هل كان الرسول يودع رمضان اللهم لا تجعله آخر العهد؟ وماهي الأدعية الصحيحة لتوديعه؟ إن من خير أيام الدنيا هي أيام شهر رمضان المبارك فهو الذي أنزل الله فيه آياتٌ بينات، كما أنه شهر الرحمات والمغفرة والعتق من النيران، ولقد حباه الله بليلة هي خير من ألف شهر وهي ليلة القدر، فكيف كان نبي الرحمة يودع خير الشهور وبماذا دعا الله في آخر الشهر؟ هذا ما سنعرفه فيما يلي.

كان الرسول يودع رمضان اللهم لا تجعله آخر العهد

من الأحاديث التي وردت في فضل شهر رمضان عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال:

“دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: في آخر جمعة من شهر رمضان، فلما بَصُر بي قال لي: يا جابر، هذه آخر جمعة من شهر رمضان فودِّعه، وقل: اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامنا إياه، فإن جعلتَه فاجعلني مرحومًا، ولا تجعلني محرومًا؛ فإنه مَن قال ذلك ظفِر بإحدى الحُسنيين، إمَّا ببلوغ شهر رمضان، وإمَّا بغفران الله ورحمته”.

في حقيقة الأمر أنه من قال كان الرسول يودع رمضان اللهم لا تجعله آخر العهد لا يصح عند علماء أهل السنة والجماعة أنه من الأحاديث التي لم ترد في كتب السنة بل ورد ذكرها في كتب الشيعة، فإنه يتوجب على المسلم أن يتحرى ممن يأخذ الأحاديث التي يعتمدها في حياته قبل أن يفعل ما تنص عليه أو نشره لإخوانه المسلمين.

أدعية صحيحة لوداع شهر رمضان

كما هناك الكثير من الأدعية التي وردت في وداع شهر الرحمة ومن المهم والضروري أن يدعوا بها المسلمون في الليلة الثلاثون من الشهر الكريم هي:

  • “اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًا إلا فرجته، ولا دينًا إلا قضيته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها يا ارحم الراحمين”.
  • “اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا وركوعنا وسجودنا وسائر أعمالنا، اللهم بلغنا رمضان القادم وأعنا على العمل فيه لما يرضيك”

هي من الأدعية الصحيحة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن المهم جدًا أن يدعوا الله دائمًا بغفران الذنوب، وتفريج الهموم والكروب، وكذلك أن يدعوا المسلم دائمًا بقضاء الديون له وللمسلمين، وأن يقضي الله عنا وعن أمه محمد حاجات الدنيا والآخرة فإنه أرحم بعباده من الأم بولدها سبحانه جل في علاه.

أحاديث صحيحة عن شهر رمضان

من الأحاديث التي ورد ذكرها عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل شهر الرحمات والبركات أيضًا ما يلي:

فقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه فإن أغمي عليكم فاقدروا له” رواه البخاري ومسلم.

في الحديث الشريف يحث الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على عدم الصيام إلا إذا استطاعوا رؤية الهلال بحيث يكون الأمر له من الضوابط ما تتحكم به وليس متروك لتقديرات البشر لأنه من الوارد كثيرًا الخطأ أو النسيان لتقديرات البشر.

كما أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أنه في حال عدم الاستطاعة في رؤية الهلال وقتها نستعين بتقدير من لهم خبرة وصلة بالأمر، وقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“إذا جاء رمضان، فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين” رواه مسلم.

في الحديث الشريف ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فضل شهر رمضان الكريم وما يحدث به من رحمات من الله للمسلمين، حيث إن أبواب الجنان تفتح مع بداية الشهر المبارك وهذا ما يوحي أنه من عظيم ما جعل الله للمسلمين أن يتقبل الله منهم أعمالهم الصالحة كلها.

بالإضافة إلى إغلاق أبواب النيران وهو ما يعطي الدافع للمسلم أن يبتعد عن المعاصي وعما نهى الله تعالى عنه من خلال ما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن الله يهيئ الكون لعبادته دون وجود رمز الشر في الأرض وهم مردة الشياطين وهذا ما يعين المسلم أيضًا على فعل ما أمر الله به.

الأحاديث غير الصحيحة عن شهر رمضان

نتيجة لعدم تحري المسلمين عن الأحاديث التي يأخذونها عن فضل رمضان وغيره من الشهور فإنه قد اشتهر في الآونة الأخيرة العديد من الأحاديث غير الصحيحة عن رمضان وليس فقط ما جاء في كان الرسول يودع رمضان اللهم لا تجعله آخر العهد.

كما أن هذه الأحاديث قد ضعفها علماء أهل السنة والجماعة وخاصةً علماء الحديث ومنهم من قال عنها أنها باطلة لا تصح عن خير الورى محمد صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الأحاديث ما نذكره فيما يلي:

“قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، من فّطر فيه صائمًا كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء”.

هذا من الأحاديث التي حكم عليها علماء الحديث بالضعف والبطلان فهو لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل شهر رمضان، والذي انتشر سريعًا على مواقع التواصل الاجتماعي واستخدمه الكثيرين في تذكير بعضهم البعض في فضل الشهر الكريم.

لكن من واجب المسلم أن يتحرى جيدًا عما يأخذ من الأحاديث والأدعية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليتأكد أنه ليس فقط كان الرسول يودع رمضان اللهم لا تجعله آخر العهد ما به ضعف.

كما ورد: “إذا كان أول ليلة من رمضان، فتحت أبواب السماء فلا يغلق منها باب: حتى يكون آخر ليلة من رمضان، وليس عبد مؤمن يصلي في ليلة فيها، إلا كتب الله له ألفا وخمسمائة حسنة بكل سجدة، وبنى الله له بيتًا في الجنة من يا قوته حمراء، فإذا صام أول يوم في يوم في رمضان غفر له كما تقدم من ذنبه إلى ذلك اليوم من شهر ر مضان، واستغفر له سبعون ألفًا من الملائكة من صلاة الغداة إلى أن توارى بالحجاب وكان له بكل سجدة يسجدها في شهر رمضان بليل أو نهار شجرة يسير الراكب في ظلها خمسمائة عام”.

هو من أكثر الأحاديث ضعفًا والتي يصدرها أهل الشيعة لنشر الفتنة والاستهانة بعبادة الشهر الكريم والسير على نفس النهج الذي سار عليه علمائهم، لذلك من الواجب على المسلم أن يتحرى وأن يتعلم أكثر حول علم الحديث وأن يقرأ أكثر فيما يخص دينه وعقيدته.

إن شهر رمضان من يمتلك القدرة على إسعاد كل مسلم ومسلمة على ظهر الكوكب، لذا فإنه ينبغي علينا استغلاله أحسن استغلال وأن يتأكد من صحة ما ورد عنه.