلاء في هذه الآية الكريمة بالمتحابين في غير الله والأصدقاء والرفقة.

حياة المؤمن في القبر

استكمالًا للإجابة عن سؤال الأخلاء ثلاثة من هم؟ فعند موت المسلم لا يصحبه في القبر سوى العمل الذي قام به، فالعمل الصالح يرفع من مكانة المسلم فيكون في قبره في هيئة جميلة وذو رائحة عطرية، فيبشر المسلم في القبر بمكانته في الجنة، فعندما يرى المقعد الخاص به في الجنة يقول قدموني قدموني، فيري كلًا من المؤمن الصالح والكافر في القبر التالي:

  • في الليلة الأولي في القبر يسأل العبد فيها على ربه ودينه ونبيه، فيجيب صاحب العمل الصالح بأن ربه هو الله سبحانه وتعالى، دينه هو الإسلام، نبيه هو محمد صلى الله عليه وسلم.
  • ذلك على عكس الكافر الذي لا يستطيع الإجابة على أي سؤال من أسئلة الملكين حتى ما ورد في إجابة سؤال الأخلاء ثلاثة من هم؟ لا يشفع له ففي الغالب تكون إجابته أنه سمع الناس يرددون شيء ففعل مثلهم.
  • فأغلب ما يتعرض له المسلمين والكافرين فتنة القبر، إلا من رحم الله.
  • بينما يلاقي الكافر عذابه في القبر وذلك حتى يوم الساعة، بينما صاحب العمل الصالح المؤمن بالله ورسوله، يرى كل أشكال النعيم في القبر وذلك حتى يصل إلى يوم يلاقي فيه ربه.
  • الدليل على أن المؤمن الصادق سيلقي النعيم في القبر حتى يوم الساعة هو قول الله تعالى: إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ.
  • يمكن للإنسان أن يصل إلى المكانة الطيبة بعملة الصالح وطاعة الله سبحانه وتعالي وتنفيذ أوامره، بالإضافة إلى الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم واتباع سننه، كما يجب عليه البعد عن المعاصي، والصبر على البلاء.
  • فجزاء الكافرين هو العذاب في القبر حتى يوم الساعة ثم يعذبه الله مرة أخري في الآخرة، وذلك كما جاء في قول الله تعالى: سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ“.

مجالات العمل الصالح

العمل الصالح هو كل ما يقوم به المسلم رغبةً في التقرب إلى ربه، فمن الممكن أن يكون العمل الصالح في النية أو القول أو الفعل، فهو يفتح على المسلم كل أبواب الخير في الدنيا، ونعيم القبر في الآخرة، فلا يقتصر العمل الصالح على عبادة معينة، وتتمثل مجالات العمل الصالح كالتالي:

  • أداء فرائض الله من صلاة وصيام وزكاة.
  • بناء المستشفيات والمساجد والمدارس.
  • تشييد مصنع لكي يعمل على سد حاجة الأمة.
  • بالإضافة إلى صيام الفرائض يفضل صيام النوافل.
  • كفالة اليتيم.
  • مساعدة الناس في التخلص من كل أنواع الظلم.
  • بر الوالدين.
  • إخراج الصدقات.
  • التعاون في العمل ومع الأمة.
  • حج بيت الله لمن يستطيع.

يجب أن يتقرب العبد إلى ربه بالعمل الصالح، فذلك يساعده على أن يصل لأعلي المكانات في الجنة، كما أنه يرى النعيم في القبر، ويستطيع الرد على سؤال الملكين.