تجربتي مع الاستغفار والجمال الداخلي كانت من أكثر التجارب المميزة في حياتي، والتي أثرت فيّ بشكل كبير، بل إنها أثرت على حياتي كاملة، ومنذ مروري بتلك التجربة اقتنعت تمامًا بأن الاستغفار يُمكنه تحقيق المعجزات، خاصةً عند قراءة تجارب الآخرين معه.

تجربتي مع الاستغفار والجمال

في الفترة الأخيرة اقتنعت تمامًا أن الجمال الداخلي هو أفضل ما يُمكن للإنسان أن يحصل عليه، وذلك بعدما أصبح الجميع يتجنبني لأنني لم أكن أعاملهم بطريقة جيدة، فكنت دائمًا ما أتنمر على أصدقائي، وأتجنب الحديث مع أفراد عائلتي، حتى وإن حدثني أحدهم كنت إمّا أتجاهل الحديث أو أقول لهم رد غير لائق، استمر هذا الوضع لشهور حتى أدركت أنني وحيد بالمعنى الحرفي.

ولم يتوقف إلا عندما سمعت أختي الصغيرة وهي تقول: “لا أريد وجوده في المنزل فأنا لم أعد أحبه”، هذه العبارة هي التي جعلتني أعيد حساباتي وأركز على تصرفاتي، حتى أنها جعلتني أمر بفترة سيئة للغاية، فقد تدهورت حالتي النفسية وأصبحت أتجنب الجميع لعزل نفسي عنهم، ولم يهتم بذلك أحد سوى صديقي المقرب، وعندما حدثني قال إنه يطمئن عليّ فقط ولا يرغب في بدء محادثة معي.

حينها أخبرته بكل شيء وبكل ما أمر به من حزن وضيق، واعترفت بأنني كنت مخطئ في أفعالي طوال تلك الفترة، ولا أعلم السبب الحقيقي وراء ذلك، لكن ما أعلمه جيدًا هو أن حالتي النفسية ليست على ما يرام، بدأ يهدئ من روعي ويقول لي إن كل شيء سيكون بخير، وأن الله هو الملجأ الوحيد الذي يُمكن العودة إليه والاستناد عليه في مثل تلك الحالات، وظل يؤكد لي أن الاستغفار يحل العقد التي تعتقد أن حلها هو أمر مستحيل حدوثه.

ثم أخبرني أن أردد دائمًا: “اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، وأبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”، أصبحت أردد تلك الصيغة في كل وقت وحين، حتى أصبح الاستغفار عادة من عاداتي اليومية التي لا غِنى عنها.

بعد مرور فترة قصيرة لاحظت أنني هادئ الطباع، قادر على التحكم بتصرفاتي، فور شعوري بذلك بدأت أصلح علاقاتي بمن حولي من العائلة والأصدقاء والمعارف، وبالرغم من عدم تصديقهم لي في بادئ الأمر، إلا أنه بعد فترة قصيرة تغيرت فكرتهم عني، ونجحت تجربتي.

فوجدتهم يتقربون مني مرة أخرى، وحينها تيقنت بأن الله هو الملجأ الوحيد الذي يُمكنك الاستناد عليه عندما يبتعد الجميع عنك، وشكرت صديقي الذي كان سبب من الله عز وجل ليتحول حالي إلى الأفضل، لكن حتى بعد رزق الله لي بالجمال الداخلي الذي ساعدني على إصلاح علاقاتي مع الآخرين، لم أنقطع عن ممارسة الاستغفار بشكل يومي، بل أصبحت أكثر فضولًا لمعرفة تجارب الآخرين مع الاستغفار، والمعجزات التي حققها لهم.

أهم شروط الاستغفار

بعد انتهاء تجربتي وجدت العديد من الأشخاص الآخرين ممن لم يخذلهم الله بعد أن داوموا على عبادة الاستغفار، لكنهم كانوا دائمًا ينبهون على شروط الاستغفار، وهي أحد الأمور التي حدثني صديقي عنها عندما كان ينصحني بالاستغفار، حيث بدأت صاحبة تجربة أخرى حديثها قائلة:

“بعد قراءة الكثير من تجارب الاستغفار الناجحة، وعندما رأيت بالصدفة أكثر من شخص يؤكد أن الاستغفار هو وسيلة تحقيق المعجزات، شعرت أنها إشارة من الله عز وجل يخبرني بها بأن أتقرب إليه وأداوم على عبادة الاستغفار، لكن قبل أن أبدأ حرصت على معرفة كافة المعلومات التي تخص الاستغفار.

فبالرغم من معرفتي بأنه يُمكن ممارسته في أي وقت وأي مكان، إلا أنني وجدت أن هُناك بعض الشروط التي يجب توفرها لدى المستغفر ليتقبل الله منه استغفاره، حيث جاءت تلك الشروط على النحو التالي:

  • عدم الشعور باليأس في حال عدم تحقق الأمنية في الوقت نفسه.
  • الابتعاد عن استعجال الله في تحقيق الأمنية.
  • التوسل إلى الله تعالى والتذلل له عند الاستغفار والدعاء بالأمنية.
  • الامتناع التام عن ارتكاب الذنوب، خاصةً إذا كان ذنب ظلم الآخرين وسلبهم حقوقهم.
  • اليقين أن الله قادر على استجابة الدعاء وقبول الاستغفار بنية تحقيق أمر ما، وأن عدم منحه لنا الأمنية التي نرجوها حتمًا هو الخير لنا.
  • اتباع الأسلوب المهذب في الحديث مع الله.
  • عدم ترديد صيغ الاستغفار دون الشعور بصدق التوبة من داخل القلب.

الاستغفار والتخلص من الحزن

كانت تحكي على أحد مواقع التواصل: أنا سارة أبلغ من العمر 18 عامًا، سأقص عليكم تجربتي، في البداية نتجت حالة الاكتئاب التي كنت على أبوابها بسبب عدم تحقيق حلمي الذي بذلت من أجله الكثير من الجُهد، بالرغم من أن الجميع قد هونوا عليّ الأمر وأخبروني بأن هذا هو الخير، إلا أنني كنت لا أرى في هذا الوقت سوى حُلمي الذي ضاع ولن أستطيع محاولة تحقيقه مرة أخرى.

بذلت قدرًا كبيرًا من الجهد فقط بهدف الوصول إلى أفضل الدرجات في حياتي الدراسية، حتى أتمكن من تحقيق حلمي والدخول من كلية الهندسة، لكن لم تتفق مشيئة الله مع ما أريده في الحياة، ساءت حالتي النفسية كثيرًا منذ وقت الإعلان عن نتيجة الثانوية العامة.

استمر هذا الوضع لمدة شهر كامل، حتى أن مظاهر الاكتئاب بدأت تظهر عليّ، ولم ينتهي هذا الكابوس إلا عندما سمعت شيخ المسجد يتحدث عن فضل الاستغفار، لا أعلم هل كانت تلك صدفة أم إشارة من الله تعالى لأتقرب إليه وأدعوه يهون عليّ هذا الحزن الكبير، لكن على كل حال فقد لبيت النداء وبدأت أداوم على الاستغفار.

أجزم أن تجربتي حققت لي النتائج التي لم أكن أتخيلها في أي وقت مضى، فقط استيقظت في يوم ما وشعرت بأن ثقل كبير قد زال عني، وكأن أحدًا كان يضع حجرًا فوق صدري طوال الأيام الماضية، أصبحت راضية تمامًا بما قدره الله لي.

كدت حتى أنسى لماذا كنت حزينة، وأدركت أن هذا كله من فضل ربي عليّ بعد أن داومت على ممارسة الاستغفار، ومنذ هذا الحين وأنا أنصح أي شخص بممارسة الاستغفار للتخلص من الهموم.

فضل المداومة على الاستغفار

“لم تقتصر تجربتي على حل مشكلتي فحسب، بل عادت عليّ بالكثير من النفع في جوانب الحياة الأخرى” كانت تلك أول عبارة مكتوبة في تجربة شخص آخر عانى من نفس مشكلتي، وقد استطاع التخلص منها بممارسة الاستغفار.

لكنه أكد على أن الاستغفار قد جعله أفضل في عدة جوانب أخرى، ولم يقتصر على تحقيق أمنيته وحل مشكلته فحسب، وقد صاحب حديثه بالآيات القرآنية الدالة عليه، كما هو موضح فيما يلي:

النجاة من المهالك، حيث نجى الاستغفار سيدنا يونس من بطن الحوت، والدليل على ذلك في قوله تعالى: “وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” الآية 87 من سورة الأنبياء.

الوقاية من عذاب الآخرة، وذلك لأن الاستغفار يُزيل الذنوب، وقد جاء الدليل على ذلك في قوله تعالى: “وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” الآية 33 من سورة الأنفال.

الرزق بالأموال والبنين، والدخول إلى الجنات ذات الأنهار، والدليل على ذلك قوله تعالى: “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا” الآية 10-12 من سورة نوح.

الحصول على مغفرة رب العالمين بعد ظلم النفس أو عمل السوء، والدليل على ذلك جاء في قوله تعالى: “وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا” الآية 110 من سورة النساء.

الرزق بالقوة التي تؤهل الإنسان للصبر على مشكلات الحياة المختلفة، والدليل على ذلك في قوله تعالى: “وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ” الآية 3 من سورة هود.

تحقق بشرى الله للمستغفرين ووعدهم له بأنه سيغفر لهم مهما بلغت ذنوبهم، حينما قال تعالى: “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” الآية 53 من سورة الزمر.

الأوقات المستحبة للاستغفار

أعتقد أن جزء كبير من سر نجاح تجربتي هو أنني كنت أحرص على الاستغفار في الأوقات المُستحبة لذلك، وقد أجمع كافة الأشخاص الذين استخدموا الاستغفار كوسيلة لتحقيق أمانيهم على هذا الأمر، وأن أفضل وقت للاستغفار هو:

  • الثلث الأخير من الليل.
  • أثناء السجود في الصلاة.
  • بعد الوضوء.
  • الساعة التي تسبق صلاة الجمعة.
  • بعد الانتهاء من قول التشهد الأخير.
  • عند دخول المسجد والخروج منه.

الاستغفار هو الوسيلة التي يُمكن للعبد الاستعانة بها في أي وقت لطلب تحقيق الأماني من الله عز وجل، بشرط أن يكون على يقين أن الله قادرٌ على تحويل الأمنية إلى حقيقة.