الأصول الثلاثة التي يجب على العبد معرفتها هي التي يُسأل عليها العبد في قبره، فإن كان مؤمنًا بالله موحدًا له سبحانه فإن الإجابة تكون يسيرة سهلة، يقولها عن يقين، أما إن كان عاصيًا مذنبًا يجد نفسه لا يدري كيف يجيب، وفي ذلك الصدد نستفيض عليكم ذكرًا بتلك الأصول العظيمة وأدلتها.

الأصول الثلاثة التي يجب على العبد معرفتها

بادئ ذي بدء نستند إلى قول الرسول –صلى الله عليه وسلم-:

ويأتيهِ ملَكانِ فيُجلسانِهِ فيقولانِ: من ربُّكَ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ لَهُ: ما دينُكَ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكُم؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فُينادي منادٍ منَ السَّماءِ: أن كذَبَ، فأفرشوهُ منَ النَّارِ، وألبِسوهُ منَ النَّارِ، وافتَحوا لَهُ بابًا إلى النَّارِ (صحيح).

إذًا الأصول الثلاثة التي يجب على العبد معرفتها هي:

  • معرفة الله عز وجل.
  • معرفة الدين الإسلامي.
  • معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم.

فإن كان المؤمن على حق فيجيب ويقول ربي الله، ورسولي محمد –صلى الله عليه وسلم- ودينه هو الإسلام.. أي معرفة المرسل والرسول والرسالة، بما تتضمن من أحكام وشرائع وعقيدة سمحة.

1- معرفة الله عز وجل

أن يعلم العبد ربه وأسمائه وصفاته العلا، وأنه ليس له معبود سواه، وهو الذي يغرق العباد بنعمه الجليلة، التي لا تعد ولا تُحصى.. ومن الطرق التي تؤدي إلى معرفة الله حق المعرفة:

  • النظر إلى خلق الله للإنسان، على أحسن صورة وتقويم.
  • التطرق إلى خلق السماوات والأرض وما بينهما.
  • النظر في تعاقب الليل والنهار، وحركة السفن في البحار، وتصريف الرياح.
  • العلم باختلاف الأجناس والصفات والطبائع البشرية، فالله خالق كل شيء بقدر معلوم وبدقة متناهية.

هذا ما تجلى في قول الله تعالى في سورة البقرة:

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ” الآية 164

2- معرفة الدين الإسلامي

الاستسلام لتوحيد الله والانقياد للدين بالطاعة والبراءة من أهل الشرك، والعلم بأحكام الدين.. مع العلم بأركانه الخمسة وهي:

  • شهادة أن الله لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.
  • إقامة الصلاة.
  • إيتاء الزكاة.
  • صوم رمضان.
  • حج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا.

كذلك العلم بأركان الإيمان الستة، وهي: الإيمان بالله والملائكة والكتاب والرسل والنبيين واليوم الآخر، والإيمان بالقدر في خيره وشره، فضلًا عن العلم بالإحسان، وهو أن تعبد الله كأنك تراه، وأن تعلم بأنه سبحانه يراك.

3- معرفة النبيّ محمد

فهو محمد بن عبد المطلب من بني هاشم في قريش، من ذرية إسماعيل وإبراهيم عليهما السلام، الذي ولد بمكة وأنزل الله تعالى فيه رسالة الإسلام، ليكون للناس خير مبشرًا ونذيرًا، ويكون خاتم الأنبياء والمصطفين.

فقد قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ” سورة التوبة الآية 33.. فلنا أن نلاحظ تلك الآية الكريمة جمعت بين الأصول الثلاثة التي يجب على العبد معرفتها.

كذلك قال الله تعالى في سورة يوسف: قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّـهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ” الآية 108، وفي سورة فصلت: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ” الآية 33

الحكمة من معرفة الأصول الثلاثة

بعد العلم بالأصول الثلاثة التي يجب على العبد معرفتها يجب أن ندرك أنه لا نجاة للعبد في الدارين إلا بمعرفة تلك الأصول، وإدراكها ولإتقانها، فبقدر ما يحقق ذلك في علمه وعمله بقدر ما ينجو من العذاب في الآخرة.

كلما كان العبد مستقيمًا في دنياه كلما كان جزاؤه النعيم، في الدنيا والآخرة يمنحه الله من الفضل والعطاء ما لا يُمكن تخيله، فيجب أن تكون معرفته بالله صحيحة، ومعرفته بنبيّه صائبة، ومعرفته بأحكام الدين القيّم حق المعرفة.

إن الأصول الثلاثة التي يجب على العبد معرفتها أصول عظيمة تنطوي على المعرفة الشرعية التي تنفع العبد في الدارين.