التيمم أن يضرب بيده الصعيد الطاهر؟ وكيف يتم التيمم بطريقته الصحيحة؟ وبسبب إمكانية تعرض الإنسان لبعض المواقف التي لا يستطيع فيها الوصول إلى الماء والوضوء أو الاغتسال، فمن عظيم ما ورد في الإسلام ومن جميل ما شرعه الله من التيمم، لذلك نسلط الضوء على التيمم في هذا الموضوع.

التيمم أن يضرب بيده الصعيد الطاهر

لقد شرع الله التيمم وهو الطهارة ليستطيع الإنسان القيام بالعبادات على الوجه المطلوب منه وقد جعله الله بديلًا للوضوء، ولكن في حالات معينة كأن لم يجد الإنسان الماء أو أن الله ابتلاه بمرض جلدي معين يمنعه من الاغتسال في هذه الحالات يستبدل الإنسان الماء بالتيمم.

أما عن التيمم أن يضرب بيده الصعيد الطاهر فيجب علينا ان نؤكد تلك العبارة لأنه يجب على المتيمم أن يضرب الأرض التي بها التراب ضربة واحدة ومن ثم يمسح على كفه ووجهه وهذا ما تحدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه أنه قال:

(إنما يكفيك أن نقول بيديك هكذا ثم ضرب بيده على الأرض ومسح كفيه ووجهه) وحكمة الله في تشريعه لمثل هذا الأمر هي أن الإنسان قد خلق منه وسوف يعود إليه، ولكن يجب أن يكون التراب طاهرًا خاليًا من النجاسات.

الإمام ابن باز عن التيمم

في ضوء ما نحن بصدده الآن التيمم أن يضرب بيده الصعيد الطاهر لابد أن نعرف رأي العلامة ابن باز والذي هو من أعظم وأكثر العلماء ثقة هو الإمام ابن باز رحمه الله وله آراء في الأمور العقدية جميعها، والآن نسرد رأيه بما نحن بصدده الآن فيما يلي:

عندما سُئِل الإمام عن كيفية التيمم أجاب أن التيمم الأصوب فيه أن يتم بضربة واحدة ولكن إن تم بضربتين في الأرض فلا بأس، لكن الصواب أن يتم بضربة واحدة لما ورد في صحيح البخاري ومسلم من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه:

“أنه سأل النبي عن ذلك -عليه الصلاة والسلام-فبين له النبي ﷺ قال: أن تقول هكذا.. ثم ضرب النبي ﷺ بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح بهما وجهه وكفيه”.

فإن هذا يدل على أنه بضربة واحد ويمسح من خلالها الإنسان الكفين والوجه والكفين إلى الرسغ ولو ضرب ضربتين واحده لوجهه والأخرى ليديه لما جاء في كتاب الله تعالى من سورة المائدة “فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ”.

الصعيد هو وجه الأرض وقوله سبحانه “منه” تشير إلى الغبار الناتج عن الأرض فإن لم يجد الإنسان بالرمال والصفا أو سبخة فيقول الله تعالى في سورة التغابن” فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ” وذلك لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا”.

ذلك لأن الأرض تعم السبخة والرمال وذات الحصى وإن لم يوجد فإن الله تعالى يقول “لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا “سورة البقرة، لذلك فإن التيمم أن يضرب بيده الصعيد الطاهر.

التيمم لغةً واصطلاحًا وشرعًا

التيمم عرفه أهل اللغة أنه القصد أو التعمد أو التوخي، والتيمم اصطلاحًا: هو المسح لليدين والوجه بالتراب وهو بديل للوضوء ويتم للحاجة إليه وغياب الماء أو تعذر استعمال الماء لمرض أو ما شابه، كما أن علماء الشرع قد عرفوا التيمم أنه مسح الوجه واليدين مع استحضار النية لاستقبال الصلاة، كما أنهم أشاروا بثبوته بالقرآن والسنة.

أدلة التيمم من القرآن والسنة

لقد ذكر الله سبحانه وتعالى التيمم في أكثر من موضع في كتابه العزيز حيث قال في سورة النساء” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا

كما أنه ذكره أيضا في موضع من سورة المائدة” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”

أما عن الأدلة من السنة النبوية الشريفة فقد تحدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم في العديد من الأحاديث، فقد جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت”:

خرجنا مع رسول الله – في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء، أو بذات الجيش، انقطع عقد لي. فأقام رسول الله – على التماسه وأقام الناس معه، وليسوا على ماء ، وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله – وبالناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء.

قالت عائشة: فجاء أبو بكر ورسول الله – واضع رأسه على فخذي، قد نام، فقال: حبست رسول الله – والناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، وقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، فقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رأس رسول الله – على فخذي، فنام رسول الله- حتى أصبح على غير ماء.

فأنزل الله تبارك وتعالى آية التيمم. فتيمموا. فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته.

مبيحات التيمم

من خلال محاولة الإجابة على سؤال هل التيمم أن يضرب بيده الصعيد الطاهر؟ قد توصلنا إلى أنه من المباح للإنسان أن يتيمم عن إحداثه الحدث الأصغر أو حتى الحدث الأكبر وفي حين أنه وجد سببًا من الأسباب الآتية:

  • عدم وجود الماء.
  • إذا كان الماء المتوفر به نجاسة لا يستطيع الاغتسال منه.
  • إن كانت المتوافرة فقط للشرب.
  • لو كان الإنسان به مرض أو جرح وخاف أن يستعمل المياه.
  • كذلك يباح التيمم إذا خرج وقت الصلاة.

حكم التيمم خوفا من البرد

إنك كان الماء موجودًا فلا يجب على المسلم أن يتيمم بل عليه استخدام الماء لقوله تعالى ” فلم تجدوا ماءً فتيمموا” وفي الحديث” جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا إذا لم نجد الماء”، لكن إن كان البرد شديدًا وخاف الإنسان على نفسه منه ولا يوجد ما يسخن به الماء فله العذر لأن الرحيم يقول في كتابه:

وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ” وقال أيضا ” لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ”، فإن وجد الماء مع وجود البرد ولم يجد ما يسخنه به فليس عليه شيء إن تيمم لما في ذلك من الخطر على صحة الإنسان، حتى أن عمرو بن العاص قد وقع له في بعض من أسفاره ولم يستطع الغسل فتيمم وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.

حكم أداء عدة فروض بتيمم واحد

لقد أباح العلماء أداء عدة فروض بتيمم واحد وقالو إن الأصل إنه مثل الوضوء تصح الصلاة به لعدة صلوات واستدلوا بحديث وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا وحديث قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ” الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين” فإذا تيمم للمغرب وظل طاهرًا للعشاء فليصلي العشاء بنفس التيمم.

من الهام جدًا على كل مسلم ومسلمة أن يعرف ما يأمرنا به ديننا من فقه العبادات والمعاملات وغيره مما ورد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.