هل التطوع المطلق ما كان له وقت محدد؟ وهل يوجد نوع آخر من التطوع؟ حيث إن التطوع يأتي في معناه الإتيان بالطاعة غير الواجبة، لغاية في قلب العبد من التقرب لله عز وجل، فيحرص دائمًا المؤمن الحق على تأدية فروضه وما يستحب من السنن والنوافل الشفيعة له يوم يقف أمام الله، فيبحث الأفراد عن أحب أوقات التطوع، وما تتقيد أوقاته وما تُطلق، فيُستوفي في ذكر هذا خلال ما يُسرد تاليًا.

التطوع المطلق ما كان له وقت محدد

نعم، إن التطوع المطلق هو ما ليس له وقت محدد قد ذكر في النصوص الشرعية، فهو الصلاة التي يؤديها المسلم من تلقاء نفسه دون الصلوات الأساسية والسنن التي تشتمل عليها، فليس هناك عدد معين تتقيد به، يؤديها العبد من أجل التقرب أكثر من الله عز وجل، لكنها ليست مفروضة عليه، كما يرجع إليه عدد الركعات التي يؤديها.

أنواع التطوع

التطوع المطلق ما كان له وقت محدد، في هذا الصدد قد استدل على أن الإجابة لا، بل يُستدل من لفظه أيضًا أنه غير مقيد بأي شروط، ومن هنا يجدر الذكر بأن التطوع ينقسم إلى شقين: الشق الأول التطوع المطلق، والشق الثاني التطوع المقيد، وفيما يلي نستعرض في شأنهما.

أولًا: التطوع المطلق

لقد ذُكر آنفًا أن التطوع المطلق ما كان له وقت محدد ملزم به، فهو كل عبادة غير مفروضة يؤديها العبد لله تقربًا منه، فيجب الإشارة إلى أنها ليست واجبة لكنها مستحبة، ومن خلال الآتي يتم التطرق إلى ما يجب ذكره عن التطوع المطلق:

  • يسمى في الفقه باسم النوافل.
  • تشتمل النوافل على: صيام التطوع ويكون في غير الفرض، الصلاة، والأذكار والتسبيح، وغيرها من العبادات التي لم تنص النصوص الشرعية على فرضها.
  • ليس له وقت يتقيد به المسلم، فورد في حكمه أن يؤديه المسلم في أي وقت يرغب به عدا أوقات الفرائض، والأوقات المنهي عن الصلاة فيها.
  • يندرج تحت قسم صلاة التطوع المطلق: صلاة تحية المسجد، صلاة الليل، صلاة الاستخارة، راتبة الفجر.
  • تُؤدى صلاة التطوع المطلق بدون سبب معين.
  • أفضل صلاة التطوع المطلق هي صلاة قيام الليل، ففي الليل سكون مشاغل الحياة وتلاهيها، فيُترك للقلب مساحة من أجل تدبر الذكر والخشوع في الصلاة، كما أن بآخر الليل يكون الله أقرب للعبد، لتواجده حينها في السماء الدنيا، مما يجعله وقت إجابة للدعاء.

الأوقات المنهي عنها صلاة التطوع المطلق

علمنا أن التطوع المطلق ما كان له وقت محدد، ويجب الإشارة إلى أن صلاة التطوع المطلق غير مقيدة بوقت واجب على المسلم الصلاة فيه، سوى خمسة أوقات لابد من تجنب تأدية صلاة التطوع بها، وهي:

  • وقت صلاة الفجر، والذي يكون منذ بزوغ الفجر الثاني حتى طلوع الشمس، فيُمتنع صلاة أي نافلة عدا صلاة سنة الفجر.
  • منذ أن ترتفع الشمس حتى يصل ارتفاعها قدر رمح.
  • عند قيام الشمس بوقت الظهيرة لحين زوالها.
  • وقت صلاة العصر حتى اقتراب غروب الشمس.
  • وقت غروب الشمس.

ثانيًا: التطوع المقيد

يأتي على عكس التطوع المطلق، حيث يتضمنه حدود وشروط نصّت عليها الشريعة، فهي تتقيد في أوقات محددة كما تتمثل في عدد ركعات معين، مثل صلاة السنن التي تأتي عقب تأدية الصلاة المفروضة، ومن صلوات التطوع المقيد ما يلي ذكره:

  • السنن الراتبة: هي تلك الصلاة التي ترتبط بصلاة الفرائض الخمسة، ومن العلماء من يقول إنها تتمثل في 10 ركعات يكونان في ركعتين قبل الفجر، ركعتين قبل الظهر وركعتين بعده، ركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء، والرأي الآخر من العلماء ينص على أن السنن الراتبة تتمثل في 12 ركعة، بزيادة ركعتين قبل الظهر حتى يصير أربع ركعات قبل الظهر.. كما يجب الإشارة إلى أن ركعتان سنة الفجر من أكثر السنن التي قد حرص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم.
  • صلاة التراويح: من السنن التي يضمها شهر رمضان للرجال والنساء، وتكون تأديتها بعد صلاة العشاء وحتى طلوع الفجر، وحين تُصلى في صلاة جماعة يستحب الإطالة في قراءة ما تيسر من القرآن الكريم، والاستراحة بعد أربع ركعات حتى لا يشق على المسلمين أدائها لكونها تأتي في 11 ركعة.
  • صلاة الوتر: من السنن المؤكدة التي حافظ الرسول على أدائها، وهي تأتي ركعات فردية، فيأتي بها المسلم في ركعة واحدة، أو ثلاث، أو خمس ركعات، وهي تبدأ من بعد صلاة العشاء لقبل دخول صلاة الفجر.
  • صلاة الكسوف والخسوف: من صلوات التطوع المقيد صلاة الكسوف والخسوف، حيث يكون وقتها احتجاب ضوء الشمس أو ضوء القمر، كما يُسن أن تصلى جماعة في المسجد بلا أذان أو إقامة، كما يشرع للإمام أن يخطب الناس بعد الانتهاء منها بما يُذكر الناس بيوم القيامة وحال القبور، كما يستحب الإكثار من الدعاء والاستغفار.
  • صلاة الضحى: من التطوع المقيد بوقت شروق الشمس ويطول وقتها إلى قبل دخول صلاة الظهر بخمسة عشر دقيقة تقريبًا، ولا بد من ذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أطلق عليها صلاة الأوابين، وذلك يرجع إلى كون وقتها في ذروة انشغال الناس، فعدد قليل من الناس يحافظ على أدائها، كما أنها صلاة بها فضل على الناس ومغفرة لهم.

فضل صلاة التطوع

تم الاستدلال من خلال ما سبق أن التطوع المطلق ما كان له وقت محدد، بينما خصص وقت لصلاة التطوع المقيد، و بكلتا الحالتين فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوصانا بصلاة التطوع بشكل عام، وذلك لما فيها من منفعة للمسلمين، فمن أهم ما جاء في فضلها الآتي:

  • إن أول ما يُسئل عليه العبد يوم القيامة الصلاة، ويجدر الإشارة إلى أن الإنسان في وقتٍ ما ربما تفوته بضعة صلوات، ومن رحمة الله بالعبد فقد جعل السنن وصلاة التطوع شفيعة له، فينظر الملائكة في رصيد العبد مما استزاد به من صلاة تطوع حتى يتمون بها فروضه.
  • تنفع المسلمين يوم الحساب حين يبحثون عن حسنات تُعلّي من كفتها في الميزان.
  • لا يشفع للعبد يوم القيامة غير أعماله الصالحة، وصلاة التطوع خير شفيع للمسلم.
  • تُقرب العبد من الله سبحانه وتعالى، وتعمل على رفعة شأنه وعلو منزلته لدى الله.
  • تغفر للمسلمين ما صدر منهم من سيئات، كما تشرح من صدر الإنسان وتُسكّن قلبه.

إن للتطوع أجر عظيم يحتسبه الله جل جلاله للعبد المؤمن الذي اجتهد في عبادته وحرص على التقرب منه حبًا وخشية له، وأحب شيء لله أن يتقرب إليه عبده بالنوافل.