متى تكون بداية نوم النبي صلى الله عليه وسلم؟ وما هي ظروف نومه؟ حيث إن النوم واحدًا من الأشياء التي يكون فيها الإنسان أشبه بالميت، لذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان له طقوس في النوم، تناقلها الصحابة لكي نقتدي به في كل شيء، كما أن النبي الكريم أمرنا ببعض الأشياء وقت النوم، ونهانا عن أخرى، وسوف نتعرف على جميع الأشياء المتعلقة بالنوم، من خلال السطور القادمة.

بداية نوم النبي صلى الله عليه وسلم

إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل شيء بلا حساب أو سبب، وهو ما جعل الصحابة يركزون على كل ما يفعله لكي يقتدون به يوم القيامة، بداية نوم النبي صلى الله عليه وسلم كانت في أوقات محددة مستحبة له، ثم يستيقظ مرة أخرى وينهض لكي يستكمل تعبده لله عز وجل، فلم يكن يومًا يفضل النوم على العبادة.

من الأشياء الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في النوم، قول السيدة عائشة رضي الله عنها، حينما قالت: (يا رَسولَ اللَّهِ: أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقالَ: يا عَائِشَةُ إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولَا يَنَامُ قَلْبِي)، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يضجع على جهته اليمنى، وذلك لِما ذكره البراء بن عازب رضي الله عنه، وكان حريص على قول:

(اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نَفْسِي إلَيْكَ، ووَجَّهْتُ وجْهِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً ورَهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأَ ولا مَنْجا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ، آمَنْتُ بكِتابِكَ الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ وقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن قالَهُنَّ ثُمَّ ماتَ تَحْتَ لَيْلَتِهِ ماتَ علَى الفِطْرَةِ).

لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يفضل النوم إلى بعد الفجر، ونهى أيضًا عن النوم قبل العشاء، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال ما ورد عن أبي برزة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، والحَدِيثَ بَعْدَهَا)، وقال الله -سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

إن النوم من أكثر الأشياء التي ركز عليها الصحابة اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن خلال ذلك توصلوا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستيقظ في ثلث الليل، وينام سدسه، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال قول عبد الله بن عمرو، حينما قال:

(أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ له: أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السَّلَامُ، وأَحَبُّ الصِّيَامِ إلى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وكانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ ويقومُ ثُلُثَهُ، ويَنَامُ سُدُسَهُ، ويَصُومُ يَوْمًا، ويُفْطِرُ يَوْمًا).

ظروف نوم النبي صلى الله عليه وسلم

إن الرسول الكريم لم يكن أبدًا من الأثرياء أو الذين يحبون التفاخر والتعالي، فقد كان أقل من أقل واحد في القبيلة، وهو ما جعل الناس يصدقون رسالته ويؤمنون بالله عز وجل، وبعد أن تمكنا من التعرف على بداية نوم النبي صلى الله عليه وسلم، سوف نتطرق إلى ذكر جميع ظروف نوم الرسول صلى الله عليه وسلم، من خلال النقاط التالية:

  • فراش النبي صلى الله عليه وسلم كان مصنوع من الأدم المحشو بالليف.
  • لم يعتاد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينام على الفراش دومًا، حيث إنه كان ينام أحيانًا على الحصير، وأحيانًا أخرى على الأرض أو كساء من اللون الأسود.
  • اعتاد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتغطى باللحاف.
  • كان دومًا ينام على شقه الأيمن، ونهى تمامًا عن النوم على الجانب الأيسر، ويقول: “اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك”.
  • حرص الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول دعاء: “اللهم باسمك أحيا وأموت” وذلك قبل أن يأوي إلى فراشه مباشرةً.
  • حينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستيقظ من نومه كان يعتاد على قول هذا الدعاء: “الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور”.
  • في وقت الصباح كان يستخدم الرسول صلى الله عليه وسلم السواك لتنظيف أسنانه، ويقوم بقراءة آخر عشر آيات من سورة آل عمران.

أوقات غير مستحب النوم فيها

على غرار التعرف على بداية نوم النبي صلى الله عليه وسلم، يجدر بنا ذكر أن هناك بعض الأوقات نهى فيها الرسول عن النوم، حيث إن النوم في تلك الأوقات من الممكن أن يعود بالضرر على الإنسان، وسوف نتعرف على أبرز تلك الأوقات من خلال النقاط التالية:

  • لا يستحب النوم بعد صلاة العصر مباشرةً، وأقر الكثير من العلماء عن مخاطر النوم في ذلك الوقت لِما له من أضرار على الصحة الجسدية والنفسية.
  • النوم بعد صلاة الفجر من أكثر الأوقات التي يجب أن يبتعد فيها المسلم عن النوم، حيث إن الله عز وجل بارك للأمة كلها في هذا الوقت الباكر.
  • بعد صلاة المغرب لا يجب النوم وهو من الأشياء المكروهة، وهذا ما ثبت في الدرر السنية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
  • من الأشياء غير المستحبة في النوم هو الاستيقاظ أثناء الليل، ومن ثم الرجوع النوم مرة أخرى، وعلى الرغم من أن ذلك قاله الرسول من آلاف السنوات، إلا أن الأطباء أثبتوا الآن إن النوم المتقطع ضار جدًا على جسم الإنسان وعلى عقله أيضًا.

هل يستحب النوم بالنهار

من الطبيعي أن يحتاج الإنسان من حين لآخر إلى أخذ قسط من الراحة كل يوم أو في أوقات الإرهاق الشديد وذلك لكي يستطيع أن يستكمل باقي يومه، لذلك يتساءل الكثيرون من أبناء المسلمين حكم الدين أو سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في النوم بالنهار، فعلى الرغم من أن نوم العصر مكروه.

إلا أن الرسول كان بالفعل ينام في أوقات النهار أحيانًا، وهو ما يسمونه الصحابة بالقيلولة، ويمكن الاستدلال على ذلك لِما رُوي عن فاطمةُ بنت قيس -رضي الله عنها- أنَّها قالت: قال رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلم: (ولكنْ تميمٌ الداري أتاني فأخبرني خبرًا منعني القيلولةَ من الفرَحِ وقُرَّة العين).

طقوس النبي صلى الله عليه وسلم قبل النوم

في سياق التعرف على بداية نوم النبي صلى الله عليه وسلم، يجدر بنا ذكر أن الرسول لم يكن ينام مثل باقي البشر، أي بلا هدف، بل كان هناك بعض الأشياء الذي يحرص على فعلها دومًا، وسوف نذكرها بشيء من التفصيل كما يلي:

  • النفث في الكفين وقراءة المعوذتين، وهذا ما قالته السيدة عائشة رضي الله عنها، حينما قالت: “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما، فَقَرَأَ فِيهِما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ”.
  • كان يحرص أيضًا على قراءة آية الكرسي قبل الخلود للنوم، وهذا ما رواه أبي هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: “إذَا أوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، ولَا يَقْرَبُكَ شيطَانٌ حتَّى تُصْبِحَ”.
  • حرص النبي على قراءة سورتي الزمر والإسراء، وهو ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها حينما قالت: “كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لا ينامُ علَى فِراشِه حتَّى يقرأ بَني إسرائيلَ، والزُّمَرِ”.
  • آخر آيتين من سورة البقرة من الأشياء التي اعتاد النبي على فعلها أيضًا، وحثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على قراءتها في الليل ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال قوله: “الآيَتانِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَن قَرَأَهُما في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ”.
  • التسبيح وحمد لله عز وجل ثلاثة وثلاثين مرة، والتكبير أربعة وأربعين مرة، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم: “تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ، وتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ، وتُكَبِّرِينَ اللَّهَ أرْبَعًا وثَلَاثِينَ”.

إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ينام وقتًا طويل، فكان حريص على العبادة في كل وقت، وكان تقسيمه لليل رائع، لذا فإن الصحابة اقتدوا به في كل شيء يقوم بفعله قبل النوم.