كانت لتجربتي مع التسبيح قبل النوم أثر عظيم على حياتي، حيث كانت بمثابة المنقذ لي من الكوابيس والأحلام التي لم تكن تفارقني يومًا، وإذا كنت تعاني من اضطرابات النوم ستفهم كلامي جيدًا وستعود عليك الفائدة إذا استعنت بالله وقُمت بما فعله أنا في تجربتي.

تجربتي مع التسبيح قبل النوم

الأحداث الواقعية السيئة ليست هي الوحيدة المتسببة في شعور المرء بالحزن والخوف، وإنما هناك الكثير من الافتراضات والأوهام التي يُمكنها أن تسجن صاحبها داخل دائرة تفكيره ولا يستطيع الخروج منها أبدًا مثلما حدث معي.

نظرًا لتعرضي للكثير من المتاعب في حياتي وأنه ليس بجانبي أقارب ولا أصدقاء يهونون الأمر عليّ أصبحت أفكر بكل واقعة سواء حدثت أو ستحدث فيما بعد، ويومًا بعد يوم أصبحت غير قادرة على النوم بسبب كثرة تفكيري.

بل تطور الأمر معي وأصبحت أرى كوابيس وأحلام سيئة للغاية تجعلني لا أستطيع إكمال نومي لمدة ساعتين متتاليتين، وهو ما أثر عليّ بشكل سلبي في أدائي لوظيفتي وحياتي بشكل عام، أجزم أنه كان أسوأ شعور مررت به في حياتي.

استمر هذا الوضع لمدة أسبوع حتى اعتقدت أنني أُصبت بمرض نفسي، وقد ظهر ذلك على وجهي الذي أصبح شاحبًا للغاية والسواد قد انتشر تحت عيناي، حتى تلك اللحظة لم أكن أعلم ماذا عليّ أن أفعل أو لمن عليّ أن أذهب.

كنت أفكر حتى شردت وأنا ذاهبة إلى المنزل بعد يوم سيء في العمل، لكن تغير كل شيء عندما كنت أتصفح الفيس بوك ورأيت حديث للنبيّ صلى الله عليه وسلم تمت روايته من خلال علي بن أبي طالب، وهو:

“أنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ شَكَتْ ما تَلْقَى مِن أثَرِ الرَّحَا، فأتَى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَبْيٌ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فأخْبَرَتْهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بمَجِيءِ فَاطِمَةَ، فَجَاءَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلَيْنَا وقدْ أخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ لِأقُومَ، فَقَالَ: علَى مَكَانِكُمَا. فَقَعَدَ بيْنَنَا حتَّى وجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ علَى صَدْرِي، وقَالَ: ألَا أُعَلِّمُكُما خَيْرًا ممَّا سَأَلْتُمَانِي؟ إذَا أخَذْتُما مَضَاجِعَكُما تُكَبِّرَا أرْبَعًا وثَلَاثِينَ، وتُسَبِّحَا ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ، وتَحْمَدَا ثَلَاثًا وثَلَاثِينَ؛ فَهو خَيْرٌ لَكُما مِن خَادِمٍ”.

لا أعلم لماذا قادني الفضول إلى البحث عن تفسير هذا الحديث لأفهمه بشكل واضح وصحيح، وعلمت أن مخزاه يكمن في أنه بمثابة السحر لمن يعاني من اضطرابات النوم، حيث لا يُصاب الشخص الذي يواظب عليه قبل النوم بأي تعب أو المعاناة من الاضطرابات من أي نوع.

فتيقنت في النهاية أن الله كان بجانبي في كل لحظة، فقط كان يهيئني لاستقبال رسالته والبحث بين آيات كتابه الكريم وسُنة نبيه لبدء تجربتي مع التسبيح قبل النوم، ومنذ هذا اليوم وأنا لا أستطيع النوم إلا عندما أطبق سُنة النبي صلى الله عليه وسلم من حيث التكبير والتسبيح والحمد.

فضل الإكثار من التسبيح قبل النوم

يُعد التسبيح من أفضل العبادات التي يُمكن أن يواظب عليها الإنسان، والتي تم ذكرها في سُنة النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع متعددة، والتي يُعد ما قبل النوم واحدًا منها، وبعدما نجحت تجربتي مع التسبيح قبل النوم أستطيع الآن أن أسرد لكم فضائله المتعددة التي علمت بشأنها، وذلك فيما يلي:

1- المساعدة على قيام الليل

يُعين التسبيح صاحبه على قيام الليل بشكل غير مباشر، وذلك لأن من كان ينطق ذكر الله عز وجل ، أعانه الله على قيام الليل دون الشعور بالتعب أو الإرهاق حيال ذلك.

كما أنه سيحصل على ثواب قائمين الليل، والذي يُمكن الاستدلال عليه من قول الله تعالى:

“تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا*فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” الآية 16 من سورة السجدة.

2- الحفاظ على عبادة الله

يمثل التسبيح مظهر عظيم من مظاهر عبادة الله وتوضيح مدى حب العبد لربه، حيث إنها من العبادات التي تتم في الخفاء وليس الجهر، مما يؤكد لله حب عبده له وصدقه في الإيمان به، فيكون التسبيح بمثابة المنقذ له من أفكاره في نهاية اليوم بعدما مر بالعديد من المواقف الإيجابية أو السلبية.

3- نيل محبة الله

من خلال تجربتي مع التسبيح قبل النوم عرفت معلومة لم أكن أعرفها مسبقًا، ويغفل عنها الكثيرين منّا، وهي أن التسبيح من أحب الكلمات إلى الله عز وجل، وقد جاء الدليل على ذلك في حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم المرويّ عن سمرة بن جندب:

“أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ: سُبْحانَ اللهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ، لا يَضُرُّكَ بأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ. ولا تُسَمِّيَنَّ غُلامَكَ يَسارًا، ولا رَباحًا، ولا نَجِيحًا، ولا أفْلَحَ؛ فإنَّكَ تَقُولُ: أثَمَّ هُوَ؟ فلا يَكونُ، فيَقولُ: لا. [قال سَمُرةُ]: إنَّما هُنَّ أرْبَعٌ فلا تَزِيدُنَّ عَلَيَّ” صحيح مسلم.

4- مغفرة الله ذنوبه

لم يكن النفع الوحيد من تجربتي مع التسبيح قبل النوم هو التخلص من الاضطرابات والكوابيس، لكنني أشعر كل يوم بالراحة والاستعداد لمقابلة الله، وذلك بعد أن علمت أن التسبيح يُمكنه جعل الله يغفر لي ذنوبي، فأصبحت أرجو من الله ذلك

يُمكنكم الاستدلال على حقيقة ذلك من خلال رواية أبو هريرة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم:

“مَن قال: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِائَةَ مَرَّةٍ؛ حُطَّتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ” صحيح البخاري.

5- القوة والبركة

من خلال تجربتي مع التسبيح قبل النوم شعرت بالقوة التي يمنحها لي ذكر الله، وتأثيره في التخفيف عني أفضل مما كان سيفعل أي شخص آخر، لذلك إذا كنتِ تمرين الآن بنفس ما عانيت منه عليكِ بالبدء في تلك التجربة التي لن تندمين عليها أبدًا.

6- ختم اليوم بتوحيد الله

من أبرز معاني التسبيح الجليلة التعظيم والتقديس لله، وعندما ينهي المسلم يومه بهذا الذكر كيف له أن يقلق أو يشعر بالخوف؟! فيمتلئ قلبه بالإيمان بمرور الوقت أكثر مما كان عليه سابقًا، وينام مطهر النفس عابد لله كما يحب _عز وجل_ ويرضى.

أذكار قبل النوم

الذكر بشكل عام سواء كان على هيئة التسبيح أو غير ذلك من الأذكار يُمكنه مساعدة المسلم على النوم بشكل أفضل، لذا من خلال السطور التالية سأعرض لكم أهم الأذكار التي يُمكن قولها قبل النوم:

1- آخر آيتين من سورة البقرة

آخر آيتين من سورة البقرة هما سر حفظ الله لعبده خلال نومه، وقد جاء الدليل على ذلك في قول النبي المرويّ عن أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه:

“الآيَتانِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَن قَرَأَهُما في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ” صحيح البخاري.

“آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”.

2- قراءة آية الكرسي

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على قراءة آية الكرسي كل يوم، فهي تحفظ العبد من أي سوء قد يصيبه، وهي قول الله تعالى:

“اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ” الآية 255 من سورة البقرة

من خلال تجربتي مع التسبيح قبل النوم تيقنت من حقيقة أن الله هو الملجأ الوحيد الذي يُمكن للعبد أن يذهب له دون الشعور بالقلق أن يخذله.