كم عدد شروط الصلاة وما هي أركانها؟ إن الصلاة أجلّ عبادة في الإسلام، هي الصلة بين العبد وربه والركن الركين في الإيمان بالله وعبادته حق العبادة، وهي عماد الدين، من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين، وفي أدائها شروط وأركان وأحكام بوسعنا أن نشير إليها في الفقرات التالية.

كم عدد شروط الصلاة

إن الصلاة ركن من أركان الإسلام واجب على كل مسلم ومسلمة في ظل توافر بعض الشروط، كما أن لها أركان وسنن، إلا أن شروط الصلاة مجتمعة تعتبر ثمانية: (الإسلام، البلوغ، العقل، الطهارة، الخلو من موانع الصلاة، دخول الوقت، ستر العورة، استقبال القبلة) لنا أن نشير لها تفصيلًا بالبدء في الحديث عن شروط الصلاة كما يلي:

1- شرط الإسلام

حيث إن الكافر لا يُقبل منه عمل، فعمله مردود، إلا أن المسلم هو من لديه الفرصة في قبول عمله، والدليل على ذلك قول الله تعالى: “مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17)” سورة التوبة.

2- التمييز والعقل

أنعم الله على العباد بالعقل حتى يكون لديهم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، على أن المجنون مرفوع عنه القلم حتى يعقل، أما التمييز فهو مقترن بوصول سن معين، وهو أن يكون تخطى السبع سنوات من عمره، فقد قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سنينَ واضربوهُم عليها وهمْ أبناءُ عشرٍ وفرِّقوا بينهُم في المضاجعِ” (صحيح).

3- رفع الحدث وإزالة النجس

هو الوضوء بشروطه المعروفة، فهو ما يعني الطهارة، والذي يستوجب إزالة كل ما يمنع وصول الماء إلى البشرة حتى تطهر، ويقتضي خطوات وآداب معينة، وله نواقض تبطله، إلا أنه من شروط الصلاة الأساسية، على أن تتم إزالة النجاسة من البدن والثوب، فقد أمر الله تعالى رسوله الكريم بتطهير ثيابه، وكان ذلك شرطًا للصلاة.

4- استقبال القبلة

قال الله تعالى في سورة البقرة: “قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)” سورة البقرة، فيجب عند الصلاة معرفة وجهة القبلة واستقبالها، حتى تكون الصلاة صحيحة أينما أداها العبد.

5- استحضار النية

من شروط الصلاة أن يكون العبد مستحضرًا في قلبه النية قبل أدائها، فالأعمال كافتها تقام بالنوايا، أما التلفظ بها فمن البدع إنما النية محلها القلب.

6- ستر العورة

تفسد الصلاة عند جموع الفقهاء عندما يصلي أحدهم عاريًا وهو قادر على السترة، وحد العورة للرجل من السرة إلى الركبة وكذلك الأمة عورتها كلها إلا وجهها.. لذا من شروط الصلاة أن تُستر العورات.

7- دخول وقت الصلاة

إن الصلاة لها وقت محدد مفروض، وجاء ذلك في غير موضع من القرآن، ففي سورة الإسراء قال الله تعالى: “أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)”، وكذلك قال سبحانه وتعالى في سورة النساء: “فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103)“.

أركان الصلاة

للصلاة عدة أركان يجب على المسلم أن يقوم بها تباعًا، دون إخلال في أي منها، فما إن سقط منها ركن سهوًا هناك سجدة سهو عند تدارك الغفلة، أما ما سقط منه عمدًا فتعتبر الصلاة باطلة لإخلال ركن أساسي من أركانها، لاسيما الواجبات منها.. وتلك الأركان هي:

  • القيام مع القدرة: فقد قال الله تعالى: “حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)” في سورة البقرة.
  • تكبيرة الإحرام: ويكون بعدها الاستفتاح بالثناء على الله، فلا معبود في السماء والأرض بحق سواه.
  • قراءة الفاتحة: والتي تبدأ بالاستعاذة والتسمية، وتكون ركن ركين في كل ركعة من الصلاة، ولها من الأهمية الكثير فقد جاء في حديث: لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ” (صحيح البخاري).
  • الركوع: يكون فيه دعاء بسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ويكرر ثلاثًا.
  • السجود: على الأعضاء السبعة، وإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.
  • الجلسة بين الركعتين: أو بين الجلستين، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)” سورة الحج.
  • الترتيب: هو ركن أساسي في الصلاة، فلا صلاة دون ترتيب لخطواتها كاملة تباعًا كما هي دون إخلال.
  • التشهد الأخير: فيه تكون الصلاة على النبيّ والتسليمتين.. وهو ركن أساسي مفروض.

واجبات الصلاة

هنا نفرق بين السنن والواجبات في شروط الصلاة وأركانها، فهناك أركان ثابتة قد أشرنا إليها آنفًا، وفيما عداها هناك السنن والواجبات، فأما الواجبات هي:

  • التشهد الأول والجلوس له
  • التسبيح في الركوع
  • التسبيح في السجود
  • قول ربي اغفر لي بين السجدتين في الجلوس
  • التحميد بعد الرفع من الركوع
  • التسميع عند الرفع من الركوع
  • تكبيرات الانتقال بين بدئه وانتهائه

هنا نوضح الفرق بين الركن والواجب، فالركن إذا تركه المصلي عن سهو أو نسيان ثم ذكره فيجب أن يؤديه ويسجد سهوًا، أما الواجب فليس له إتيانه.

سُنن الصلاة

فيما عدا شروط الصلاة وواجباتها وأركانها المذكورة، نذكر هاهنا ما تيسر من السنن في الصلاة كما يلي:

  • التأمين عند الانتهاء من فاتحة الكتاب، سرًا أو جهرًا حسب الصلاة.
  • قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة في أول ركعتين.
  • وضع اليد اليمنى على اليسرى عند القيام.
  • دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام.
  • رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع.
  • الزيادة على تسبيحة واحدة في الركوع والسجود.
  • الاعتماد على الركبتين عند القيام.

مكروهات الصلاة

تطرقنا فيما سبق إلى شروط الصلاة وأركانها، وبقي لنا أن نشير إلى الأمور التي تعتبر من قبيل مكروهات الصلاة، وهي:

  • إلصاق البطن بالفخذين عند السجود.
  • الحركة لغير الحاجة.
  • العبث باليد أو اللحية والالتفات.
  • التشبه بجلوس الحيوان عند التشهد.
  • التشبه بالكفار في وضع اليدين على الخاصرة.
  • التلثم، أي تغطية الفم.
  • ضم الشعر والثوب معًا.
  • اشتمال الصماء بأن يتجلل الرجل بثوبه ولا يرفع منه جانبًا.

حكم تارك الصلاة

لا يعتد به كافرًا أو مرتدًا، بل هو آثمًا لكونه ارتكب فعل من الكبائر، فهو جاحدًا لفضل الله، منكرًا لفرض الصلاة وهو من فروض الإسلام، لذا يعد منكرًا للدين.. لذا يُجازى بتركه الصلاة أشد جزاء، أما من يترك الصلاة تكاسلًا منه مع اعترافه بالتقصير والذنب عليه أن يتوب إلى الله ويؤدي ما فرط فيه من الصلاة وقبول توبته بيد الله وحده.

إن الصلاة واجبة على المسلمين، يجب الحفاظ عليها وعدم التغافل في أدائها، ففيها يتجلى القرب من الله وتجمع بذاتها بين عبادات كثيرة، من التدبر والدعاء وقراءة القرآن.. والخشوع إلى الله تعالى.