ما حكم دعاء غير الله عز وجل؟ وهل يعتبر دعاء غير الله من الشرك الأصغر أم الأكبر؟ فقد يدعو شخص ما غير ربه، معتقدًا بأن هناك غيره ممن بيده النفع والضر، لذلك يُعد توضيح حكم دعاء غير الله عز وجل من أهم الأمور التي يجب القيام بها من قِبل أهل العلم، حيث يُعد الدعاء عبادة من العبادات التي يقوم بها الإنسان بينه وبين ربه.
حكم دعاء غير الله عز وجل
اهتم أهل العلم بتوضيح أن حكم دعاء غير الله غير جائز في الشريعة الإسلامية، فانقسمت أقوالهم إلى قسمين، وهما الموضحان فيما يلي:
- القول الأول: أنه من اللازم أن يتم إعلامه بحقيقة التوحيد وأن دعاء غير الله تعالى يعتبر إنكار بالوحدانية، حيث يُمكن أن يكون قد تصرف بهذا الشكل اعتقادًا بأن الأمر ليس فيه خطأ أو تأثر بدعاة الباطل والعلماء غير الصالحين، لذا يجب تنبيهه قبل الحُكم عليه.
- القول الثاني: أن الأمر لا يستدعي التوضيح، حيث يوجد العديد من الآيات في القرآن الكريم التي توضح حُرمة ذلك، وأنه تصرف خارج عن الإيمان بالله، كما أن هناك الكثير من الدلائل الموجودة في السنة النبوية، لكن بشكل عام يجب أن يتوب قبل أن يُقتل، وإن تاب فحسن، وإن لم يتب وأصر على شركه فيُحكم عليه.
يُمكن أن يكون تصرف الشخص الذي يدعو غير الله تعالى صادر عن الجهل بحقيقة التوحيد، فما موقفه في هذه الحالة؟ وهل يختلف عن الشخص العالم بتلك الحقيقة؟ الإجابة هي نعم.. حيث أجمع أهل العلم على أن حكم دعاء غير الله عز وجل أنه لا يجوز ويُحرم ويقع صاحبه في الشرك إن كان عالمًا بحقيقة التوحيد وأصر على فعلته.
كذلك يُعد الدعاء لغير الله من بين الأموات والغائبين للتخفيف من إثر الحزن والهم وشفاء المرضى وما شابه ذلك من طلب المساعدة بأي شكل من الأشكال من الشرك الأكبر، كما أنهم يطلبون في بعض الأحيان أشياء لا يقدر عليها أحد من البشر، مما يجعلهم في حاجة إلى تقديم قربان للميت أو الأوثان، وهو ما يُعد شرك مأخوذ من مشركي أبو جهل وأصحابه، ولا اختلاف في الحكم عليه بأنه غير جائز ومُحرم تحريم تام.
دعاء غير الله شرك أصغر أم أكبر
لا يقتصر أمر البحث على حكم دعاء غير الله عز وجل، بل نجد العديد ممن يتساءلون هل دعاء غير الله شرك أصغر أم أكبر، ويبحثون عن إجابة هذا السؤال، حيث يوجد كثير من الأشخاص الذين من الممكن أن يقوموا بذلك عن جهل.
بالرغم من اتفاق أهل العلم على أن دعاء غير الله يُشير إلى الشرك الكبير الذي وقع فيه صاحبه، إلا أن هذا الحديث يتغير إذا كان الداعي جاهل بحقيقة التوحيد، ففي هذه الحالة يصبح تصرفه وحديثه هو الشرك لكنه ليس مشرك، لكن من المهم أن يتم تنبيهه وإخباره بحرمة فعل ذلك، حتى لا تُعاد مرة أخرى.
أثر دعاء غير الله على الإيمان
بعد التعرف على حكم دعاء غير الله عز وجل لابد من معرفة أن لذلك تأثير سلبي على النفس والروح، حيث عندما يدعو الإنسان ما لا يقدر على نفعه أو ضره يتوكل عليهم فيما دعا به، وعندما لا تُستجاب تلك الدعوات يعتقد بأنه ليس هناك فائدة من الدعاء من الأساس.
يعتقد ذلك لأنه لا يعلم السبب الحقيقي، وهو دعاء غير الله الذي يقدر على كل شيء، فيبدأ إيمانه أن يضعف وقد يختفي بلا عودة، حتى أنه لن يتمكن من التصديق بالغيبيات حول أي أمر بعد ذلك، مما يجعله شخص ذو معتقدات ضعيفة أو بدون معتقدات تمامًا.
الآيات الناهية عن دعاء غير الله
تم الوصول إلى حكم دعاء غير الله عز وجل من خلال الاستعانة ببعض الآيات القرآنية الكريمة التي توضح تحريم الله لذلك، والتي تدل على حرمة دعاء ما لا ينفع ولا يضر، وأن الدعاء يجب أن يكون لله وحده، وهي الآيات الموضحة فيما يلي:
- “قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ” الآية 66 من سورة غافر.
- “قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ” الآية 40-41 من سورة الأنعام.
- “وَإِذَا رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَاءهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـؤُلاء شُرَكَآؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْ مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ” الآية 86 من سورة النحل.
- “وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ” الآية 117 من سورة المؤمنون.
- “وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا” الآية 18 من سورة الجن.
- “وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ” الآية 5 من سورة الأحقاف.
- “ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين“ الآية 55 من سورة الأعراف.
- “قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله“ الآية 71 من سورة الأنعام.
- “يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ. إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ” الآية 13-14 من سورة فاطر.
- “فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ” الآية 14 من سورة غافر.
- “وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ ۖ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ* وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” الآية 106-107 من سورة يونس.
- “فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۚ أُولَٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ ۖ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ” الآية 37 من سورة الأعراف.
- “ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ” الآية 62 من سورة الحج.
- “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ” الآية 60 من سورة غافر.
- “وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا“ الآية 68-70 من سورة الفرقان.
- “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ“ الآية 186 من سورة البقرة.
- “لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ۚ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ” الآية 14 من سورة الرعد.
- “إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ“ الآية 9-10 من سورة الأنفال.
- “هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۗ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” الآية 65 من سورة غافر.
- “يَدْعُو مِن دُونِ اللهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ” الآية 12 من سورة الحج.
يُعد حكم دعاء غير الله عز وجل من المواضيع التي اهتم أهل العلم بالحديث عنها وتوضيحها بالدلائل والبراهين الموثقة من كتاب القرآن الكريم.
التعليقات