كل لهو يضل عن سبيل الله فهو يمكن أن يجعل الإنسان يخسر دنياه وأخراه، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى قد أمر المسلم بالعبادات والطاعات وأمره بما يجب أن يسير عليه في حياته، فإذا انشغل الإنسان عن تلك الأوامر وفعل النواهي التي نهاه الله عنها فهو في خطر، لذا نتطرق لمعرفة المزيد حول هذا الأمر في موضوع اليوم.

كل لهو يضل عن سبيل الله فهو

من العلماء من قال إن كل لهو يضل عن سبيل الله فهو حرام بقول الجمهور وذلك لأن اللهو في الأمور سواء في الحديث أو الأعمال يشغل الناس عن الهدف الأساسي الذي خلقهم الله سبحانه وتعالى لأجله وهو عبادته وألا نشرك به أحدًا، لذلك حرم العلماء ما يشغل الإنسان عن عبادته.

معنى كلمة اللهو

اللهو هو اللعب أو التسلية أو ما يشغل الإنسان عن أداء ما عليه من واجبات سواء تجاه نفسه أو مجتمعه أو دينه ولكن من أخطر الملهيات أن يلتهي الإنسان بالدنيا عن الدين، وأن يعمل ما حرمه الله وأن يبتعد عما أمره الله به فهذا فيه خسارة الإنسان لدنياه لأنه لا يقوم بفعل أمر يفيده من أمور الدنيا ويخسر بها آخرته والتي هي مرجع الإنسان في نهاية الأمر.

ذكر اللهو في القرآن

لقد ذكر الله سبحانه وتعالى اللهو في قرآنه الكريم في الكثير من الآيات نذكرها في هذه الفقرة، إن من الأسباب التي تجعل الإنسان أن يتذوق جمال وإعجاز ما ورد في القرآن العظيم هو أن يتدبره ويفهم معانيه، فقد ذكر الله سبحانه وتعالى اللهو في الكثير من الأمور ولكن نبدأ بما ذكر الله عز وجل عن اللهو في التجارة.

لقد ذكر الله في سورة الجمعة (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ولقد ذكر الله في هذه الآية اللهو مرتين، وتلك نزلت في قوم كانوا حول النبي صلى الله عليه وسلم وحين رأوا قافلة تجارية قد وصلت انفضوا من حول النبي وذهبوا للشراء لذلك أنزل الله تلك الآيات فيهم.

من لطيف ما ذكر في الآية أن جاءت كلمة التجارة وبعدها لفظة اللهو وهذا يعني انهم بعد أن يتمتعوا بشراء البضائع سوف يلتهون باللعب والاستمتاع بها ويفوتون فرصتهم للاستفادة التي جلس النبي صلى الله عليه وسلم ليحققها لهم.

أما عن ذكر الله سبحانه وتعالى لفظة اللهو مرة أخرى في قوله (قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ) إن هذه الآية كانت عامة وشملت اللهو بكل أنواعه وما نشهده في هذا الزمان من لهو الحديث ولهو التكنولوجيا التي وصل إليها الإنسان.

أما ذكر اللهو مع اللعب في القرآن فقد ذكره الله في الكثير من المواطن في ضوء ذلك يجب على الإنسان أن يفهم حقيقة الدنيا وأنها دار لعب ليس إلا كما قال الله في الآيات:

  • (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) سورة الأنعام.
  • (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) سورة العنكبوت.
  • (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ) سورة محمد.
  • (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) سورة الحديد.

كلها آيات ليذكر الله الإنسان بحقيقة الدنيا أنها دار لعب ولهو وأنها ليست دار مستقر وليست الدار الحق، لذلك لا ينبغي على الإنسان أن يغفل عن حقيقة الدنيا وأن يعطيها أكبر مما تستحق.

كما أن الله سبحانه وتعالى قد ذكر في كتابه وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌوقد جاء في تفسير تلك الآية أن اللهو هو كل باطل لا خير فيه ولا منفعة حقيقية للناس كقول الفحش أو قول الأساطير والخرافات فهي من لهو الحديث.

فقد ذهب أهل التفسير أنها قد نزلت في النضر بن الحارث والذي كان يعمل بالتجارة، حتى إنه كان يخرج إلى فارس يأتي بالحكايات ويحدث بها اهل قريش ويقول محمد يحدثكم بأخبار عاد وثمود وأنا أحدثكم بأخبار رستم والأكاسرة فيحكي لهم القصص ويستمعون إليه.

هذا ما كان يفعل أن يشتري لهو الحديث ليضل الناس عن طريق الحق، أما عن الآية بوجه عام فهي يدخل بها عامة الناس ومن يشري لهو الكلام ليضلل الناس عن طريق الهداية ليست خاصة بفئة معينة.

في سياق كل لهو يضل عن سبيل الله فهو باطل يطرح المفسرون سؤالًا من الأهمية بمكان أن نعرفه وهو: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِهل يشتريه بغير علم؟ أم يضل بغير علم؟ وقد ضرب المفسرون مثل بالتجارة ليشتري الإنسان بغير علم لا يعلم ماذا يشتري، هل ما يشتريه في صالحه أم لا؟ لأن الإنسان عندما يشتري البضاعة فإنه يشتري ما يلزمه وينفعه وإلا ما يشتريه بدون علم ذلك سوف يلقى به في الهلاك.

أنه يجب على الإنسان أن يشتري الحكمة والموعظة الحسنة ليس الخرافات والأساطير، لأنه وفي حالة اشتري الخرافات لن يضر نفسه فقط بل غيره معه ويحمل وزره أيضا كما قال الحق في كتابه “يَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ”

على الإنسان في كل وقت أن يترقب ما يقول وما يسمع لأن كل ما نقول هو مسجل” ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد” لذلك على الإنسان أن يتحلى بكريم الصفات وعظيم الأقوال لكي يفوز بالدارين.