على ماذا تدل المخلوقات؟ وما النفع الذي يعود على المرء من التفكير في مخلوقات الله؟ لقد خلق الله المخلوقات جميعًا في هذا الكون، ولا شك في أنه كثيرًا ما تتردد علينا تساؤلات حول هذا الأمر، كأن يتساءل المرء ما النفع الذي سيعود عليه من التفكر في مخلوقات الله؟ وما الحكمة من خلقها؟ وما الدليل الذي تُشير عليه من الأساس، كل تلك الأسئلة وأكثر سوف نطرح أجوبتها من خلال السطور التالية.

على ماذا تدل المخلوقات

إذا أردنا الإجابة على سؤال على ماذا تدل المخلوقات لا نجد سوى إجابة واحدة طوال الوقت، وهي الدلالة على وجود الله الخالق عز وجل، حيث خلق الله المخلوقات جميعًا الحي منها وغير الحي.

كما أنه ميز كل مخلوق عن الآخر، ويُمكننا ملاحظة ذلك بسهولة تامة عندما نرى المخلوقات الحية التي ميزها الله ومنحها القدرة على التنفس والحركة والتكاثر، على عكس المخلوقات غير الحية التي لا تستطيع القيام بأي من ذلك.

كذلك خلق الله النباتات وأخرجها من الأراضي لكي تكون مصدر غذاء للمخلوقات الحية، ولا شك أنها مميزة عن غيرها من مخلوقات الله بأنها تقدم نفع كبير لما حولها من أفراد بني آدم، وذلك لأنها تنقي الهواء من ثاني أكسيد الكربون وتمده بالأكسجين، وهو ما يعين الإنسان على التنفس في كل الأوقات وبالتالي استمرار حياته بشكل طبيعي.

ثمرات التفكر في مخلوقات الله

لقد خلق الله الكون بما فيه من مخلوقات وميز كل منها عن الآخر بحكمة وإتقان، وبعد معرفة على ماذا تدل المخلوقات بشكل مفصل قد يتساءل الإنسان عن أهمية التفكر والتأمل في مخلوقات الله من حوله، ولا شك أن هذا التساؤل قد طرأ على عقول الكثير منا.

المقصود من التفكر هنا هو إشغال العقل بكل ما خلقه الله تعالى، وسؤال النفس عن الخالق للتعرف على مدى عظمته وقدرته وكمال مخلوقاته، وجدير بالذكر أن هذا النوع من التفكر يُعد إحدى العبادات الواجبة على كل إنسان، وهي العبادات الحسية والقلبية التي تعود بالنفع على الإنسان في نهاية الأمر، فيمتلك النقاط التالية من فوائد وثمار التفكر:

  • تعزيز نمو العقل والفكر، وذلك لأن التفكر يساعد على إعمال العقل بشكل أكبر، وبالتالي تعليمه كيف يُمكن القيام بعمليات البحث المستمر دائمًا.
  • التقرب من الله نظرًا لأن التفكر في مخلوقاته هو عبادة من العبادات التي دعانا الله إلى القيام بها في مواضع كثيرة في القرآن الكريم.
  • زيادة الرغبة في القيام بالأعمال الصالحة لجل النفس مستعدة للقاء الله في الدار الأخرة في أي وقت.
  • الخشية من الله، وبالتالي تجنب القيام بالمعاصي وكل ما نهى عنه الله تعالى في كتابه الكريم.
  • اكتشاف الإنسان ضعفه أمام الله، مما يؤدي إلى زيادة الإيمان بالله والتقرب منه بعد استيعاب قدرته التي تفوق كل شيء.
  • شعور الإنسان بالتواضع تجاه الله عز وجل.
  • زيادة التعلق بالله ونقاء الروح، فيصبح قلب المسلم والمؤمن بالله خالي من أي شك، بل يزداد يقينًا وإيمانًا بالله.
  • الإقرار بوحدانية الله وعدم مشاركته أحد في عبادته، واليقين بأن لا إله إلا الله وحده.

آيات تُشير إلى خلق الله

في ظل الإجابة على التساؤل المتكرر “على ماذا تدل المخلوقات؟ ” نجد أن هناك الكثير من الآيات القرآنية الكريمة التي يُمكن للإنسان الرجوع إليها في أي وقت للتفكر بخلق الله ومخلوقاته في الحياة، ومن ضمن تلك الآيات ما هو مذكور في السطور التالية:

“أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” الآية 79 من سورة النحل.

“هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ” الآية 5 من سورة يونس.

“وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ” الآية 22 من سورة الروم.

“وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” الآية 45 من سورة النور.

“وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ” الآية 13 من سورة النحل.

“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ” الآية 20 من سورة الروم.

“الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِنْ فُطُورٍ” الآية 3 من سورة الملك.

“وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ” الآية 97 من سورة الأنعام.

“وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ” الآية 29 من سورة الشورى.

“كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَىٰ” الآية 54 من سورة طه.

“وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ” الآية 98 من سورة الأنعام.

“تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا” الآية 61-62 من سورة الفرقان.

الحكمة من خلق الله المخلوقات

أحيانًا لا يكتفي المرء بمعرفة على ماذا تدل المخلوقات، بل يرغب في التعمق في تفاصيل الأمر ومعرفة الحكمة من خلق الله المخلوقات والكون من حوله، حيث لا شيء في هذه الحياة قد خلقه الله إلا وله حكمة معينة يعلمها وحده.

لقد خلق الله تعالى الكون أولًا قبل خلق الجنس البشري، فقام بتهيئته من خلال خلق الشمس والقمر والنهار والليل والبحار والأنهار والجبال والتلال وما شابه ذلك، ومن ثم بدأ في خلق الإنسان حتى يعيش حياته ويعبد ربه وحده ولا يشرك بعبادته أحد أبدًا، فخلق سيدنا آدم عليه السلام.

جاء الدليل على أن سيدنا آدم هو أول مخلوق بشري قد خلقه الله في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا” الآية 1 من سورة النساء، والمقصود بالنفس الواحدة هنا هو سيدنا آدم عليه السلام.

ثم خلق الله باقي مخلوقات الكون من كائنات كبيرة وصغيرة مثل الحيوانات والنباتات والحشرات، وغير ذلك من المخلوقات المتنوعة التي لا تُحصى، ولا شك أن لكل مخلوق من تلك المخلوقات غاية وحكمة من خلقه لا يعلمها إلا الله عز وجل.

لذا يجب على المرء الانشغال بمخلوقات الله من حوله والمعرفة بأن دلالتها هي وجود الله تعالى، أما الحكمة التي يراها الله وراء خلق تلك المخلوقات والكون بأكمله فهي سر غامض لا يعلمها إلا هو.

لقد خلق الله الكون بما فيه من مخلوقات بقدر كبير من الإبداع والدقة والإحكام، ولا شك أن تلك المخلوقات تحمل دلالة ما للإنسان في الحياة الدنيا.