الكتاب الذي أنزل على موسى يعتبر الكتاب الثالث من الكتب السماوية التي أنزلها الله عز وجل، فقد أنزل ذلك الكتاب لكي يكون هداية ونور للبشرية، وحثهم على اتباع طريق الله والإيمان به، ولأهمية الكتب السماوية يجب الإلمام بها، لذلك في هذا الموضوع سنتعرف بشيء من التفصيل على الكتاب الذي أنزله الله على نبيه موسى.

الكتاب الذي أنزل على موسى

اصطفى الله عز وجل سيدنا موسى وأتاه بمعجزات شتى منذ الصغر، فأنقذه من وجوده في اليم في صندوق خشبي وجعله يكبر في بيت فرعون عندما التقطته زوجته، فتم إطلاق عليه اسم موسى وهو المنتشل من الماء، فكان الله عز وجل يجهزه إلى رسالته.

حيث كبر موسى وأنزل الله عليه الوحي وكلفه بنشر الدين إلى العالمين خصوصًا لقوم فرعون المتمادين في الظلمات، فالكتاب الذي أنزل على موسى هو التوراة وهو ما كان مُكلف بنشره وإقناع به بني إسرائيل، فجاءت التوراة توجب الإيمان بجميع الكتب السماوية التي أنزلت على الأنبياء السابقين.

فأنزل الله التوراة على موسى في الليالي التي كان يناجي فيها ربه، حيث أكد بعض العلماء أن التوراة نزلت في صورة ألواح متفرقة وقد جمعها موسى عليه السلام وأتى بها إلى قومه، حيث تشير كلمة التوراة إلى مصطلح الشريعة باللغة العبرانية، لكن بالنسبة لبني إسرائيل يعتبرون التوراة هي الأسفار الخمس التي كتبها موسى عليه السلام بيده.

أسفار التوراة

يحمل الكتاب الذي أنزل على موسى ما يسمى بأسفار التوراة، فإن الأسفار أنزلت على موسى في ألواح قام بتجميعها فنزلت في أربعين يومًا، فقد اعتقد بني إسرائيل أن موسى عليه السلام من قام بكتابتها بيده لكنه منزلة من عند الله عز وجل، حيث تضم التوراة خمسة من تلك الأسفار يمكن بيانهم في الآتي:

  • سفر التكوين: هذا السفر هو الذي ذكر فيه خلق سيدنا آدم عليه السلام، والأحداث الخاصة بموت سيدنا يوسف عليه السلام، كما أنها تتخصص في خلق السماوات.
  • سفر الخروج: ففي ذلك السفر يتم سرد قصة بني إسرائيل عقب موت سيدنا يوسف عليه السلام، كما انه يذكر كيفية خروج بني إسرائيل من مصر وما يتلى ذلك من أحداث ومواقف.
  • سفر اللاويين: يتم عرض في ذلك السفر كل من يخص اليهود وشعائرهم الدينية.
  • سفر العدد: يشمل ذلك السفر التوجهات الذي يجب أن يتبعها، وأيضًا الأحداث التي وقعت بعد خروجهم من مصر.
  • سفر التثنية: ففي ذلك السفر يتم عرض موت سيدنا موسي وقبره، فيرمز إلى تكرير الشريعة، وكذلك تكرار لكل من الأوامر والنواهي الخاصة بالشريعة اليهودية.

موقف الإسلام من التوراة

جاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتمًا للأنبياء والمرسلين ورسالته تكمل ما قام به من قبله من الرسل، فالإسلام دين شامل كل ما نادى به السابقين من الرسل.. ينادي بالإيمان بكل الأنبياء والمرسلين للتأكد على الإيمان بخاتمهم، لذا على المؤمنين الإيمان بتوراة موسى ليكتمل إيمانهم وتوحيدهم لله.

لقد ذكر الله عز وجل التوراة في سورة المائدة:

“إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا

فالكتاب الذي أنزل على موسى حينما سأل الله سبحانه وتعالى في خلقه لآدم بيديه وسكونه الجنة، كما أمر الله عز وجل الملائكة بالسجود له فكيف تمكن آدم عليه السلام من شكر الله على كل ما أُوتي من نعم.

فأجابه الله عز وجل أنه كان يقوم الحمد لله رب العالمين وهذا يكفي، فاستكمل موسى وقال فماذا تقول للعبد الذي يركع فأجاب أقول له لبيك يا عبدي، سأل موسى ربه فماذا تقول للعبد إذا قالها وهو ساجد فقال الله له اقول له لبيك يا عبدي، رسالة موسى ماذا تقول له فقال الله له اقول له لبيك.

سأل موسى ربه أنه موجود في الألواح، أن هناك قوم إذا نزلت اللقمة إلى بطونهم تغفر لهم، لأنهم يبدئون الطعام ببسم الله وينهون بالحمد لله، اللهم اجعلهم أمتي فقال الله له إنهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

فسأل موسى ربه أنه مكتوب في الألواح أن هناك أمة إذا فكر أحدهم بارتكاب المعاصي ثم تراجع عن ذلك تُكتب له حسنة اجعلهم أمتي فقال الله له يا موسى إنهم أمة محمد، فطلب موسى من ربه أن يجعله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

ذكر التوراة في القرآن

من المؤكد أن كافة الكتب السماوية ذكرت فى القرآن، فلقد ذكرت بعض الآيات القرآنية صفات الكتاب الذي أنزل على موسى، سيتم عرضها بوضوح في النقاط التالية:

  • التوراة هي الكتاب المفصل لشريعة الله التي أمر بها قوم بنى إسرائيل والحامل للعديد من المواعظ، وذلك في قوله تعالى “وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ..” [الأعراف، 145].
  • التوراة هي النور والهدى، وذلك في قوله تعالى “.. قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ..” [الأنعام، 91]
  • أيضًا في قوله “إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ..” [المائدة، 44].
  • التوراة هي الفرقان، وكذلك الضياء والذكر كما جاء في قوله تعالى “وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ” [الأنبياء، 48].

موقف فرعون من توراة موسى

أمر موسى بأن يذهب إلى فرعون لهدايته، فذهب موسى وهارون له لدعوته إلى عبادة الله وحده، وحين علم فرعون أنه رسول من عند الله طلب من أن يؤكد ذلك فرمي موسى عصاه حتى تحولت إلى ثعبان، فقال فرعون إن هذا سحرًا.

فجمع فرعون كل السحرة الموجودين لتأكيد ان ما يفعله موسى ما هو إلا سحرًا، فطلب موسى من السحرة إلقاء كل ما في أيديهم، فتحولت إلى ثعابين، فقام موسي برمي عصاه فتحولت بأمر الله إلى ثعبان عظيم، قام بالتهام كل ما رماة السحرة، فعلموا أنه ليس سحرًا بل معجزة ربانية، فأمن السحرة لله وسجدوا له.

فلما رأى فرعون ما فعله السحرة غصب وأمر بقتلهم، واستمر في طغيانه وعنده، فظل ينكر وجود الله عز وجل، فأمر الله موسى بأن يجمع قومه متجهًا إلى البحر الأحمر وذلك في قول الله تعالى: “فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ”، حينها قال قوم موسى أنهم إذا نزلوا البحر سيغرقون.

فأمر الله موسى عليه السلام أن يضرب البحر بعصاه، فانقسم البحر إلى 12 طريق وأصبح الماء حولهم مثلا الجبال، وحين حاول فرعون العبور، انطلق الماء عليه هو وجنوده فكانوا من الهالكين، فقد أهلك الله عز وجل ذلك العنيد الظالم ومن تبعه.

أرسل الله سبحانه وتعالى كل رسول من رسله إلى قومه، وذلك لكي يدعوهم إلى عبادة الله سبحانه وتعالى، فكل رسول منه حمل كتاب خاص بدعوته.