ما حكم تأخير إخراج الزكاة عن وقت وجوبها لغير عذر؟ وما الحكم في حالة وجود عذر؟ نعلم أن النية محلها القلب، وهو محل الفرائض والمعتقدات جميعها، ومن شروط إخراج الزكاة وجوب النية مسبقًا بأن يكون المسلم على دراية بأن ما يخرجه من المال لزامًا عليه حقًا للفقراء والمساكين مما أعطاه الله إياه.. فماذا عمن يتأخر عن أدائها دون عذر؟

تأخير إخراج الزكاة عن وقت وجوبها لغير عذر

من الواجب أن يؤدي المسلم الزكاة وقت وجوبها، في حال الاستطاعة وعدم وجود عذر يمنعه أو ضائقة مالية، وهذا ما نستدل عليه من النصوص القرآنية والدلائل السُنية، هذا وقد اتفق على وجوبها في ميقاتها جمهور الفقهاء والمذاهب الأربعة.

فالأصل في أمر “وآتوا الزكاة” أنه يكون على وجه السرعة، فقد أمرنا الله تعالى إلى المسارعة في نيل المغفرة وأداء العبادات المفروضة، واستباق الخيرات.. والمبادرة بإيتاء حق الزكاة.

فلا يدري المسلم ما يُمكن أن يتعرض له إن تأخر في أداء الواجب المفروض، فبذلك يكون مخاطرًا بحسابه عند الله، وهذا ما لا يمتّ إلى الإيمان بصلة، حيث يبقى الواجب في ذمة المسلم.. ويجب إبراء الذمة قبل موته، وهكذا أمرنا الرسول الكريم، كما أن التأخير في الواجبات كالزكاة يجعل فيها تراكمًا، ومن الممكن أن يتخذ الشيطان سبيلًا في ذلك لإغراء العبد بالبخل أو التكاسل عن إتيانها.

تأخير زكاة الفطر دون عذر

لا تؤخر الزكاة هنا إلى ما بعد رمضان، لأنها كغيرها من الأعمال التي ترتبط بزمن معين، فمتى وجبت وبلغ مال المسلم من النصاب ومتى تم الحول عليه أن يُؤديها، أما من أراد تأديتها قبل إتمام الحول فلا جناح عليه.

بينما من ليس لديه تدفق نقدي، فلا حرج في تأخير الزكاة وليس له أن يبيع ما يمتلكه لإيفاء ثمن الزكاة.

أعذار تأخير الزكاة

حتى لا يكون تأخير إخراج الزكاة عن وقت وجوبها محرمًا يجب أن تستند إلى أي من الأعذار التالية:

  • يؤخر دفع الزكاة للحاجة والمصلحة في المذهب الشافعيّ والحنبلي.
  • تأخير الزكاة أولى من تأخير قضاء الدين.
  • تؤخر إلى زمان تفضل فيه الصدقة.

نشير في حكم تأخير إخراج الزكاة عن وقت وجوبها لغير عذر أنه في حال تم تأخير الزكاة عن موعدها ثم زاد مال المسلم فإن وقت وجوبها يكون عند تمام الحول وهو العام القمري.

كفارة تأخير الزكاة

من عمل على تأخير إخراج الزكاة عن وقت وجوبها لغير عذر فإن عليه كفارة تكمن في ثلاثة أمور:

  • دفع الزكاة
  • الاستغفار عن عدم أدائها
  • التوبة إلى الله

كما أن إثم التأخير متوقف على الأفضلية والنية والاستطاعة.. فمن نسي أن يخرج الزكاة عليه أن يؤديها متى ذكرها.

تعجيل الزكاة

لا يجوز أن يُعجل أحدهم بالزكاة قبل أن يمتلك النصاب، لكن بعد أن يمتلك من ماله حد النصاب فإنه يُمكن أن يُعجل من الزكاة قبل الحول، وهذا ما جاء به جموع العلماء على الأغلب.

فالزكاة تختلف عن الصلاة والصيام الواجبين في ميقاتهما المحدد، أما عن المال فإن وجدت يُمكن التعجيل بدفعه قبل وجوبه، كما هو الحال في تعجيل قضاء الدين قبل الأجل، أو من يؤدي كفارة يمينه بعد حلفه.

علاوةً على أن تأخر وجوب دفع المال يكون لغرض النماء، فإن تحقق النماء بالفعل بعد أن تقرر سبب الوجوب فإن التقديم في دفعه جائزًا.

أداء الزكاة بعد تراكمها

في حال مضت عدة سنين ولم يؤد المكلف بالزكاة ما أمره الله به، فإنه عليه أن يُخرج الزكاة عن كل السنوات المنصرمة، هذا ما جاء في جموع أهل الفقه والمذاهب الأربعة، فهي بمثابة الدين الذي يبقى في ذمته وعليه قضائه.

كما أنها حق للفقراء والمساكين، فلا تسقط بمجرد مرور وقتها، وبما أنها حق ثابت فلا يسقط عن كاهل المسلم بمُضيّ الوقت.

هل تسقط الزكاة بالموت؟

لا تسقط الزكاة بالموت، فيجب إخراجها من مال المتوفى سواء كان أوصى بذلك قبل وفاته أم لا، وهذا ما ذهب إليه المذهب الحنفي والمالكي والشافعيّ، فالميت يتم سداد دينه من الورثة، وهكذا الحال تعتبر الزكاة من قبيل الدين على المسلم، قائمًا لله تعالى في مصارفها.

فكما أن النذر يجب إيفائه حتى بعد موت صاحبه، على الزكاة أن تُقضى بعد الوفاة، لأنها أجدى من النذر.. كسائر حقوق الله المالية لا تسقط بالموت.

حكم الممتنع عن الزكاة

في حديثنا عن حكم تأخير إخراج الزكاة عن وقت وجوبها لغير عذر نشير إلى أن من يمتنع عن الزكاة وهو يعلم بأنها واجبة فقد كفر، لكونها من أركان الإسلام التي يُبنى عليها، أما من امتنع عنها دون قصد منه إنما عن جهل وعدم تفقه في أمور الدين فإنه لا إثم عليه.

إن الزكاة من صور التعبد إلى الله تعالى، تعتبر واجبة في الشريعة في مال إن وصل إلى حد معين، ولها ثواب عظيم وفضائل جليلة.