ما خطورة الشرك الأكبر على العمل؟ وما أنواع الشرك؟ إن الشرك بالله هو جعل هناك شريكًا في ربوبيته سبحانه وتعالى، فإن اعتقد المرء أنه يوجد مع الله خالق أو معين على الخلق فهو مشرك به، ومن اعتقد أن هناك من يستحق العبادة والتعظيم سوى الله فهو مشرك.. كذلك من اعتقد أن لله ندًا في صفاته وأسمائه العلا فهو مشرك بالله.

خطورة الشرك الأكبر على العمل

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

“أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» ثَلاثاً، قاَلوُا: بلَىَ ياَ رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «الإشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ»، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتّكِئاً «أَلا وَقُولُ الزُّوْرِ» قَال: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ” (صحيح).

من خطورة الشرك الأكبر على العمل أن الشرك محبطًا للعمل، مفسدًا لأجره وثوابه، ومسبب للخسارة والهلاك، فقد قال الله تعالى:

“وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ”

سورة الزمر الآية 65.. على أن خطر الشرك يكمن في عواقب أخرى أيضًا وهي:

  • يعد ظلم عظيم للنفس، لأن فيه اعتداء على حق الله تعالى على العباد وهو توحيده، كما أنه تنقص من رب العالمين.
  • إن الشرك يمثل استكبارًا عن طاعة الله وعبادته.
  • لا يشمل الله المشركين به بمغفرته ورحمته، فقد قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ” سورة النساء الآية 48
  • من خطورة الشرك الأكبر على العمل أن الله يجعل مثوى المشركين النار، وقد أوضح ذلك في محكم التنزيل في قوله تعالى: “إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ” (المائدة الآية 72).

أساس الشرك

إن القاعدة التي يُبنى عليها الشرك هي تعلق القلب بغير الله، وما يستتبع هذا التعلق من طاعة وتقديس وثناء وعبادة.. فمن يتعلق بغير الله يوكله الله إلى ما تعلق به ويبعده عن رحمته، فيخذل الله المشرك مما تعلق به، ويصير مذمومًا لا ناصر له ولا معين، هذا ما أوضحه الله في قوله تعالى: “لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا” سورة الإسراء الآية 22، على أن الشرك يتمثل في الإشراك بأسماء الله وصفاته وحكمه وعبادته.. حيث يتنوع بين شرك في الربوبية، وفي الطاعة، وفي العبادات.

أقسام الشرك

علمنا خطورة الشرك الأكبر على العمل.. لكن ما هو الشرك الأكبر؟ فللشرك أقسام يعنينا أن نذكرها فيما يلي:

أولًا: الشرك الأكبر

هو الخروج عن الملة، وهو الذي يعد محبطًا لكل الأعمال التي يقوم بها المرء، وإذا مات من على شرك ولم يتب منه فهو في النار، كما أنه يتمثل في الدعاء لغير الله، والذبح والنذر لأهل الجن والشياطين وغيرهم، وطلب الحاجات من غير الله.. وما يتمثل من صور أمام الأحجار والأصنام وعند قبور الأولياء، على أن للشرك الأكبر أنواع، وهي:

  • الشرك في المحبة: محبة الله الواحد تستلزم كمال الطاعة له وحده، على أن تكون خالصة لله، لا يشترك معه فيها أحد، فقد قال الله تعالى: “وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ” البقرة 165
  • الشرك في التوكل: من توكل على غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فقد أشرك بالله، فقد قال الله تعالى: “وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ” المائدة الآية 23
  • الشرك في الخوف: أن يخاف المشرك من غير الله واعتقاده بأنه من الممكن أن يصيبه بمكروه.. فقد قال الله تعالى: “فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ” آل عمران 175
  • الشرك في الطاعة: أي طاعة الغير فيما حرمه الله، أو طاعتهم في تحريم ما أحله الله، فيكون المرء اتخذ غير الله شريكًا في التشريع، وهذا ما تبين في قوله تعالى: “اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ” سورة التوبة الآية 31

ثانيًا: الشرك الأصغر

هو نوع من أنواع الشرك من شأنه إنقاص التوحيد إلا أنه لا يترتب عليه مثل خطورة الشرك الأكبر على العمل، حيث لا يُخرج المرء عن الملة.. في حين أنه وسيلة لا يُستهان بها إلى الشرك الأكبر.

على أنه يحبط العمل المقترن به لا جميع الأعمال، بمعنى أنه إن قام العبد بعمل معين يريد به الرياء وثناء الناس، فهذا يبطل عمله.. أما عن ذكر الشرك الأصغر في النصوص النقلية من القرآن والسنة المطهرة فجاء على النحو التالي:

  • “قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدً” سورة الكهف الآية 110
  • “قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيْهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ” رواه أبي هريرة في صحيح مسلم.

من أمثال الشرك الأصغر هو الحلف بغير الله، على أنه قد يستحيل إلى شرك أكبر، حسب ما في قلب العبد ونواياه، لذا يجب الحذر من الشرك في عمومه.

أفعال وأقوال من الشرك

هناك أفعال شائعة بين الشرك الأكبر والأصغر حسب نية صاحبها، تتنافى تلك الأفعال مع التوحيد.. فقد حذر الشرع منها، وهي:

  • نسبة النعم لغير الله، كمن ينسب الحصول على المال لفلان.
  • الاستسقاء بالنجوم، أي اعتبار أن نزول المطر يعزو إلى طلوع النجوم.
  • التنجيم والاستدلال بالأحوال الفلكية على علم الغيب.
  • ادعاء علم الغيب استنادًا إلى الكهانة والشياطين.
  • السحر بكل أنواعه، مما يؤثر في الأبدان والقلوب.
  • التبرك بشيء من مظاهر الطبيعة، وطلب البركة منها.
  • التشاؤم بالطيور والبقاع والأشخاص.. وهو التعلق بغير الله اعتقادًا بوجود الضرر من المخلوق.
  • تعليق التمائم، اتقاءً للعين.. بقصد دفع البلاء أو رفعه.

التخلص من الشرك بأنواعه

حتى لا ينال العبد خطورة الشرك الأكبر على العمل يجب عليه أن يحذر الشرك بأنواعه، بكافة جوارحه، على أن يتبع ما يلي:

  • تعلم العلوم الشرعية من مصادرها الصحيحة.
  • حضور مجالس الفقهاء والعلماء والدورات الشرعية.
  • الحفاظ على الصلاة في مواقيتها المحددة.
  • العمل على فهم ما جاء في أحاديث النبي الكريم.
  • إحصاء أسماء الحسنى.
  • تجنب الوحدة والانعزال.
  • التوكل على الله في كل شيء.
  • التحصن بالأدعية والأذكار.
  • مصاحبة الأخيار والصالحين.
  • التوبة إلى الله وتجديدها على الدوام.
  • ترك المعاصي ومجاهدة النفس.
  • المحافظة على الوضوء.

إن خطر الشرك كبير والضرر الناجم عنه جسيم في الدارين، لأنه ظلم في حق الله وظلم للعبد نفسه.